(1)
الذين حرقوا (الكساسبة) فى العراق لا يختلفون عن أولائك الذين ذبحوا عمالنا المصريين فى ليبيا، صحيح ٌأنه لا توجد أدلة ظاهرة على تواصل مادى بين داعش المشرق مع مثيلتها فى المغرب العربى، لكن من يهتم بلقاء ٍمادى فى زمن الأفكار عابرة القارات؟ العقيدة واحدة وإن تباعدت الأجسام واختلفت الظروف وتنوعت الجنسيات... نفس الخلل النفسى والاضطراب السلوكى والفهم المغلوط للنصوص القرآنية......إنهم التتار الجدد !
التتار كانوا أمة همجية لم يهذبهم دين ولم تؤثر عنهم حضارة، اجتاحوا المشرق العربى بوحشية لم يسبق لهما مثيل، حرقوا الأخضر واليابس حقيقة لا مجازا لم يرحموا صغيرا ولا امرأة حتى من استسلم لهم لم يرحموا ضعفه... خربوا مكتبة بغداد أضخم تراث إنسانى فى هذا العالم القديم، وجرت مياه نهر الفرات باللونين الأزرق والأحمر... الأزرق من أحبار الكتب والموسوعات التى غرقت فى أعماقه... والأحمر بلون دماء مئات آلاف الجثث التى طفت على سطحه !
ألقى التتار الرعب واليأس فى قلوب كل من سمع بهم، واستمر زحفهم يدمر كل حضارة تصادفهم، وفقد العالم المتحضر كل أمل فى مجرد التصالح معهم.. حتى استطاع المصريون وقف هذا الزحف (اللامقدس ) وإنقاذ الوجود الإنسانى بموقعة (عين جالوت).... ما أشبه الليلة بالبارحة إذن !
(داعش) تمثل النسخة الحديثة من همجية ووحشية (المغول)، شتان بين(الخلافة) التى يرفعون شعارها وبين ممارسات حرق وذبح وتخريب هى أليق بـ(المغول)... (الخلافة) فى نسختها الراشدة أو حتى فى زمن (العباسيين) كانت فى الجملة واحة للإنسانية ومنارة للحضارة وسط مجتمعات متخلفة مشتتة تتقاتل فيما بينها لأتفه الأسباب ويستعبد القوى فيها الضعيف وتُزدرى فيها العلوم ويكفر المشتغل بالطب ويعتبر فيها المرض العضوى والنفسى مسا من الشيطان !
(2)
تدخلنا فى ليبيا كان حتميا، كنت قد طرحت سيناريوهاته المتعددة على صفحات مجلة سبع أيام على مدى أربع أو خمس أعداد آخرها منذ أسبوعين تقريبا... لكن نتائجه السلبية من عودة كل العمال المصريين أو تزايد أعداد القتلى فى صفوفهم تدعو إلى القلق .
الكل فى مصر يتحمل المسئولية، الدولة والمجتمع المدنى ورجال الأعمال والإعلام... المواجهة ليست سهلة ولن تكون قصيرة.. نحتاج هدوءا وتماسكا داخليا وبذلا وتضحية... وإلا انتصر التتار الجدد!