بعد مرور شهر ونصف الشهر على نشوب الانتفاضة الثالثة، حان الآوان لإعادة النظر. لقد استنفدنا السياق المعتاد، أسلوب العمل عينه الذى استخدمناه خلال الخمسين يوما الطويلة فى عملية الجرف الصامد.
آن الآوان كى نتوقف عن التفكير بأنه من الممكن «احتواء» الأحداث والوصول إلى إخمادها من خلال الردود المدروسة.
إننا نفتقر إلى مبادرة ملموسة، كما نفتقر إلى استراتيجية أو خطة معينة. يجب البدء بالمبادرة كى ننتصر.
ليس صحيحا أننا لا نستطيع الانتصار فى هذه المعركة. كان هناك من قال ذلك أيضا خلال الانتفاضة الثانية وكانوا على خطأ، فقد استطاعت إسرائيل الانتصار على إرهاب الانتحاريين.
وبرغم أن الانتفاضة الحالية تختلف فى خصائصها، لكن يمكن التغلب عليها. إن التعامل مع الأحداث بوصفها سلسلة من عمليات «إرهاب أفراد» خطأ. إنه صراع قومى. وتقف وراء موجة العنف الحالية جميع الفصائل الفلسطينية، التى تشجع على العنف وتدفع نحو التصعيد. وتتوقع أن تربح من مسار العنف الذى فى نظرها سيؤدى إلى خلط الأوراق.
من الواضح تماما أن الحكومة متخلفة كثيرا عن الأحداث، وهى تتخذ فى وقت متأخر جدا خطوات كان يجب اتخاذها منذ البداية عندما كان تأثير الأحداث أقل. لقد كانت القدس فى حال من الاشتعال على نار خفيفة منذ قرابة العام. وكان المستوى السياسى يدرك أن عليه أن يُغرق العاصمة بقوات شرطة وأمن بأحجام كبيرة، لكن هذا لم يحدث. وانزلق العنف من القدس إلى إسرائيل كلها.
إن النظرة التى تقول إنه يجب «عدم إغلاق مناطق» كى لا تتسع رقعة التحريض، تجاهلت التطورات فى الخليل وجوارها. يجب البحث بجدية فى العودة إلى وسائل رادعة وفاعلة اتخذت فى الماضى ثم أهملت مثل الطرد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمحرضين، الذين وفقا لكلام الناطقين بلسان الحكومة، هم الدافع للعنف الحالى.
يتمتع نتنياهو بشروط استراتيجية مريحة نسبيا: سورية وحزب الله يغرقان حتى رقبتيهما فى الحرب الداخلية فى سورية، والعالم العربى مشغول بنفسه. وأوروبا تخاف الإرهاب الإسلامى.
حان الوقت للانتقال من الكلام إلى الأفعال. لقد قال رئيس الشاباك السابق آفى ديختر فى الفترة الأخيرة إن الفارق بين موجة إرهاب وانتفاضة هو فقدان السيطرة. لقد تخطينا هذه النقطة. والآن يجب استعادة السيطرة وإعادة الأمن لإسرائيل ومواطنيها.
جدعون ساعر- وزير سابق وأمين عام الحكومة خلال الانتفاضة الثانية
يديعوت أحرونوت
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية