خصومة سياسية فى الانتخابات المغربية - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خصومة سياسية فى الانتخابات المغربية

نشر فى : الخميس 29 سبتمبر 2016 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 29 سبتمبر 2016 - 9:35 م
نشر موقع كارنيجى للسلام الدولى مقالًا لـ«ريكاردو فابيانى» المتخصص بقضايا شمال أفريقيا حول الانتخابات المغربية والاختلافات والخصومة السياسية التى تحيط بالأحزاب المغربية والانتخابات التشريعية المقبلة وما تعانيه المغرب من مشكلات خلال ذلك.

يبدأ المقال بما يطلقه الحزبان الأساسيان فى المغرب من روايات لتسليط الضوء على اختلافاتهما أمام الناخبين على الرغم من الإجماع العام على معظم المسائل. وعلى النقيض من انتخابات 2011 التى جلبت حزب العدالة والتنمية الإسلامى إلى السلطة فى المغرب، تبدو الانتخابات التشريعية التى ستجرى فى السابع من أكتوبر المقبل خالية من المفاجآت، على الأقل ظاهريا. وأبعد من المنافسة الشديدة بين حزب العدالة والتنمية وخصمه الأساسى، حزب الأصالة والمعاصرة العلمانى، تؤشر الانتخابات إلى حد كبير فى اتّجاه تطبيع مرحلة ما بعد 2011. فالخصومة التى طغت على النقاش العام، تحجب مسائل اجتماعية واقتصادية مهمة إنما عالقة ترزح البلاد تحت وطأتها منذ زمن بعيد.

يحجب هذا الاستقطاب أيضا الطبيعة غير الأيديولوجية التى تتّسم بها إلى حد كبير معظم الأحزاب السياسية المغربية. فعلى سبيل المثال، على مشارف هذه الانتخابات نجح كل من حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة فى الحصول على الدعم من أحد الأحزاب الاشتراكية: حزب التقدم والاشتراكية فى حالة الأول، والاتحاد الاشتراكى للقوات الشعبية الديمقراطى الاجتماعى فى حالة الثانى. أما معظم الأحزاب الأخرى فتنتظر النتائج النهائية للانتخابات كى تتفاوض على مشاركتها مع الفائز فى ائتلاف حاكم، نظرا إلى أن المادة 47 من دستور 2011 تنص على قيام الملك باختيار رئيس الوزراء من الحزب الأكبر فى البرلمان.

تعمد هذه الأحزاب إلى إعادة تفعيل شبكات العضوية والمحسوبيات التابعة لها عبر قطع وعود انتخابية يصعب عليها تنفيذها، فيما تشير بهدوء إلى قربها النسبى إما من حزب العدالة والتنمية وإما من حزب الأصالة والمعاصرة من دون استبعاد أية خيارات. وعلى سبيل المثال، يتواجد التجمع الوطنى للأحرار، وهو حزب وسطى، فى الحكومة بصورة شبه مستمرة منذ تأسيسه. ويعتمد الاتحاد الدستورى موقفا أكثر صدامية تجاه حزب العدالة والتنمية، ومن غير المرجّح أن ينضم إلى الحكومة فى حال كان النصر حليف الإسلاميين. ويتبنّى حزب وسطى ثالث «الحركة الشعبية» موقفا أكثر تعاونا تجاه حزب العدالة والتنمية، وقد وافق فى المبدأ على أن يكون جزءا من الحكومة العتيدة فى حال حقّق الإسلاميون الفوز؛ إلا أنه يُرجَّح أيضا أن تُبقى هذه الأحزاب خطوط التواصل مفتوحة مع حزب الأصالة والمعاصرة فى حال فاز فى الانتخابات.

أخيرا، أشار حزب الاستقلال القومى، الذى كان عضوا فى الائتلاف الحاكم الأول لحزب العدالة والتنمية، إلى قربه من هذا الأخير واستعداده للعمل معه من جديد، بعدما قام بإصلاح ذات البين معه، بعد مرحلة تصدّعت فيها العلاقات بين الحزبَين مع انضمام حزب الاستقلال إلى المعارضة لبضع سنوات.

للوهلة الأولى، يبدو وكأن هذه المواقف تحبّذ حزب العدالة والتنمية على حساب حزب الأصالة والمعاصرة ولكن إذا فاز هذا الأخير فى الانتخابات، سوف ينخرط عدد كبير من هذه الأحزاب الموالية رسميا للإسلاميين (كالحركة الشعبية وحزب الاستقلال) فى المفاوضات للانضمام إلى الحكومة.

***

يشير الكاتب إلى ما أكدته وسائل الإعلام المحلية بالمغرب على نطاق واسع عن حياد الملك محمد السادس فى هذه العملية الانتخابية، غير أن ذلك ليس مؤشرا عن أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، بل يعنى أن هذه الجولة غير ذى أهمية فى تقسيم العمل المؤسساتى فى المغرب. فالملك هو بحكم الأمر الواقع صانع القرارات الحصرى فى سلسلة من المسائل الاستراتيجية والطويلة الأمد، والتى تتراوح من السياسة الخارجية إلى مشاريع البنى التحتية الكبرى والوضع القانونى للصحراء الغربية. فى كل المسائل الأخرى (القصيرة الأمد عادةً) يكون لدى البرلمان والحكومة حرية اختيار السياسات شرط أن تتوافق قراراتهما مع النهج المفضّل لدى النظام الملكى. وعندما تتصادم هذه السياسات مع الخطوط الحمراء التى وضعها النظام الملكى، على الحكومة أن تتراجع عنها.

على ضوء ما تقدّم، ليس مفاجئا أن هناك إجماعا واسعا فى أوساط الطبقة السياسية حول المسائل الأساسية فى السياسات. فباستثناء الحملة الهادفة إلى تقنين زراعة القنّب، التى يدعمها حزب الأصالة والمعاصرة، يتفق هذا الأخير مع منافسه، حزب العدالة والتنمية، على الأهداف الطويلة الأمد فى البلاد. وتبدو الاختلافات سطحية إلى حد كبير: فمثلًا، يسلّط حزب العدالة والتنمية الضوء على التزامه بتعزيز الديمقراطية ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية المطبقّة منذ العام 2011 (من دون تحديد الإجراءات التى سوف تُتَّخَذ لدعم هذه الأهداف)، فيما يشدّد حزب الأصالة والمعاصرة على أنه يسعى إلى تسريع وتيرة التصنيع والنمو الاقتصادى (لكنه لم يشرح حتى الآن كيف سيتحقق ذلك).

***

من جهة أخرى يشير صندوق النقد الدولى والبنك الدولى إلى ثلاث مشكلات أساسية تقوّض التنمية الاقتصادية بالمغرب على المدى الطويل وتقف خلف التدنّى المستمر فى نسب النمو على الرغم من النجاح الواضح للسياسة الاستثمارية وذلك على النحو التالى:
أولا، تعانى البلاد من انخفاض شديد فى مستويات الرأسمال البشرى، ونظامها التعليمى هو من الأسوأ فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب جميع الدراسات الاستقصائية فى هذا المجال.

ثانيا، المنافسة قليلة جدا فى معظم القطاعات المحلية. فالاقتصاد، بدءا من قطاع التجزئة مرورا بالمصارف وصولا إلى الاتصالات السلكية واللاسلكية، يخضع لسيطرة شركات على صلة بالنظام الملكى ودوائره الداخلية، فى حين أن الهيئات التى يُفترَض بها تأمين المنافسة لا طائل منها. كما يؤثّر غياب المنافسة سلبا فى الإنتاجية والابتكار فى الاقتصاد.

ثالثًا، تعجز الحوكمة الاقتصادية فى المغرب عن ضمان فرص متكافئة للأعمال والشركات التى لا تزال عرضة للتدخلات السياسية. فما عدا التعليم الذى يشكّل استثناء جزئيا فى هذا الإطار (حيث هناك توافق تكنوقراطى على وجوب اتخاذ مزيد من الإجراءات لإصلاح هذا القطاع)، تُعتبَر المسائل البنيوية الأخرى من المحظورات فى السياسة المغربية، لأنها تلامس مصالح شخصية فضلا عن الدور السياسى والاقتصادى للنظام الملَكى.

***

يختتم الكاتب بأن هذه الانتخابات تساهم فى ترسيخ المظاهر التى توحى بأن الأمور تسير بطريقة طبيعية، مع ما يتناسب مع أهداف النظام الملكى الساعى وراء الاستقرار السياسى، وزيادة الاستثمارات الخارجية، وتحقيق التنمية الاقتصادية فى المدى الطويل.
ولابد من الإشارة إلى أن نسبة الاقتراع التى يُرجَّح أن تكون متدنّية لا تعد مصدرا للقلق، إذ إنه بإمكان النظام الملكى أن يصوّر الاستقطاب فى منظومة الأحزاب السياسية والإشراك الناجح لحزب إسلامى بأنه مؤشّر عن عملية الدمقرطة الجارية حاليا فى البلاد بعد إقرار التعديلات الدستورية فى العام 2011. غير أن مسائل سياسية واقتصادية أعمق تبقى خارج نطاق السباق الانتخابى الراهن، على الرغم من أهميتها فى الحياة السياسية والاقتصادية المغربية. فالملك لا يزال يمارس درجة من السلطة والنفوذ تتسبّب بكبح التطور الديمقراطى فى البلاد، ويستمر الدائنون المتعددو الأطراف فى الإشارة إلى محدوديات النموذج الاقتصادى للمغرب، إلا أن أيا من الأفرقاء السياسيين لا يبدى استعدادا لمعالجة هذه المشكلات.

النص الأصلي

التعليقات