نشرت صحيفة ذا جارديان مقالا للكاتب أوين جونز، يقول فيه إذا كانت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) مدانة باعتبارها معادية للسامية رغم سلميتها، فكيف نضغط من أجل وضع حد لانتهاكات إسرائيل حقوق الشعب الفلسطيني؟ ما هو الشكل الشرعى إذًا للمقاومة الفلسطينية بالضبط؟!... نعرض منه ما يلى.
لا يُحرم الشعب الفلسطينى من دولة خاصة به فحسب، بل يتم نفيه من أى نقاش حول مستقبله. ظهر ذلك جليا فى خطاب كير ستارمر ــ زعيم حزب العمل البريطانى، فستارمر استخدم خطابه لإدانة شر معاداة السامية خاصة بين الأشخاص اليساريين فى بريطانيا الذين تسببوا فى الأذى والضيق لليهود البريطانيين.
إن إدانة معاداة السامية لا تتعارض مع توجيه النقد الشديد للاحتلال الإسرائيلى غير الشرعى لفلسطين. لكن ستارمر تناول الموضوع فى خطابه بشكل مختلف حيث قال: إنه «صديق لإسرائيل وفلسطين». وهذا القول منطقى، بالنظر إلى تاريخ حزب العمل الطويل فى دعم حل الدولتين (حتى لو كان ذلك فى كثير من الأحيان كلاما وليس فعلا). إلا أن ستارمر يحاول بناء الجسور، لكن استراتيجيته مضللة. فقد يبدو موقفه معقولا إلى حد كبير، لكن هناك فجوة هائلة فى القوة بين منطقة فقيرة ومحاصرة ومحتلة عسكريا وبين دولة قوية بجيش عالى التقنية تدعمه قوة عظمى.
وفى محاولته إيجاد التكافؤ بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، قلل ستارمر من أهمية قضايا حقوق الإنسان المطروحة. بعبارة أكثر وضوحا، أشار ستارمر إلى مقتل مواطنين إسرائيليين فى هجمات إرهابية، لكنه فى المقابل تحدث فقط عن «الإذلال والقيود اليومية» التى يتحملها الشعب الفلسطينى بالرغم من الحقيقة التى تقول إن عدد القتلى الفلسطينيين بلغ 22 ضعفا بين عامى 2008 و2020. كما أعرب ستارمر عن معارضته لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS).
حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) هى استراتيجية دعا إليها الجانب الفلسطينى تسعى إلى إنهاء الاحتلال، ومنح خمس المجتمع الإسرائيلى، وهم فلسطينيون وفلسطينيات، حقوقا متساوية، كما تسعى إلى تحقيق العدالة للاجئات واللاجئين الفلسطينيين. هذه الاستراتيجية ليست فريدة من نوعها أو لم نرَ لها مثيلا من قبل، باختصار ليست استراتيجية مفصلة لإسرائيل فقط، فبريطانيا فرضت عقوبات على العديد من الدول التى تنتهك حقوق الإنسان من بيلاروسيا إلى زيمبابوى وجنوب إفريقيا.
هيومن رايتس ووتش ومنظمة بتسيلم الإسرائيلية لحقوق الإنسان نشرتا أخيرا تقارير تاريخية أكدتا فيها دقة استخدام مصطلح «الفصل العنصرى» لوصف ما تفعله إسرائيل. على كلٍ، لعبت مقاطعة دولة الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا دورا مهما فى إحداث التغيير. وفى ذلك الوقت، تساءل الكثير عن سبب عدم انتهاج استراتيجيات مقاطعات مماثلة ضد دول قمعية أخرى كوسيلة لعرقلتها.
تعتبر حركة المقاطعة BDS استراتيجية سلمية تماما، ومع ذلك فهى لا تزال مرفوضة، مما يثير السؤال: ما هو الشكل الشرعى للمقاومة الفلسطينية بالضبط؟ بالنسبة للضغط الأخلاقى من قبل الحكومات الغربية فهو لم يحقق شيئا: قانون «الدولة القومية» لعام 2018 كرس الحقوق المتدنية للمواطنات والمواطنين الفلسطينيين، كما وافقت الحكومة الإسرائيلية الشهر الماضى على بناء 3 آلاف منزل آخر فى مستوطنات غير قانونية فى الضفة الغربية.
فى النهاية، إن هذا الرفض لسماع الأصوات الفلسطينية يطرح سؤالا جادا: إذا كان الناس يدعمون وطنا فلسطينيا، فكيف يكون الطريق إليه؟ هل ستصدر حكومة حزب العمل المستقبلية دعما قويا بشأن عمليات الضم مع استمرارها فى تسليح ودعم إسرائيل، وإذا كان الأمر كذلك، فما هو الحافز الذى قد يكون لدى حكام إسرائيل لتغيير مسارهم؟
وهكذا تبقى المأساة الفلسطينية: شعب مهمش فى النقاش حول مستقبله كما هو مهمش على أرضه.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى: هنا