انتهت حرب أمريكا فى أفغانستان.. ولكن ماذا عن العراق وإيران؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:41 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتهت حرب أمريكا فى أفغانستان.. ولكن ماذا عن العراق وإيران؟

نشر فى : السبت 17 يوليه 2021 - 7:40 م | آخر تحديث : السبت 17 يوليه 2021 - 7:40 م

نشر مركز Global Research مقالا للكاتبة ميديا بينيامين ولكلاتب نيكولاس دايفيس عن وجوب الانسحاب الأمريكية من العراق والتوصل إلى اتفاق نووى مع إيران؛ لإنهاء دور أمريكا المزعزع فى الشرق الأوسط.. نعرض منه ما يلى.

بدأ تجار الخردة الأفغان بالبحث عما تبقى من معدات عسكرية أمريكية فى قاعدة باجرام الجوية التى كانت حتى وقت قريب المقر الرئيسى للاحتلال الأمريكى لبلادهم لمدة 20 عامًا. ويقول مسئولون أفغان إن آخر القوات الأمريكية انسحب من باجرام ليلا دون إشعار أو تنسيق. تقوم طالبان بسرعة بتوسيع سيطرتها على مئات المناطق، عادة من خلال المفاوضات مع القادة المحليين، ولا يغيب استخدام القوة عندما ترفض القوات الموالية لحكومة كابول التخلى عن مواقعها وأسلحتها. وفى الأسابيع القليلة الماضية، سيطرت طالبان على ثلث البلاد.
يأمل أصحاب الضمائر حول العالم فى مستقبل سلمى لشعب أفغانستان، لكن الدور الوحيد الذى يمكن للولايات المتحدة لعبه هناك الآن هو دفع تعويضات، بأى شكل من الأشكال، عن الضرر الذى أحدثته والوفيات التى تسببت فيها. ويجب أن تتوقف الطبقة السياسية الأمريكية ووسائل الإعلام عن التفكير فى كيف يمكن قتل الأفغان بعد الانسحاب؟. خسرت أمريكا والحكومة الموالية لها هذه الحرب، الآن المستقبل متروك للأفغان لرسمه.
•••
إذًا ماذا عن مسرح الجريمة الأمريكى الآخر، العراق؟ لا تذكر وسائل الإعلام الأمريكية الخاصة العراق إلا عندما تريد فجأة أن تذكرنا بأن إلقاء أكثر من 150 ألف قنبلة وصاروخ على العراق وسوريا منذ 2001 لم يكونوا كافيين. وأن إسقاط المزيد على حلفاء إيران سيحول دون بدء حرب واسعة النطاق مع إيران. لكن بالنسبة لـ40 مليون عراقى، كما هو الحال بالنسبة لـ40 مليون أفغانى، فإن ساحات المعارك الأمريكية هى بلادهم، وليس مجرد قصة إخبارية.
نزل الشباب العراقى إلى الشوارع فى عام 2019 للاحتجاج على 16 عامًا من فساد الحكومة العراقية، التى سلمتها أمريكا مقاليد السلطة، وفشلها فى توفير الوظائف والخدمات الأساسية لشعبها، والاحتجاج أيضا على تدخلات أمريكا وإيران.
تشكلت حكومة جديدة فى مايو 2020، برئاسة مصطفى الكاظمى، رئيس جهاز المخابرات العراقية سابقًا. بدأ الكاظمى تحقيقات فى اختلاس 150 مليار دولار من عائدات النفط العراقى من قبل مسئولين فى الحكومات السابقة، الذين كانوا فى الغالب منفيين سابقين فى الغرب. وهو يحاول إنقاذ بلاده، بعد كل ما مرت به، من أن تصبح خط المواجهة فى حرب أمريكية جديدة على إيران.
استهدفت الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة قوات الحشد الشعبى، والتى تشكلت عام 2014 لمحاربة تنظيم داعش. تضم قوات الحشد الشعبى الآن حوالى 130 ألف جندى فى 40 وحدة مختلفة أو أكثر. تم تجنيد معظمهم من قبل الأحزاب والجماعات السياسية العراقية الموالية لإيران، لكنهم جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة العراقية ويُنسب إليهم لعب دور حاسم فى الحرب ضد داعش.
•••
تصور وسائل الإعلام الغربية قوات الحشد الشعبى على أنها ميليشيات يمكن لإيران استخدامها كسلاح ضد الولايات المتحدة، لكن هذه الوحدات لها مصالحها وهياكل صنع قرار خاصة بها. عندما حاولت إيران تهدئة التوترات مع الولايات المتحدة، لم تكن دائمًا قادرة على السيطرة على قوات الحشد الشعبى. طلب اللواء حيدر الأفغانى، ضابط الحرس الثورى الإيرانى المسئول عن التنسيق مع قوات الحشد الشعبى، مؤخرًا نقله إلى خارج العراق، قائلا إن قوات الحشد الشعبى لا تعيره اهتماما.
منذ اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليمانى وقائد الحشد الشعبى أبومهدى المهندس فى يناير 2020، كانت قوات الحشد الشعبى مصممة على إخراج آخر قوات الاحتلال الأمريكية المتبقية من العراق. وبعد الاغتيال، أصدر مجلس الأمة العراقى قرارا يطالب القوات الأمريكية بمغادرة العراق. فى أعقاب الضربات الجوية الأمريكية ضد وحدات الحشد الشعبى فى فبراير، اتفق العراق والولايات المتحدة فى أوائل أبريل على خروج القوات القتالية الأمريكية قريبا.
لكن لم يتم تحديد موعد، ولم يتم التوقيع على اتفاق، والعديد من العراقيين لا يعتقدون أن القوات الأمريكية ستغادر، ولا يثقون فى الحكومة لتحقيق ذلك. مع مرور الوقت، وبدون اتفاق رسمى، رفضت بعض قوات الحشد الشعبى دعوات التهدئة من حكومتها ومن إيران، وصعدت الهجمات على القوات الأمريكية.
فى الوقت نفسه، أثارت محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووى لخطة العمل الشاملة المشتركة مخاوف بين قادة الحشد الشعبى من أن إيران قد تضحى بهم كورقة مساومة فى اتفاق نووى أعيد التفاوض بشأنه مع الولايات المتحدة.
لذلك، من أجل البقاء، أصبح قادة الحشد الشعبى أكثر استقلالية عن إيران، وأقاموا علاقة أوثق مع رئيس الوزراء الكاظمى. تجلى ذلك فى حضور الكاظمى عرضًا عسكريًا ضخمًا فى يونيو 2021 للاحتفال بالذكرى السابعة لتأسيس الحشد الشعبى.
فى اليوم التالى، قصفت الولايات المتحدة قوات الحشد الشعبى فى العراق وسوريا، مما أثار إدانة علنية من الكاظمى وحكومته باعتبارها انتهاكًا للسيادة العراقية. بعد شن ضربات انتقامية، أعلنت قوات الحشد الشعبى وقفا جديدا لإطلاق النار فى 29 يونيو، على ما يبدو لمنح الحكومة مزيدا من الوقت للانتهاء من اتفاق الانسحاب. لكن بعد ستة أيام، استأنف بعضهم هجمات بالصواريخ والطائرات المسيَّرة على أهداف أمريكية.
•••
الضربات الجوية الأمريكية لم تؤدِ إلا إلى تصاعد التوترات. إذا ردت القوات الأمريكية بضربات جوية، يمكن لقوات الحشد الشعبى وحلفاء إيران فى جميع أنحاء المنطقة الرد بهجمات أكثر انتشارًا على القواعد الأمريكية. وكلما زاد هذا التصعيد واستغرق التفاوض على اتفاق انسحاب حقيقى وقتًا أطول، زاد الضغط الذى سيقع على الحكومة العراقية من قوات الحشد الشعبى وقطاعات أخرى من المجتمع العراقى.
المبرر الرسمى للوجود الأمريكى، وكذلك وجود قوات الناتو التدريبية فى كردستان العراق، هو أن داعش لا تزال نشطة. قتل انتحارى 32 شخصًا فى بغداد فى يناير، ولا يزال تنظيم القاعدة يتمتع بجاذبية قوية فى جميع أنحاء المنطقة بسبب قمع وفساد واخفاقات الحكومات المتعاقبة فى العراق بعد عام 2003.
لكن من الواضح أن الولايات المتحدة لديها سبب آخر للاحتفاظ بقواتها فى العراق، كقاعدة أمامية فى حربها المحتدمة على إيران. هذا هو بالضبط ما يحاول الكاظمى تجنبه من خلال استبدال القوات الأمريكية بمهمة تدريب مؤلفة من القوات الدنماركية والبريطانية والتركية بقيادة الدنمارك فى حلف شمال الأطلسى فى كردستان العراق.
إذا انضم بايدن إلى الاتفاقية النووية مع إيران سريعا، فستقل التوترات، وسترجع القوات الأمريكية إلى الوطن. ولكن، بدلا من ذلك، استمر بايدن فى سياسة ترامب تجاه إيران من خلال استخدام «الضغط الأقصى» كشكل من أشكال «النفوذ»، ما أدى إلى تصعيد الموقف مرة أخرى والدخول فى لعبة لن تستطيع أمريكا الفوز فيها.
•••
الانسحاب الأمريكى من العراق والاتفاق النووى مترابطان وجزءان أساسيان من سياسة تحسين العلاقات الأمريكية الإيرانية وإنهاء دور الولايات المتحدة العدائى والمزعزع للاستقرار فى الشرق الأوسط. العنصر الثالث لمنطقة أكثر استقرارًا وسلمًا هو التواصل الدبلوماسى بين إيران والمملكة العربية السعودية، يلعب فيه العراق دور الوسيط.
لا يزال مصير الاتفاق النووى الإيرانى غير مؤكد. انتهت الجولة السادسة من الدبلوماسية المكوكية فى فيينا يوم 20 يونيو، ولم يتم تحديد موعد للجولة السابعة حتى الآن. يبدو التزام الرئيس بايدن بالانضمام إلى الاتفاقية مهتز أكثر من أى وقت مضى، وقد أعلن الرئيس الإيرانى المنتخب رئيسى أنه لن يسمح للأمريكيين بالاستمرار فى سحب المفاوضات.
فى مقابلة فى 25 يونيو، هدد وزير الخارجية الأمريكى بلينكين بالانسحاب من المحادثات كليًا. وقال إنه إذا استمرت إيران فى تطوير أجهزة الطرد المركزى، فسيصعب على الولايات المتحدة العودة إلى الصفقة الأصلية. ولدى سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة قد تنسحب من المفاوضات، أو متى ستنسحب، قال: «لا يمكننى تحديد موعد لها، لكنه يقترب». ما يجب أن «يقترب» حقًا هو انسحاب القوات الأمريكية من العراق. بينما يتم تصوير أفغانستان على أنها «أطول حرب» خاضتها الولايات المتحدة، ظل الجيش الأمريكى يقصف العراق على مدار 26 عامًا فى الأعوام الثلاثين الماضية.
يبدو أن بايدن تعلم الدرس فى أفغانستان وهو أن الولايات المتحدة لا تستطيع تنصيب الحكومات العميلة للولايات المتحدة كما تشاء. تنطبق نفس دروس التاريخ على العراق. لقد تسببت الولايات المتحدة بالفعل فى الكثير من الموت والبؤس للشعب العراقى، ودمرت العديد من مدنه الجميلة، وأطلقت الكثير من العنف الطائفى وتعصب داعش. تمامًا مثل إغلاق قاعدة باجرام الضخمة فى أفغانستان، يجب على بايدن تفكيك القواعد المتبقية فى العراق وإعادة القوات إلى الوطن.
للشعب العراقى نفس الحق فى تقرير مستقبله مثل شعب أفغانستان، ولكل دول الشرق الأوسط الحق فى العيش بسلام، دون تهديد القنابل والصواريخ الأمريكية المعلقة دائمًا على رءوس أطفالهم.
دعونا نأمل أن يكون بايدن قد تعلم درسًا تاريخيًا آخر: يجب على الولايات المتحدة التوقف عن غزو ومهاجمة الدول الأخرى.

النص الأصلى هنا

التعليقات