اتفاق التطبيع بين إسرائيل وسوريا لا يزال حلمًا بعيدًا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 29 أغسطس 2025 12:29 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمبارة الأهلي وبيراميدز ؟

اتفاق التطبيع بين إسرائيل وسوريا لا يزال حلمًا بعيدًا

نشر فى : الخميس 28 أغسطس 2025 - 8:25 م | آخر تحديث : الخميس 28 أغسطس 2025 - 8:25 م

نفت وزارة الخارجية السورية فى 23 أغسطس 2025، رسميًا، التقارير التى نُشرت فى بعض وسائل الإعلام العربية بشأن توقيع اتفاق أمنى وتطبيع بين إسرائيل وسوريا، برعاية الولايات المتحدة، فى 25 سبتمبر. انتشرت الشائعات عقب لقاء فى باريس، الأسبوع الماضى، بين وزير الخارجية السورى أسعد الشيبانى والوزير الإسرائيلى للشئون الاستراتيجية رون ديرمر.

وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» بأن وزير الخارجية أسعد الشيبانى التقى وفدًا إسرائيليًا فى باريس يوم الثلاثاء، 19 أغسطس، لمناقشة عدد من القضايا المرتبطة بتعزيز الاستقرار فى المنطقة، وفى جنوب سوريا. وأشارت الوكالة إلى أن المحادثات ركزت على خفض التوتر، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية السورية، والتوصل إلى تفاهمات تدعم الاستقرار الإقليمى، فضلًا عن مراقبة وقف إطلاق النار فى محافظة السويداء، فى جنوب سوريا.

وبحسب مصادر سورية، كان هذا اللقاء الثانى من نوعه فى باريس خلال أقل من شهر، بمشاركة المبعوث الأمريكى توم براك، والهدف الأساسى من المحادثات معالجة القضايا فى جنوب سوريا، بما فى ذلك فى محافظة السويداء، حيث تسعى إسرائيل لضمان استمرار الحكم الذاتى للطائفة الدرزية، وفتح «ممر برى» من إسرائيل إلى السويداء لنقل مساعدات إنسانية إلى الدروز فى أعقاب المجازر الأخيرة التى استهدفتهم.

وصف النظام السورى الجديد الاجتماع فى باريس بأنه لقاء «عادى»، وشدّد على أن الأطراف ناقشت الحفاظ على وحدة سوريا ورفض أى خطة لتقسيم الدولة.

تشير مصادر أمنية رفيعة إلى أن نظام «أبومحمد الجولانى» يرزح تحت الضغط، على خلفية تظاهرة كبيرة فى السويداء الأسبوع الماضى، رفع خلالها الآلاف من المتظاهرين الدروز أعلام إسرائيل، ودعوا إلى الحكم الذاتى، أو الضم إلى إسرائيل. بينما قالت مصادر فى الإدارة الأمريكية إن إدارة ترامب تعتزم الدفع فى اتجاه اتفاق أمنى بين إسرائيل وسوريا يشمل فتح «ممر إنسانى» بين إسرائيل والسويداء لتقديم مساعدات مباشرة للمدنيين فى جنوب سوريا. ومع ذلك، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أنه لن يُقام مثل هذا الممر، وأن المساعدات الإنسانية إلى السويداء ستُنقل فقط بالتنسيق مع مؤسسات الدولة فى دمشق.

تؤكد مصادر سياسية رفيعة أن إدارة ترامب تسعى لتهدئة التوتر فى جنوب سوريا، بعد المجازر الأخيرة بحق الدروز، ولتعزيز حوار أمنى بين إسرائيل وسوريا. أحد عناصر هذا الحوار هو العودة المحتملة إلى اتفاق فض الاشتباك بين إسرائيل وسوريا (1974)، إذ شكّل هذا الاتفاق، على مدى عقود، أساسًا لإدارة الحدود بين إسرائيل وسوريا، وبشكل خاص فى هضبة الجولان، وأنشأ مناطق منزوعة السلاح على جانبَى الحدود، ونشر قوات «أندوف» لمراقبة الالتزام وتوثيق الانتهاكات ومنع المواجهات العسكرية المباشرة.

وقدّر مصدر سياسى رفيع أن إدارة ترامب قد تعمل على ترتيب خطاب للجولانى فى الجمعية العامة المقبلة للأمم المتحدة، وربما حتى "مصافحة غير رسمية فى الممرات" بينه وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. ومع ذلك، لم يُصادق أى مصدر رسمى على مثل هذا الترتيب.

بعد سقوط نظام بشار الأسد فى سوريا، اضطرت إسرائيل إلى مواجهة واقع جديد على حدودها الشمالية، حيث خلق انهيار النظام فراغًا سلطويًا كان من شأنه تسهيل صعود مجموعات متطرفة، مثل داعش أو ميليشيات مدعومة من إيران، ويشكّل تهديدًا أمنيًا جديدًا لإسرائيل.

فى الوقت نفسه، ترى إسرائيل فى سقوط الأسد فرصة لعرقلة النفوذ الإيرانى، وتعزيز سيطرتها على الحدود السورية، ومنع تهريب السلاح من إيران إلى حزب الله فى لبنان، عبر سوريا.

ومع ذلك، يؤكد مصدر سياسى رفيع إصرار إسرائيل على حماية الطائفة الدرزية فى السويداء، خلال المحادثات مع النظام السورى الجديد، وإبعاد جميع القوات المسلحة عن الحدود مع إسرائيل. وحذّر المصدر من أن الجماعات المتطرفة فى المنطقة تسعى لاستهداف المستوطنات الإسرائيلية فى الجولان وارتكاب "مجازر"، الأمر الذى يفرض تخطيطًا عسكريًا ودبلوماسيًا دقيقًا. وتتعامل إسرائيل بحذر مع المفاوضات مع النظام الجديد فى دمشق.

وأشار المسئول إلى أن الجولانى لا يسيطر على سوريا بشكل كامل أمنيًا. وبحسب قوله، تسعى إسرائيل لاتفاق تطبيع مع سوريا، لكن مثل هذا الاتفاق لا يزال بعيد المنال، إذ شدد على أن إسرائيل لن تساوم على مصالحها الأمنية الحيوية، أو على سيادتها فى هضبة الجولان، فى مقابل أى اتفاق تطبيع مع نظام الجولانى.

وحذّر مصدر أمنى رفيع المستوى القيادة السياسية من أن توقيع اتفاق أمنى مع نظام الجولانى، يتضمن العودة إلى اتفاق فض الاشتباك لسنة 1974، سيقيّد حرية عمل الجيش الإسرائيلى، ويحدّ من قدرة إسرائيل على حماية مستوطنات الجولان والدروز فى السويداء. وأضاف: «ما دام أن نظامًا جهاديًا يسيطر على سوريا، فمن الأفضل لإسرائيل ألّا توقع أى اتفاق، وأن تحافظ على الوضع القائم الذى لا تُفرض بموجبه أى قيود دولية على عملياتها الأمنية الحيوية».

يونى بن مناحيم
مركز القدس للشئون العامة والسياسة
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات