الطرق إلى واشنطن لم تعد تمرّ عبر القدس - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 25 أبريل 2025 2:05 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الطرق إلى واشنطن لم تعد تمرّ عبر القدس

نشر فى : الخميس 24 أبريل 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الخميس 24 أبريل 2025 - 7:15 م

تعكس التطورات الأخيرة فى المفاوضات المباشرة بين طهران وواشنطن فشل السياسة الخارجية الإسرائيلية. فإيران والسعودية وتركيا ومصر، جميعها تجاوزت إسرائيل، وتشارك الآن فى مفاوضات مباشرة مع ترامب، فى حين تربطها علاقات واسعة أيضا بالصين، الخصم الاستراتيجى للولايات المتحدة.
فى القدس، لا يجب «أن نكون منطقيين فى مطالبنا» فقط، حسبما طلب ترامب من نتنياهو بخصوص أردوغان، بل يجب علينا أن نستوعب بسرعة أن فقدان مكانتنا كوسطاء مفضلين لدى الأمريكيين يعنى تراجعا استراتيجيا، أمنيا واقتصاديا، لإسرائيل فى المنطقة. إذا لم تُبلور القدس، بسرعة، استراتيجيا جديدة تسمح بالحفاظ على مكانتها فى واشنطن وتعزيزها، فسنصبح طرفا هامشيا فى الشرق الأوسط.
أصبحت السعودية محورا مهما فى الحوار بين روسيا وأوكرانيا، من خلال استضافة محادثات السلام فى جدة، أيضا فتحت مسارا دبلوماسيا مستقلا من خلال زيارات رفيعة المستوى إلى طهران، وتحسين العلاقات مع إيران. فى الوقت عينه، يبدو أن ولى العهد محمد بن سلمان تراجع عن عملية التطبيع مع إسرائيل، ويسعى لاتفاق ثنائى مباشر مع الولايات المتحدة، يتضمن تخصيب اليورانيوم «لأغراض مدنية».
تركيا، بقيادة أردوغان، جدّدت علاقاتها الوثيقة بالرئيس ترامب الذى وصف أردوغان، مؤخرا، بـ«الصديق القريب»، على الرغم من الخلافات الحادة مع ألمانيا وأوروبا، بما فى ذلك فرض عقوبات نتيجة اعتقال رئيس بلدية إسطنبول.
كان الدفء فى علاقات واشنطن إزاء أنقرة واضحا، وبصورة خاصة عندما زارت قيادة «حماس» وزير الخارجية التركى هاكان فيدان هذا الأسبوع، وطالبته بـ«تفعيل العلاقات مع واشنطن» لتعزيز مصالح الحركة وإنهاء الحرب فى غزة. والرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية الكبيرة، فإنه نجح فى استقرار علاقاته بالولايات المتحدة والحفاظ على قناة تواصُل مباشرة مع الإدارة الأمريكية – بينما فى الوقت نفسه، تجرى مناورات عسكرية واسعة النطاق مع الجيش الصينى.
قبل عقد من الزمان، وهو وقت قصير بالمقاييس الجيوسياسية، كانت الطرق إلى واشنطن تمرّ عبر القدس. قبل أسابيع من اجتياح أكتوبر، كنا على بُعد «أسابيع قليلة»، بحسب وزير الخارجية السعودى، عن توقيع اتفاق تطبيع سعودى - إسرائيلى، كان سيشمل أيضا تحالفا دفاعيا إقليميا.
إن عقودا من التقارب والعلاقات الوثيقة بين القدس وواشنطن سمحت لإسرائيل بأن تحتل مكانة الشريك القوى والأخلاقى، كنوع من «حارس البوابة» التى يجب المرور منها من أجل الحصول على آذان صاغية فى واشنطن. وخلال الـ15 عاما الأخيرة، وصلت الشراكات الأكاديمية والتكنولوجية المدنية إلى ذروتها، وتمثلت فى إنشاء مراكز تطوير كبرى لشركات تكنولوجيا أميركية، واستثمارات ضخمة (20 مليار دولار فى سنة واحدة)، وعشرات الاكتتابات فى وول ستريت، وعمليات استحواذ أمريكية استراتيجية، مثل استحواذ جوجل على ويز (Waze)، وإنفيديا على ميلانوكس [شركة إسرائيلية – أميركية لبرامج الكومبيوتر].
كل ذلك جاء فى موازاة تحديث حزمة المساعدات الأمريكية، وانتقال إسرائيل إلى قيادة القيادة المركزية للجيش الأمريكى، واندماجها فى بنية الدفاع الإقليمى التى تم اختبارها بنجاح فى الهجمات الباليستية الإيرانية [فى أبريل 2024]. كذلك، تم تزويد إسرائيل بأنظمة سلاح متقدمة، طائرات F-35، وحصلت على المساعدة على تطوير أنظمة دفاع صاروخى، مثل «القبة الحديدية» والشعاع الحديدى (Iron Beam)، منظومة دفاع مضادة للصواريخ تعتمد على الليزر.
لقد أدت الجبهات السبع التى فُتحت منذ 7 أكتوبر إلى تغييرات تكتونية فى المنطقة، ويتطلب الواقع الجديد الناشئ أمامنا وسائل جديدة لمواجهته. السبب المركزى للتراجع إزاء الإدارة الأمريكية ناجم عن رفض هذه الإدارة فكرة «الفيلا فى الغابة» التى صاغها إيهود باراك وتبنيناها كلنا بعده.
تنحصر رؤية زعماء إسرائيل للمنطقة فى القضاء على التهديدات العسكرية ومنع المشروع النووى الإيرانى، وغيره، بدلا من التفكير الإيجابى بشأن المستقبل المنشود، والمواجهة الذكية مع خصوم وقوى مهيمِنة، مثل تركيا وإيران، والسعودية إلى حد ما. ما من بديل أمام إسرائيل سوى استبدال مفهوم «الفيلا فى الغابة» بنظرة إقليمية من الهند إلى إثيوبيا، أساسها تحالُف يعيد تشكيل مكانتنا فى الشرق الأوسط، ويضعنا فى مكان حاسم على طاولة صُنع القرار الإقليمى والدولى.


يهونتان أديرى
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات