صناعة الفراعين ردت إلينا - نادر بكار - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:50 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صناعة الفراعين ردت إلينا

نشر فى : الثلاثاء 30 يوليه 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يوليه 2013 - 8:00 ص

نحن قوم إذا ما وقع أحد لأجل حظه العاثر تحت براثن سخطنا دسناه بالأقدام ورددناه أسفل سافلين ثم لا يجادلنا بعدها أحد عن الإنصاف واعتبار سابق حسنات أو حتى إنسانية وفطرة... أما إذا ما خيل علينا فرعون أن حباله وعصيه بالسحر حيات تسعى، وأجلب علينا بخيله ورجله هادرا بأعلى صوته ما علمت لكم من إله غيرى والشرر يتطاير من عينيه والجماجم متناثرة عند قدميه فلسوف نرفعه وقتها إلى أعلى عليين.

وما أدراك ما عليون فى عرفنا؟ هالة من القداسة تتواضع بجوارها هالات الأنبياء أنفسهم...أو لم يقل شاعرنا يوما: «قتلناك يا آخر الأنبياء»؟

أخطاؤه ــ إن كان ثمة أخطاء ــ هى محض تقصير وإهمال أو حتى تآمر وخيانة حاشيته وحوارييه أما هو فحاشاه أن يعتريه نقص أو أن تبدو منه هفوة ....يحكون أن السياسى الألمانى المعارض ــ قبل أن يختفى هذا الوصف بعد ذلك ـ شتراسر Strasser تجرأ يوما وألمح لـ«هتلر» خشيته من احتمال أن يكون مخطأ ، فكان رد هتلر الحاسم: «لا يمكن أن أكون مخطئا ، ما أفعله وأقوله تاريخى»....وهذا بالنسبة لنا منطقى جدا أو لم يقل شاعرنا يوما: «تعلمت البشرية درس التاريخ ووعته، فصار الأبطال فى غير أمتنا يعلمون قبل شعوبهم أنهم وإن كانوا حبات لؤلؤ فلقد خرجت من أعماق الوطن وأحشائه؛ ولإن كان سنا بريقها يذهب بالأبصار فلأنها فقط تنتظم عقدا يتلالأ فى جيد الوطن...لكن من يتحدث عن هؤلاء؟ دعنا نحن وشأننا من فضلك، فإنما خلقت أوطاننا وسماؤها وأرضها وأرواح أهلها فداء للزعيم الملهم المسدد الناطق بالحق أينما سار....أى زعيم  أقصد؟ لا يهم ربما لم يأت بعد، لكن ثق أننا سنجده ولسوف نرجوه وقتها ونتوسل إليه أن يرق لحالنا ويجبر كسرنا ويقبل رغم امتعاضه أن يستعبدنا...نعم أو لم يقل يوما شاعرنا: «لماذا قبلت المجىء إلينا؟.. فمثلك كان كثيرا علينا»؟

ولسوف نتكفل نحن بنسج الأساطير عن عبقريته الممزوجة بتواضعه وعن بطولته المختلطة بإنسانيته...سنتيه على الدنيا فخرا بزعيمنا الذى تنهال عليه المؤامرات من كل حدب وصوب فما تزيده غير ثبات وتصميم وما تزيدنا نحن غير افتتان به وتصديق بألوهيته ، ولإن هزم أو أخفق فالعيب فينا نحن لأننا قطعا سبب الهزائم والبلاء... بالتأكيد أو لم يقل يوما شاعرنا: «قتلناك.. يا جبل الكبرياء..وآخر قنديل زيت.. يضىء لنا فى ليالى الشتاء وآخر سيف من القادسيهْ..قتلناك نحن بكلتا يدينا وقلنا المنيه»؟

نحن من سنتطوع قبل أن يطلب هو لنقول بصوت خفيض وجبهة  منكسة أرنا ما ترى واهدنا سبيل الرشاد ، إذا أردت أن نرى الدماء ماء والأمل سرابا والظلم عدلا والقهر أمنا..فليكن ذلك كله وأضعاف أضعافه...لأن شاعرنا قد قال يوما: «نزلت علينا كتابا جميلا.. ولكننا لا نجيد القراءة....وسافرت فينا لأرض البراءهْ.. ولكننا.. ما قبلنا الرحيل».

معذرة هذه صناعتنا ردت إلينا...ولا ينبأك مثل خبير