نستطيع فى النهاية تلخيص استراتيجية اليمين بهذه الكلمات: كل شيء سيكون على ما يرام. الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية ثائر ضد الاحتلال الإسرائيلى؟ كل شىء سيكون على ما يرام.
فى قطاع غزة نسجن 1,8 مليون إنسان تحول يأسهم إلى تهديد استراتيجى؟ كل شىء سيكون على ما يرام. بين البحر والنهر بدأ يبرز واقع دولة واحدة لا يمكن بأى شكل من الأشكال أن تكون دولة يهودية وديمقراطية وصهيونية؟ كل شىء سيكون على ما يرام. المشروع الاستيطانى يؤدى إلى نمو قوى ظلامية تشوه الصورة الأخلاقية لدولة إسرائيل؟ كل شىء سيكون على ما يرام. فى الغرب بدأوا ينظرون إلى إسرائيل كدولة أبرتهايد مثيرة للاشمئزاز؟ كل شىء سيكون على ما يرام.
كل من يتوقع الأسوأ يُعتبر إنسانا متشائما، وكل من يحذر من المخاطر مصاب بالقلق، وذلك لأن إله إسرائيل لا يكذب وشعبها لن يفنى، لأن كل شىء سيكون على ما يرام.
***
ادعاء اليمين أن كل شىء سيكون على ما يرام له منطقه الخاص، بدليل أننا استطعنا الانتصار على الانتفاضة الأولى والثانية وما زلنا هنا. دليل آخر: دفنا اتفاق أوسلو، وخطة كلينتون، ومبادرة كيرى، وما زلنا أقوياء ومزدهرين. وبرغم أننا محونا الخط الأخضر، فإن التسونامى السياسى لم يحدث، والحصار الاقتصادى لم يفرض.
لكن هناك مشكلة: منطق أن كل شىء سيكون على ما يرام منطق مقامرين. وكان هو المنطق الذى ساد السنوات التى سبقت حرب يوم الغفران [أكتوبر 1973]. وهذا هو منطق المراحل الأولى لحرب الجزائر، وحرب فيتنام وحرب العراق وحروب لبنان. وهذا هو المنطق الذى ساد فى السنوات قبل المحرقة.
***
يجب أن نفهم أنه لا شىء مضمون من دون القيام بشيء، ففى الظروف التى تعيش فى ظلها إسرائيل، الخطر الذى ينطوى عليه الوضع القائم أكبر بكثير من الخطر الذى تنطوى عليه محاولة تغييره. والسبب يعود إلى أن إسرائيل تسير على طريق سيودى بها حتما إلى الانهيار. ليس هناك قوة فى العالم ستسمح لنا بمواصلة الحماقات التى نقوم بها يوميا فى [الضفة الغربية].
ليس هناك قوة فى العالم ستسمح لنا بالسيطرة على ملايين الفلسطينيين وفى الوقت عينه المحافظة على وطن إسرائيلى ينتمى إلى العالم الحر. إن مخدرا اسمه كل شىء سيكون على ما يرام، هو مخدر مُسكر حتى الثمالة، ولكنه كاذب وقاتل. ويشكل خطرا على الوجود.
محلل سياسى
هاآرتس
نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية
أرى شافيط