يوآف ليمور
يمكننا افتراض أن الهجوم الذى وقع فى طابا منذ أيام لم يفاجئ أحدا فى مصر. فخلال الأشهر الأخيرة واجهت القاهرة موجة عاتية من الإرهاب مصدرها الجهاد العالمى ومركزها سيناء وهدفها المعلن اسقاط الحكم العسكرى وقيام نظام إسلامى متشدد مكانه.
إن من يقف وراء أغلبية الهجمات بما فى ذلك الهجوم الذى وقع واستهدف باصا للسياح الكوريين، هو التنظيم الارهابى الأكبر الذى ينشط حاليا على الأراضى المصرية أى أنصار بيت المقدس. فقد سبق لأعضاء هذا التنظيم أن شاركوا قبل سنتين ونصف السنة فى الهجوم الذى وقع على طريق 12 سنة 2012 وتسبب بمقتل ثمانية إسرائيليين، وهم الذين قاموا باختراق مدرع للأراضى الإسرائيلية فى حادث قُتل فيه أيضا رجال شرطة مصريون خلال شهر رمضان، إلى جانب الهجمات الأخرى التى وقعت فى سيناء وقلب مصر، وكانت موجهة فى أغلبيتها ضد أهداف حكومية وقوات الأمن المصرية، وجزء منها ضد أهداف إسرائيلية، بما فى ذلك حوادث إطلاق الصواريخ على إيلات. يضم تنظيم أنصار بيت المقدس مئات النشطاء أغلبيتهم من البدو من مواليد سيناء انخرطوا فى النشاطات الإرهابية لأسباب اقتصادية ودينية، إلى جانب أقلية من الأجانب من خريجى حربى العراق وأفغانستان الذين حملوا معهم خبرة ومعرفة عسكرية كبيرة. وهم عقائديا ينتمون إلى فكر تنظيم القاعدة الذى جعل الهدف المعلن له ضرب الأنظمة العربية المعتدلة فى الدول العربية من أجل تحقيق هدفين: إقامة الخلافة الإسلامية، ومحاربة إسرائيل.
لقد تركز اهتمام القاهرة والقدس خلال الأشهر الماضية على معالجة الخطر المتزايد للجهاد العالمى، وهما تتعاونان فى الحرب ضد هذا الخطر لاعتقادهما أن كل هجوم يقع ستكون له انعكاسات استراتيجية بعيدة المدى. وفى إطار هذا التعاون يجرى الجيش المصرى عملية واسعة النطاق فى سيناء بالدبابات والطوافات الحربية، فى محاولة للقضاء على العناصر الارهابية وملاحقتهم.
إن الهجوم الذى وقع هو واحد من سلسلة هجمات حدثت خلال الأسابيع الأخيرة فى المدن الكبرى فى مصر ضمن صراع لايزال طويلا. وبعكس ما نشرته وسائل الاعلام المصرية، فلا علاقة لهذا الهجوم بمحاكمة الرئيس السابق محمد مرسى، لكن السلطات المصرية تستغل الحادث جيدا لأهداف دعائية ومن أجل زيادة حدة صراعها مع الإخوان المسلمين وحليفتهم «حماس» فى غزة.
لقد كان للهجوم على باص السياح الكوريين هدف مزدوج: تخريب السياحة فى سيناء وهى مصدر الدخل الأساسى للاقتصاد المصرى الضعيف، وأن يثبت لقوات الأمن المصرية عدم وجود هدف محصن ضد الهجمات، إذ تعتبر منطقة طابا من أكثر المناطق حماية، ويتطلب الوصول إليها المرور بسلسلة من الحواجز وأعمال التفتيش التى على ما يبدو جرى تجاوزها بسهولة. ومن هنا، فإن الهجوم على السياح الكوريين فى منطقة من المفترض أن تكون معقمة وخالية من الارهاب، يجب أن يثير القلق لدى إسرائيل التي تتخوف من تمركز عناصر الجهاد العالمى على طول حدودها.