هل يفعلها ترامب ويحل قضية الشرق الأوسط؟! - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 31 يناير 2025 1:36 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

هل يفعلها ترامب ويحل قضية الشرق الأوسط؟!

نشر فى : الخميس 30 يناير 2025 - 8:05 م | آخر تحديث : الخميس 30 يناير 2025 - 8:05 م

لعبت الولايات المتحدة، ولا تزال، الدور الرئيس فيما أُطلق عليه عملية سلام الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة. وشهدت هذه العقود لحظات نجاح محدودة وسط حالة «شبه مستمرة» من الفشل المتكرر سواء تواجد فى البيت الأبيض رئيس ديمقراطى أو جمهورى.
دأبت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تكرار مقولة «إنه لا يمكن لطرف ثالث أن يفرض اتفاقًا على الطرفين، وأن الاتفاق الذى ينهى الصراع الطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يكون نتاج مفاوضات مباشرة بين الطرفين». وأصبحت هناك وظيفة فى أروقة ودهاليز واشنطن تسمى «مسئول فى عملية سلام الشرق الأوسط»، شغلها مئات المسئولين ممن فشلوا أو أفشلوا عملية السلام، ومنهم مارتن إنديك، ودينيس روس وديفيد آرون ميلر ودانيال كيرتزر وأليوت أبرام، وغيرهم.
بسبب الدعم الأمريكى الكبير لإسرائيل سياسيًا، ودبلوماسيًا، وتسليحيًا، وماليًا، تمكنت إسرائيل من التهرب من الالتزام بمسار مفاوضات سلام تؤدى إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، حتى لو كانت منقوصة السيادة بالمعايير المتعارف عليها للدول الحديثة.
• • •
لا يمكن إنكار أن العامل الرئيسى فى الواقع الجديد المتغير الذى يشهده الشرق الأوسط، ناهيك عن بقية العالم، هو وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض. فى يونيو 2024 رفضت إسرائيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة، وفى يناير 2025 قبلت نفس الصفقة تقريبا، وذلك لسبب بسيط تمثل فى رغبة ترامب التوصل لصفقة قبل دخوله البيت الأبيض.
وفى الوقت الذى يساور بعض المراقبين العرب قلق مفهوم من تعيين حلفاء مخلصين لإسرائيل فى مناصب أمريكية رفيعة، تضم إدارة ترامب كذلك أصواتًا تدعو لانسحاب أمريكى من الشرق الأوسط، وتقديم المصالح الأمريكية على الإسرائيلية، بل ومد غصن الزيتون إلى طهران وصولاً لتطبيع العلاقات الأمريكية الإيرانية بدلاً عن مسار التصعيد والتشدد. ومن هؤلاء مايكل ديمينو، نائب مساعد وزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط، وهو منصب له تأثير على القرارات السياسية المتعلقة بإسرائيل، إضافة لتوسلى جابارد، كمديرة للاستخبارات الوطنية، ناهيك عن علاقة ترامب الشخصية والقريبة من شخصيات لها علاقة قوية بإسرائيل، من رموز التيار القومى الأمريكى مثل المذيع الشهير تاكر كارلسون.
عندما أعلن الرئيس ترامب عن نيته التوسط والتعهد بحلحلة الجمود المتعلق بالعملية التفاوضية فى غزة بين إسرائيل وحركة حماس، ولكونه قادمًا من خارج المؤسسات السياسية، لم يلتزم باتباع الأدوار والمواقف الأمريكية التقليدية التى تبناها الرئيس الديمقراطى جو بايدن، ونشرت تقارير لضغط مبعوثه لسلام الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للموافقة على صفقة يتم بموجبها وقف القتال، وبدء الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس وإدخال المساعدات.
• • •
لأسباب مختلفة، ما سيشهده الشرق الأوسط خلال الأشهر والسنوات القليلة القادمة سيعتمد فى المقام الأول على الرئيس الأمريكى، وعلى فهمه وأولوياته وإدراكه لواقع المنطقة وتعقيدات تاريخها. يريد ترامب أن يصل لصفقة كبرى تضعه كزعيم وحيد تمكن من إحلال السلام بالأراضى المقدسة، وهو ما يقربه بشدة من جائزة نوبل للسلام، والتى لم يخف رغبته فى الظفر بها.
تتحدث واشنطن عن ترتيبات إقليمية يريدها ترامب أن تسمح بتطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل لتتوج به جهود فترة رئاسته الأولى التى نجح فيها بتوقيع اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وأربع دول عربية هى: الإمارات، والسودان، والبحرين، والمغرب.
وقال يحيئيل لايتر، السفير الإسرائيلى الجديد لدى واشنطن، إن «إسرائيل أقرب من أى وقت مضى إلى التطبيع مع المملكة العربية السعودية»، وتوقع أن هذا التطور سيكون «مغيرا لقواعد اللعبة فى المنطقة وخارجها». يدرك ترامب أن سعيه للفوز بجائزة نوبل للسلام، خلال ولايته الثانية، لا بد لها أن تمر عبر بوابة الرياض والتى لا تزال متمسكة بشرط دولة فلسطينية أولا.
• • •
تبقى قوة ورغبة ترامب فى التوصل لصفقة شاملة للشرق الأوسط لها حدود بلا شك، ومن أهمها ما رآه هو، وشاهده العالم من تصميم أهل غزة على البقاء فى أراضيهم رغم تحولها لمناطق مدمرة بسبب العدوان الإسرائيلى الذى فشل فى مخطط تهجير سكان القطاع. إضافة إلى رفض مصر والأردن الحاسم لخطط تهجير سكان غزة، ليدرك ترامب استحالة قبول طلب نقل السكان لمناطق أخرى سواء بصورة مؤقتة أو دائمة.
يبقى موقف المملكة العربية السعودية، كموقف حاسم لا يمكن لترامب تجاهله فى حساباته. ورغم تقارير تشير إلى اقتراب بطىء من مسار التطبيع، إلى أن الموقف الصلب والمباشر، والذى كرره ولى عهد المملكة محمد بن سلمان، وكرره قبل أيام سفيرها فى لندن خالد بن بدر السعود، ومفاده أن السعودية لن تتمكن من التطبيع مع إسرائيل دون حل للفلسطينيين، والحل هو الدولة، يصل لصانع القرار الأمريكى دونالد ترامب. تمسك السعودية بهذا الموقف يزيد من ضغط ترامب على إسرائيل للتراجع عن رفضها ترك شىء على مائدة التفاوض، وهو ما يفهمه ويؤمن به ترامب كونه رجل أعمال وليس رجل سياسة.
ينظر ترامب لإدارة علاقات بلاده الدولية من منطلق الأخذ والعطاء، على سبيل المثال (دولة فلسطينية مقابل التطبيع السعودى الإسرائيلى)، وهنا قد تصبح إسرائيل وكأنها الطرف المعرقل الرافض الذى يقف فى طريق الصفقة التى يريدها الرئيس.
• • •
يعتبر ترامب نفسه أكثر رئيس أمريكى خدم إسرائيل وساعدها بما قام به خلال فترة رئاسته الأولى، ويؤمن ترامب أنه آن الأوان لأن تدفع إسرائيل له وترد الجميل. وقد تكشف زيارة نتنياهو لواشنطن خلال أيام ولقائه معه حجم نفوذ ترامب، ورغبته فى استغلال نفوذه وصلاحياته الضخمة لتحقيق مجد شخصى -بالأساس- قد يوقف صراعا تاريخيا فشل كل رؤساء أمريكا فى حله رغم ادعائهم شرف المحاولة.
كما هو الحال مع حالة وقف إطلاق النار فى غزة، قد يكون لحماس ترامب فى إبرام صفقة شرق أوسطية كبرى أسبقية على احتياجات إسرائيل الأمنية بما يدفعه للضغط بصورة لم تألفها إسرائيل، من قبل، خاصة وأن الحزب الجمهورى كله يصطف خلف ترامب، ذلك الرئيس الذى لا يكترث بالأيديولوجيات أو الثوابت السياسة الأمريكية التقليدية.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات