شهدت غزة، منذ الأسبوع الماضى وعلى مدار عدة أيام، مظاهرات بل انتفاضة ضد حماس وقادتها ولا أعرف لماذا لم يهتم بها الإعلام المصرى الاهتمام الواجب لتحليل دلالات هذه الانتفاضة خاصة فى هذا التوقيت الحساس، ربما شعورا بالإحراج لأن تلك الأخبار تتعارض مع مفاوضات مصر وقطر وغيرهما مع حماس لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمساجين.
سجلت وسائل الإعلام ما يردده المتظاهرون من شعارات مثل - حماس بره.. بره – عايزين نعيش.. سيبونا نعيش، وغيرها من هذه الشعارات التى تدل على تحول عميق وخطير للبوصلة الشعبية تجاه حماس، رغم أن هذا الشعور ضد حماس من سكان غزة كان موجودا لكنه كان خافتا بعض الشىء إلا أنه يزيد قوة هذه الأيام، فهم يُحمّلون حماس وزر هجوم السابع من أكتوبر غير المدروس ووزر احتجازهم للرهائن الإسرائيلية وبالتالى الخراب الذى لحق بغزة من تدمير وتشتيت السكان واستشهاد أكثر من 60 ألف غزاوى وغزاوية ومائة وخمسين جريحا، وبالإضافة إلى إعطائهم فرصة لإسرائيل الإجرامية بممارسة إجرامها عليهم.
سكان غزة غير الحمساويين باتوا يشعرون أنهم رهائن لسياسة حماس، كما ظهرت صور وفيديوهات لعناصر حمساوية تقوم بتعذيب شباب فلسطينى رافض للقتال معهم ومنتقد سياستهم، لذا علينا أن نقرأ هذه الانتفاضة بإمعان والاهتمام بدلالتها، إذ إن شباب فى سن القتال اختاروا أن يقاوموا بدون سلاح.
بعض المحللين ينظرون إلى سماح حماس ببعض المظاهرات والانتفاضات كجزء من استراتيجية التلاعب لفرض وقف لإطلاق النار، أو أيضا محاولة السلطة الفلسطينية لكسب بعض السلطة فى غزة وذلك بالاستسلام للغضب الشعبى، ولكن ما هو واضح وضوحا جليا أنه رغم ما يتم خلف الكواليس إلا أن هذه المظاهرات والانتفاضات هى حركة شعبية بامتياز فهم يطالبون بالتحرر من قبضة حماس والحرية بمعناها المطلق والأمان للسكان وحياة بدون حروب.
هذا التوقيت هو توقيت محورى أمام العالم، فهذه الانتفاضة هى اختبار لمدى سيطرة حماس على الشعب، فهولاء المنتفضون لا يحملون سلاحا ولكنهم يحملون الحقيقة وينادون العالم لحمايتهم ومساعدتهم وبناء مستقبلهم.
حماس ليست بالحمل البرىء، لكن على مصر أن تنظر إلى الأمام لصالح الإنسان الفلسطينى وبناء غزة من جديد ولصالح الوصول إلى سلام عادل وإقامة حل الدولتين وإنهاء الصراع تماما.