ممثلون.. بلا حدود - كمال رمزي - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 8:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ممثلون.. بلا حدود

نشر فى : السبت 17 أكتوبر 2009 - 10:13 ص | آخر تحديث : السبت 17 أكتوبر 2009 - 10:13 ص

 ثلاثة ممثلين كبار، على الأقل، تألقوا فى المسلسلات الأخيرة. لم تكتب لهم أدوار البطولة، لكن الشخصيات الثانوية التى أسندت لهم، غدت نابضة بالحضور والحياة، يتفهمها المتفرج تماما، يدرك دوافعها ويعايش انفعالاتها، مهما كانت مركبة أو متضاربة، وذلك بفضل لمساتهم الإبداعية المستقلة، المتميزة، التى تجمع بين الموهبة والخبرة، مما جعل متابعتهم أقرب للمتعة الفنية الخالصة. إنهم من دون ترتيب لطفى لبيب، وعبدالعزيز مخيون، ونبيل الحلفاوى.

فى «الرحايا»، يجسد لطفى لبيب شخصية الرجل الخبيث، يمتلئ قلبه بالضغينة، صوته الذى لا يرتفع يبدو أقرب لفحيح الثعبان، اختار خطواته على طريقة مشية الغراب. ولأن لبيب ليس من النوع الذى يعتمد على المغالاة والأداء الخارجى، فإنه تعمد أن يجعل فكه السفلى متقدما عن فكه العلوى، مما يعطى إحساسا بضيقه الدائم، ونظراته لا تكتحل أبدا بأى محبة أو رضا، بل يبدو كما لو أنه ينظر داخل نفسه المعتمة.

لطفى لبيب، فى تقديرى، دخل للشخصية عن طريق «ياجو»، أكثر أبطال شكسبير شرا، فهو مثله، تأكله الغيرة من الداخل، ولأنه الأضعف، جثمانيا وماليا، فإنه يلجأ للحيلة والدهاء. لا تكتسى عيناه بالنشوة إلا حين تلوح بوادر نجاح مؤامرته.

عبدالعزيز مخيون، يشاهد الحياة ولا يعيشها فى «ابن الأرندلى» لذا فإنه الوحيد فى المسلسل، الذى يطل من الشرفة، يتنصت من وراء باب شقته، يرتدى «بيجامة» قديمة، شأنها فى هذا شأن كل ملابسه، توغل مخيون فى عمق شخصية البخيل المتوجس، وعبر عنها بتردده فى إلقائه لكلماته، وفى جلسته غير المستقرة مع جارته «معالى زايد»، ويعطى إحساسا بأنه يريد الاستمرار معها ومغادرة المكان فى آنٍ واحد، ويصل إلى درجة رفيعة من التمكن حين يهدده «يحيى الفخرانى» ويحذره من مغبة التعرض لجارته. رد فعل مخيون هو الانسحاب داخل ذاته، بعيون جاحظة لا يستطيع إغماضها أو تحريكها. فقط يريد الهرب. إنه بكلمتين «فأر بشرى».

أما نبيل الحلفاوى، بقلبه العامر بالنبل، وروحه المليئة بالشهامة، فإنه يعبر ببلاغة عن نقطة ضوء فى مسلسل «المصراوية»، وتتجلى طاقته الفنية عندما يعبر عن صراعه الداخلى بين الواجب والعاطفة، بين اللائق وغير اللائق، فها هو فى أحد المشاهد يخفق قلبه بالفتاة الوديعة التى تصغره بعشرات الأعوام، ويفصله عنها عدة أمتار، فهى تجلس فى الصالة وهو يقعد على كرسيه فى الحجرة المواجهة، يجفل حين يقع بصره عليها فيكاد يذوب فى الغواية، يهرب بنظراته لكن لا يستطيع الفرار. يلتفت نحوها فتتصادم عيونهم، عنذئذ يبدو على ملامحه كما لو أنه طعن طعنة فيها من المتعة بقدر ما فيها من ألم. إنه كما الحال بالنسبة لعبدالعزيز مخيون ولطفى لبيب، ملح المسلسلات الذى يمنحها مذاقا فريدا.

كمال رمزي كاتب صحفي
التعليقات