كيف تتعامل دول الشرق الأوسط مع «العائدين»؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تتعامل دول الشرق الأوسط مع «العائدين»؟

نشر فى : الأحد 21 فبراير 2021 - 7:15 م | آخر تحديث : الأحد 21 فبراير 2021 - 7:15 م

نشر مركز المستقبل تقريرا حول كيفية التعامل مع ملف «العائدين» والذى لا يشمل العائدين من بؤر الصراعات المسلحة فحسب لكن فئات أخرى مثل العائدين من دول الخارج نتيجة فقد فرص العمل... نعرض منه ما يلى:
تواجه دول الشرق الأوسط أزمة حقيقية تتعلق بما اصطلح على تسميته فى وسائل الإعلام بـ«العائدين»، وهم ليسوا فئة واحدة. فهناك عائدون «متطرفون» من بؤر الصراع فى سوريا والعراق، وعائدون كانوا عالقين فى دول مختلفة على خلفية إغلاق الطيران فى إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كوفيدــ19، وعائدون متضررون من فقد فرص العمل فى الخارج، وعائدون لاجئون قادمون من دول الجوار الجغرافى أو عائدون نازحون من منطقة لأخرى داخل الدولة نفسها لأسباب تتعلق بالعنف المسلح.
وقد اختلفت سياسات دول الإقليم فى التعامل مع ملف العائدين، مثل تشكيل لجان استماع للعائدين من بؤر الصراع، وتوسيع نطاق التعاون الأمنى والتنسيق الاستخباراتى مع دول الجوار وغيرهما.

أنماط متعددة
لا يوجد نمط واحد أو كتلة موحدة يطلق عليها العائدون فى الشرق الأوسط، بل تعددت أنماطهم، وذلك على النحو التالى:
1 ــ المتطرفون: وتعد الفئة الأكثر خطورة من العائدين، وهم القادمون من بؤر الصراع، وبصفة خاصة فى سوريا والعراق. وتخشى أجهزة الأمن والاستخبارات من تسلل هؤلاء إلى دول الجوار الجغرافى أو الوصول إلى دولهم على نحو يمثل مصدر تهديد للأمن والاستقرار الوطنى أولا والإقليمى ثانيا. وقد تثير عودة هؤلاء جدلا واسعا داخل الدولة، مثلما هى الحال بالنسبة للتونسيين، الذين يشتبه فى كونهم متطرفين، إذ يرفض اتجاه سائد داخل المجتمع عودتهم لخطرهم الداهم.
فى حين يرى اتجاه آخر ضرورة عودة القادمين من مناطق القتال وبؤر النزاع، وثبت تورطهم فى عمليات إرهابية، ومن ثم يتم التعامل معهم وفقا لثلاثة مراحل هى تقديم الملفات إلى الجهات القضائية ليتم البت فيها، ثم إعداد برامج داخلية لهم فى السجن بهدف حماية المحيطين بهم من خطر الاستقطاب، وتوفير الإحاطة والرعاية اللاحقة بهم بعد خروجهم من السجن حتى لا يمثلوا خطرا على المجتمع.
2 ــ العالقون: وهم الفئة التى برزت فى أعقاب انتشار جائحة كوفيدــ19 خلال عام 2020، ومنهم الزائرون لدول طلبا للعلم أو للسياحة، ولم يستطيعوا العودة لبلادهم لإجراءات حظر الطيران تحسبا لمنع العدوى.
3 ــ المتضررون من فقد فرص العمل فى الخارج: سواء لاعتبارات إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الأجنبية، أو تخفيض نفقات العمالة على خلفية أزمة انتشار كوفيدــ19، على نحو يفرض تحديا مزدوجا بالنسبة للدول التى يحمل جنسيتها العائدون. فمن ناحية، يؤدى إلى فقد دول الاستقبال مصادر للعملة الأجنبية من التحويلات التى ترسلها العمالة الوافدة. ومن ناحية أخرى، يفرض على دول الإرسال توفير فرص عمل للعائدين من الخارج، تناسب تخصصاتهم وإمكانياتهم.
4 ــ اللاجئون: ويعدون أبرز أنماط العائدين فى الإقليم، الذين يتضررون من النزاعات القائمة والجديدة، فضلا عن التأثيرات الحادة لكوفيدــ19 على أوضاعهم المعيشية. ويعتبر اللاجئون السوريون أكثر الحالات تعرضا للمآسى بعد أحداث 2011.
وتجدر الإشارة إلى أن منطقة الشرق الأوسط تعد واحدة من أكثر مناطق العالم التى تتسبب دولها فى عمليات لجوء، وخاصة فى ظل تمدد العنف فى سوريا والصومال واليمن، بخلاف مناطق أخرى فى جنوب الصحراء والساحل الوسطى فى أفريقيا، حيث يتعرض اللاجئون لانتهاكات عديدة مثل الاغتصاب والتصفية الجسدية والتجنيد فى صفوف المليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية والتنظيمات الإرهابية.
5 ــ النازحون: تشهد دول الإقليم عمليات نزوح داخلها من مناطق أكثر اشتعالا بالصراعات المسلحة إلى مناطق أخرى أكثر استقرارا، وعندما تهدأ العواصف يبدأ النازحون فى التفكير فى العودة إلى مناطق سكنهم الأصلية. ولعل ذلك ينطبق على النازحين من بعض المناطق فى اليمن وسوريا والعراق.

آليات متنوعة
تعددت آليات تعامل بعض دول الشرق الأوسط مع العائدين، وفقا لأنماطهم المختلفة، ويتمثل أبرزها فى:
1 ــ تشكيل لجان استماع للعائدين من بؤر الصراع: لاسيما فى ظل تحمل الدولة الوطنية مسئوليتها تجاه مواطنيها، المتورطين فى الانخراط فى بؤر الصراع وخاصة فى سوريا والعراق، وما تمخض عنها من ضحايا فى صفوف الأطفال والنساء وربما أسر بكاملها.
ولعل الحالة المعبرة عن ذلك ما تقوم به اللجنة النيابية الاستطلاعية التى شكلها فى ديسمبر الماضى مجلس النواب فى المغرب (الغرفة الأولى فى البرلمان) من الاستماع، على نحو ما جرى فى 3 فبراير الحالى، فى مقر المجلس الوطنى لحقوق الإنسان، بهدف الحصول على معلومات كافية حول أوضاع مئات المغاربة العالقين فى مخيمات بشمال سوريا بوجه خاص، فضلا عن معرفة كيفية التحاقهم بتنظيم «داعش» فى سوريا، ووسائل عودتهم إلى المغرب.
2 ــ توسيع نطاق التعاون الأمنى والتنسيق الاستخباراتى مع دول الجوار: ولاسيما دول الاتحاد الأوروبى، التى صارت مستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية، وفى مقدمتها تنظيم «داعش»، وخاصة تحديد الممرات التى يسلكها الإرهابيون، وهوية الأشخاص الذين يرافقونهم فى التنظيم.
3 ــ تفعيل غرفة عمليات تابعة لوزارة الهجرة وشئون المغتربين: وذلك لتلقى طلبات العالقين الراغبين فى العودة إلى بلادهم، وهو ما تقوم به وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، لمتابعة أوضاع هؤلاء العالقين، والتنسيق مع وزارة السياحة والآثار للتفاوض مع شركات السياحة لبحث مدى إمكانية عودة المواطنين الراغبين من دول الترانزيت على الشركات نفسها التى سافروا من خلالها.
4 ــ الاستعداد المسبق للتعامل مع العمالة العائدة: خاصة المتضررة من أوضاع ما بعد كوفيدــ19، وهو ما تقدمه الحالة المصرية عبر التنسيق بين وزاراتى التخطيط وشئون المصريين بالخارج، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة، بهدف تقديم جميع الخدمات المالية والفنية والتدريبية للعائدين من الخارج بما يؤدى إلى مساعدتهم.

خلاصة القول: العائدون ملف ضاغط على دول الشرق الأوسط من جهات مختلفة.
النص الأصلى

التعليقات