الخليج ــ الإمارات: «إسرائيلية» الجولان - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:52 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخليج ــ الإمارات: «إسرائيلية» الجولان

نشر فى : الخميس 28 مارس 2019 - 11:25 م | آخر تحديث : الخميس 28 مارس 2019 - 11:25 م

نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب العراقى «عبدالحسين شعبان» عن القرار الأمريكى الأخير بشأن الجولان السورية.. وجاء فيه:

«إن من ينزل عن هضبة الجولان، يكون قد تخلّى عن أمن «إسرائيل»، ذلك ما قاله إسحاق رابين رئيس الوزراء «الإسرائيلي» الأسبق الذى اغتيل فى 4 نوفمبر 1995، بعد أن احتلت «إسرائيل» 80% من مساحة هضبة الجولان السورية فى عدوان 5 يونيو عام 1967، والتى حرّرت سوريا جزءا منها فى حرب أكتوبر 1973، (100 كم) بما فيها مدينة القنيطرة.
إن إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، «إسرائيلية» الجولان يعيد إلى الأذهان مقولة رابين، وإصرار السياسة «الإسرائيلية» طيلة ما يزيد على نصف قرن على تهويد الجولان، وضمها نهائيا إلى «إسرائيل». ويأتى موقف ترامب مستفزّا للمشاعر الإنسانية، والاعتبارات الأخلاقية، ولقواعد القانون الدولى بعد قراره فى 14 مايو 2018 نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، باعتبارها عاصمة لدولة «إسرائيل»، الأمر الذى يؤكد الخطة المنهجية المتصاعدة فى تأييد الاحتلال «الإسرائيلي»، والتنكّر للحقوق العادلة والمشروعة للشعب العربى الفلسطينى، وفى مقدمتها حقه فى تقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها «القدس».
وتتنكّر واشنطن بإجراءاتها تلك لـ«الشرعية الدولية»، فضلا عن القواعد العامة للقانون الدولى المعاصر، بما فيها قواعد القانون الإنسانى الدولى، خصوصا اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها بروتوكولى جنيف لعام 1977، حيث كان مجلس الأمن الدولى أصدر قرارا رقم 476 بتاريخ 30 يونيو 1980 يعلن فيه بطلان الإجراءات التى اتخذتها «إسرائيل» لتغيير طابع القدس، ثم أعقبه بقرار رقم 478 بتاريخ 20 أغسطس من العام نفسه، يقضى بعدم الاعتراف بقرار الكنيست بشأن ضم القدس.
كما أصدر مجلس الأمن الدولى قراره رقم 497، الذى اتخذ بالإجماع فى 17 ديسمبر 1981، الذى يدعو دولة «إسرائيل» إلى إلغاء قرارها بضم مرتفعات الجولان، ويعتبر فرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها على مرتفعات الجولان السورية المحتلة مُلغى وباطلا، ومن دون فاعلية قانونية على الصعيد الدولى.
ومن المفارقة أن يأتى إعلان ترامب «إسرائيلية» الجولان متزامنا مع الذكرى السادسة عشرة للحرب الأمريكية على العراق واحتلاله فى العام 2003، واستمرار معاناة شعبه المتعاظمة والمركّبة، فضلا عن تزايد التدخلات الإقليمية والدولية فى شئونه، فضلا عن انفتاح الباب على مصراعيه لنشاط المنظمات الإرهابية فيه، وفى مقدمتها تنظيما القاعدة، ووريثها «داعش». وعلى مستوى التوقيت يأتى إعلان ترامب عن «إسرائيلية» الجولان كأنه خشبة خلاص لنتنياهو الذى تدهورت سمعته وفقد الكثير من شعبيته لاتهامه بالفساد، واحتمال مثوله أمام القضاء، كما يأتى هذا الإعلان قبل 20 يوما من الانتخابات «الإسرائيلية».
لقد مارست «إسرائيل» خلال احتلالها الذى استمر نحو 52 عاما سياسة تطهير عرقى لتغيير الواقع القومى والتركيب السكانى للجولان، ورفضت الانسحاب إلى ما وراء خطوط الهدنة، مستخفّة بقرارات مجلس الأمن الدولى، خصوصا القرار 242 لعام 1967 والقرار 338 لعام 1973 ومتجاوزة على مبدأ أمر من مبادئ القانون الدولى الذى لا يجيز الاستيلاء بالقوة على أراضى الغير.
وكانت «إسرائيل» اعتبرت الجولان منذ اليوم الأول «منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الناس دخولها» ثم أقامت المستوطنات عليها، آخذة فى الاعتبار أهميتها الاستراتيجية، ابتداء من سفوح جبل الشيخ (قرب بانياس) وبمحاذاة خط وقف إطلاق النار (فى 10 يونيو 1967) حتى القنيطرة، وانتهاء بحدود الشواطئ الشرقية لبحيرة طبريا (جنوب غربى الجولان). واستهدفت بذلك إقامة «بناء دفاعي» يضمن الحفاظ على مصادر المياه، ومنابع نهر الأردن، وتوفير الحماية لمستوطنات وادى الحولة والجليل، وهو ما تضمنه مشروع إيغال آلون الذى نشره فى مجلة الشئون الدولية (الأمريكية) على شكل مقالة فى أكتوبر 1976.
ولذلك شرعت فى اتخاذ طائفة من الإجراءات المتدرّجة لمحو الطابع العربى للجولان، ابتداء من حل المجالس البلدية وإلغاء القوانين السورية وإبدالها بقوانين «إسرائيلية» (بعد قوانين الاحتلال)، وتغيير العملة، وفرض الرسوم، وتغيير رخص السيارات والإجازات الخاصة، وفرض منهج تعليمى «إسرائيلي» عنصرى، وجميع ما يتعلق بالبريد والبرق والهاتف، وكل ما من شأنه تغيير طابع المنطقة قانونيا وإداريا وفعليا، لاسيّما استبدال هويّة الأحوال المدنية السورية ببطاقات «إسرائيلية»، ثم أقدم الكنيست بعد مرور 14 عاما على احتلال الجولان إلى إصدار قرار بضمها إلى «إسرائيل»، خلافا لقواعد القانون الدولى، وما يسمّى بالشرعية الدولية.
وتبرر «إسرائيل» تمسكها بهضبة الجولان بثلاث قضايا مركزية وحيوية لا تريد التخلى عنها، وهى تجمعها فى عناوين رئيسية هى: الأمن والمياه والأرض، فالجولان خزّان مياه ومصدر للثروة المائية لا تريد التخلى عنه، وحسب رئيس الوزراء الحالى بنيامين نتنياهو، هى مصدر أساسى للأمن المائى، وهذا الأخير مصدر حيوى للأمن الغذائى، وبالتالى فهى عمق استراتيجى لأمنها لا غنى عنه.

التعليقات