لم يتعلم الفرنسيون دروس التاريخ - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لم يتعلم الفرنسيون دروس التاريخ

نشر فى : الثلاثاء 22 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 22 يناير 2013 - 8:00 ص

تطورات الأحداث فى جمهورية مالى لا يمكن تفسيرها فقط وفق تسلسلها الزمنى وإنما يشتبك أكثر من عامل فى تقديم رؤية كاملة لن تكفى السطور القادمة لفك اشتباكها وعرضها منفصلة، لكنها حتما تنذر بأن ثمة موجة جديدة من الحملات الأوروبية يجرى الإعداد لها على قدم وساق لاستعادة النفوذ القديم فى إفريقيا بكامل عنفوانه أمام نفوذٍ أمريكى وآخر صينى يتسع نطاقهما فى القارة الإفريقية يوما بعد آخر.  

 

 التدخل الفرنسى ــ الأوروبى فى الشأن الداخلى لمالى أخذ أكثر الصور فجاجة ورعونة؛ فآثر تبنى فلسفة المحافظين الجدد الأمريكية التى أباحت لنفسها تغيير أى واقع فى أى دولة تطولها من دول العالم باستخدام آلة عسكرية لا تبقى ولا تذر، وللأسف الشديد فإن تكريس هذه النظرية أمر كارثى ينذر بتعميق حالة الفوضى فى العالم بأسره ويقرر منطق البلطجة الدولية وشريعة الغاب التى تعطى الدول القوية حق العبث بشئون الأقل قوة وقدرة فقط إذا ما هددت مصالحها، أما حقوق الإنسان والمواثيق الدولية فانفض يديك منها!

 

حتما ستتسع مساحة الكارثة المترتبة على العدوان الفرنسى الأوروبى، ولن تقتصر فقط على  قتل المدنيين الأبرياء وتدمير البيوت الآمنة وتشريد العائلات والأطفال والنساء والتسبب فى مأساة انسانية عالمية جديدة، بل ستمتد لتنشر رقعة الفقر والمجاعة على نطاق إفريقى واسع، وتنشر معها ثقافة العنف العشوائى المضاد.. وهذه تحديدا من جملة دروس التاريخ التى استعصى على الفرنسيين فهمها!

 

وإذا كان المبرر المعلن للحملة العسكرية هو الانحياز للشرعية والتدخل لصالح الشعب المالى فلماذا لم تهب فرنسا مذعورة لنجدة شعب كامل يختطفه مجنون سادى أزهق أرواح مائة ألف أو يزيدون ودك مدنا على رءوس أصحابها، أم أن استغاثة السوريين لم تجد من يفك شفرتها فى قصر الإليزيه حتى هذه اللحظة؟

 

وصحيح أن الإسلام لا يجيز خطف أو قتل أو الاعتداء على المدنيين أفرادا كانوا أوهيئات ومنشآت ماداموا موجودين فى دول المسلمين بالطريقة المشروعة، لكن فى الوقت نفسه من قال إن استخدام القوة العسكرية سيفلح فى حل المشكلة؟ فضلا عن أنه يزيدها تعقيدا.

 

 وحده الحل السلمى السياسى المعتمد على المصالحة الوطنية والتفاهم والتحاور سيمثل المفتاح السحرى لنزع فتيل أزمة مالى، وأنا على يقينٍ أن هذا الحل لايزال ممكنا إذا صدقت النيات واستبعد التدخل الأجنبى بكل صوره، وأجزم أن هناك أطرافا عديدة على استعداد لتغليب صوت العقل والحكمة والقبول بالمصالحة الوطنية والتحاور للوصول إلى حل سلمى عادل مرضٍ لجميع الأطراف.

 

وبالمناسبة أين دور الخارجية المصرية فى استغلال موقف كهذا لإعادة توصيف دور مصر القيادى الرائد بكل ما يستند إليه من ثقل لتقديم مبادرة أو القيام بدور وسيط؟ هل أدمنت الدبلوماسية المصرية أن نكون فى ذيل القائمة فى الوقت الذى يتبارى فيه الآخرون لتضخيم دورهم بشتى الصور؟