لا الحرية توهب ولا الحقوق تمنح ولا التغيير يعطى مناولة.. إما أن تثبت جدارة أو فلتنضم إلى قائمة محبطين كثيرين سبقوا ولم يعد التاريخ يكترث حتى بذكر أخبار محاولاتهم.. اصبر، تعلم من الأخطاء، قرر أن تتنازل لبرهة من الوقت، كن أطول نفسا من أعدائك، احمل نفسك على العمل مع من تختلف معهم، اقبل ببدايات الطريق، ناور بذكاء، اسكت حينا وتكلم حينا.. كان عمر بن الخطاب يقول (أشكو إلى الله جلد ــ يعنى صبر وقوة تحمل ــ الفاجر وعجز الثقة).
الفارق دائما شاسع جدا بين (الرغبة) فى التغيير والتى توافرت عند أغلب أبناء هذا الجيل على اختلاف انتمائاتهم وبين تحويل هذه الرغبة إلى (إدارة ) متكاملة للتغيير.. إدارة تحتاج إلى امتزاج المعرفة بالصبر والخبرة بالمرونة وقبل كل ذلك الرؤية التى تستشرف الهدف النهائى من التغيير بالذموح اللازم لتحقيقه.
لأسباب كثيرة لم نتحول بالمسار الثورى من مجرد إرادة إلى إدارة ترسم لنا خارطة طريق نعبر بها الفجوة بين الواقع المتردى والمستقبل المنشود، وهو تحديدا ما يطلق عليه علماء الإدارة اسم (إدارة التغيير Change Management).
إدارة التغيير لا تتوقف على توافر الرغبة، بل هى عملية شديدة التنظيم تحتاج إلى خطة زمنية وقرارات مدروسة وصبر على النتائج وتفهم لكلفة القرارات، هذا لو كنا ننشد تغييرا جذريا يتناول أصل المشاكل المزمنة بالتحليل ومن ثم إيجاد الحلول على المدى القريب والبعيد وما كانت الثورة وحدها لتنفذ ذلك كله لمجرد أننا عبرنا عن مشاعر الغضب والألم بأبلغ وسيلة ممكنة.
ولا أجد تفسيرا لمشاعر الإحباط الصادقة التى تنتاب اليوم كثيرا من أبناء هذا الجيل تحديدا وقلة من أجيال سبقتهم تعاطفت معهم إلا الذهول عن هذا الفارق بين (الإرادة) و(الإدارة).
هل اعتقدت يوما أن أحدا سيساعدك لتحقيق ما حلمت به من تغيير؟ هل تخيلت أن الدنيا ستتكاتف من حولك لتنفيذ رغبتك فى الإصلاح؟ تظن أن الجميع تآمروا عليك ليغتالوا طموحك ويطأوا زهرة شبابك؟ لا أريد أن أبدو سخيفا لكن من فضلك اقرأ كثيرا وأنت تبحث عن إدارة التغيير حول مصطلح (مقاومة التغيير) Resistance to Change.