إيران تستعد لانتقال القيادة - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إيران تستعد لانتقال القيادة

نشر فى : الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 9:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 30 سبتمبر 2014 - 9:25 ص

نشر معهد «ستراتفور» الأمريكى للدراسات الاستراتيجية والأمنية مقالا تحليليا يتناول فيه انتقال منصب المرشد الأعلى فى إيران لشخص غير «على خامنئى». جاء فى بداية المقال، أنه على الرغم من أن إيران قامت ببث صور ومقاطع الفيديو لكبار المسئولين فى الدولة وكبار الشخصيات الأجنبية أثناء زيارتهم للمرشد الأعلى آية الله على خامنئى فى المستشفى، مازالت حالة الرجل، الذى شغل أقوى منصب فى الجمهورية الإسلامية، غير واضحة. وتشير الإدارة غير العادية للإعلام حول ما وصف بأنه عملية جراحية بسيطة إلى أن طهران ربما تعد الأمة والعالم للانتقال إلى المرشد الأعلى الثالث. وتخفى الجهود الإيرانية لإبراز جو من الحياة الطبيعية فى ظل المخاوف بين الفاعلين فى النظام السياسى الإيرانى من ظهور فراغ فى السلطة مع وصول الجمهورية الإسلامية إلى مفترقات طرق جيوسياسية.

وسوف يأتى أى انتقال للسلطة فى الوقت الذى يعتبر الأكثر أهمية فى تاريخ الجمهورية الإسلامية، البالغ 35 عاما، بسبب تحولات غير مسبوقة جارية فى السياسة المحلية، والأهم، بسبب الأحداث الدولية. وقد واجه انتخاب الرئيس المحافظ البراجماتى حسن روحانى فى يونيو 2013 الذى أسفر عن برنامج الإصلاح الاجتماعى والسياسى والاقتصادى مقاومة كبيرة من داخل فصائل من اليمين المتشدد داخل المؤسسات الدينية والأمنية. وتمثلت أكبر مشكلة بين المعسكر الرئاسى ومعارضيه، فى عملية المفاوضات المستمرة مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووى الإيرانى.

وعرض المقال التحليل التالى:

• المحادثات النووية وسوريا

وبعد تحقيق تقدم غير مسبوق فى نوفمبر 2013 والتوصل إلى اتفاق مؤقت، واجهت عملية التفاوض عقبة كبيرة، مع عدم التوصل لاتفاق نهائى قبل الموعد المحدد فى 20 يوليو 2014، على الرغم من أن الموعد النهائى للمفاوضات تم تمديده إلى 24 نوفمبر 2014 وكان من المتوقع التوصل إلى شكل من أشكال الاتفاق الجزئى، مع تزايد المحادثات قبيل الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك يوم 18 سبتمبر.

ولكن بدأ، منذ ذلك الحين، يتردد أن هناك حالة تشاؤم فى طهران، مع تمهيد كبار مسئولى وزارة الخارجية، فى وسائل الإعلام، لاحتمال فشل المحادثات. وتأتى مخاطر الفشل من حقيقة أن روحانى لا يمكنه قبول تقييد قدرة إيران على تطوير برنامج نووى مدنى، فى الوقت الذى يقترب خصومه الصقور من أن تكون لهم اليد العليا فى الصراع السياسى الداخلى فى إيران. وتقول مصادر إن روحانى لم يكن يرغب فى حضور الجمعية العامة لهذا العام، ولكن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أقنع الرئيس أن زيارته قد تساعد عملية التفاوض.

وكما لو أن التفاوض فى حد ذاته لا يشكل ما يكفى من مشاكل لروحانى، فقد أضاف تحرك الولايات المتحدة لدعم قوات المتمردين فى سوريا التى تحارب كلا من الدولة الإسلامية وحليفها، نظام الأسد، مشكلة كبيرة لطهران. وتشابكت مصالح الولايات المتحدة وإيران فيما يتعلق بتهديد داعش فى العراق. لكن فى سوريا، يجب أن تعتمد الولايات المتحدة على أعداء إيران لقتال داعش، وأن تسعى إدارة أوباما لإسقاط نظام الأسد. ولذلك، يبدو أن التوتر بين الجانبين يعود بعد أقل من سنة على بدء التقارب بينهما.

• مرشد أعلى جديد

وعلى قمة هذه الضغوط، حولت الشكوك المحيطة بصحة خامنئى أولويات إيران نحو البحث عن المرشد الأعلى الجديد. وتشير الطريقة غير العادية التى تواصل بها طهران محاولة إظهار أن كل شيء على ما يرام بخصوص حالة خامنئى الصحية - بينما فى الوقت نفسه تعد البلاد والعالم الخارجى نفسيا من أجل التغيير المحتوم - إلى جانب نشر وثائق ويكيليكس (التى لم يتم التحقق منها) عام 2010 من ضمنها برقية دبلوماسية أمريكية تفيد أن المرشد الأعلى كان يعانى من سرطان مزمن، إلا أن المؤسسة السياسية فى طهران تستعد لخلافته. كما أن خامنئى نفسه يرغب فى إعداد خليفة قبل أن يعجز عن القيام بمسئولياته الرسمية.

وقبل انتخاب خامنئى المرشد الأعلى فى عام 1989، كانت فكرة وجود هيئة دينية جماعية سائدة بين العديد من رجال الدين. وفى عدة مناسبات، اقترح آية الله على أكبر هاشمى رفسنجانى، ثانى أكثر رجال الدين تأثيرا فى البلاد، إنشاء «مجلس فقهى» يتكون من عدة رجال دين كبار، بديلا عن منصب المرشد الأعلى. ولم يحظ اقتراحه بكثير من الاهتمام، ولكن مع اقتراب خلافة وشيكة، قد يبدو الاقتراح أكثر جاذبية كحل وسط إذ فشلت الفصائل المتنافسة فى الوصول إلى توافق.

ومن الناحية الدستورية، يتولى مجلس قيادة مؤقت المسئولية فى حال عجز المرشد الأعلى الحالى عن القيام بمهامه، إلى أن ينتخب مجلس خبراء القيادة خليفة له. ونظرا لانقسام فصائل النخبة السياسية الإيرانية، من الطبيعى أن نتوقع أن يعكر صفو عملية خلافة خامنئى صراع كبير بين مختلف الأطراف التى تشكل المؤسسة المحافظة. فضلا عن أنها فرصة نادرة للغاية لأولئك الذين يسعون إلى التغيير، وكذلك من ينشدون الاستمرارية، من أجل تشكيل مستقبل الجمهورية.

وبالنسبة للمتشددين، الساخطين بشدة على ما يرونه مسارا معتدلا مقلقا للغاية اعتمده روحانى، ينبغى ألا يكون المرشد الأعلى القادم متعاطفا مع الرئيس. فهم يرون أن خامنئى أتاح للحكومة حتى الآن الكثير من حرية الحركة. ومن جانبه، يدرك روحانى أنه إذا اكتسب خصومه نفوذا فى المرحلة الانتقالية، سوف تتضاعف مشاكل تعزيز سياسته المحلية والخارجية.

• الخلفاء المحتملون

ومما لا شك فيه أن قوة النخبة الأيديولوجية العسكرية فى البلاد، الحرس الثورى الإسلامى، سوف تلعب دورا رئيسيا فى تحديد من يصبح المرشد الأعلى. وبالمثل، فإن المؤسسة الدينية فى «قم» سيكون لها بالتأكيد رأى فى هذه المسألة. وقد صار رجال الدين فى العصر الثورى الذين هيمنوا طويلا على المؤسسة السياسية طاعنين فى السن، ولا يريد مجلس خبراء القيادة تعيين شخص من سن متقدمة، لأن هذا من شأنه أن يؤدى بسرعة إلى مشكلة خلافة جديدة.

ومن بين البدائل المحتملة لخامنئى، رئيس السلطة القضائية السابق آية الله محمود هاشمى شاهرودى، وهو رجل دين مقرب من خامنئى ومعروف بمواقفه المعتدلة نسبيا. وأيضا حسن الخمينى، أكبر أحفاد مؤسس الجمهورية آية الله روح الله الخمينى. وهو قريب من معسكر الرئيس المحافظ البراجماتى الرئيس والإصلاحيين، ولكن نسبه العائلى قد لا يعوض ميوله اليسارية نسبيا، وصغر سنه نسبيا ( 42عاما). وأخيرا، تضم قائمة البدلاء، رئيس السلطة القضائية الحالى محمد صادق لاريجانى، الشقيق الأصغر لرئيس البرلمان على لاريجانى الذى يعتقد البعض أنه المرشح المفضل للحرس الثورى الإسلامى.

فى النهاية أشار المعهد إلى أن المشكلة الرئيسية التى تحيط منصب المرشد الأعلى منذ وفاة مؤسس الجمهورية، تكمن فى ضيق دائرة المرشحين المحتملين لاختيار بديل: فمعظم رجال الدين يفتقرون إلى المهارات السياسية، فى حين أن أولئك الذين لديهم الدهاء السياسى المطلوب، تنقصهم المؤهلات الدينية. وكان خامنئى رجل دين من مرتبة تقل عن آية الله، قبل وقت قصير من توليه منصب المرشد الأعلى، إلا أنه أظهر فطنة سياسية كبيرة منذ ذلك الحين. أما الخمينى فقد تفرد بامتلاك مكانة صلبة باعتباره عالم دين مرموقا، ولكنه امتلك أيضا مؤهلات سياسية قوية منذ فترة طويلة نظرا لقيادته الحركة التى بلغت ذروتها فى الاطاحة بالشاه فى 1979. ومنذ خلاف الخمينى مع خليفته المعين آية الله حسين على منتظرى، فى عام 1987، لم يجمع أحد بين هاتين الميزتين. ولن يكون من يتولى بعد خامنئى استثناء من هذا، على الرغم من أنه سوف يتعين عليه أن يكون قادرا على إدارة المنافسات بين التيارات فى واحدة من أكثر المراحل أهمية فى تطور الجمهورية الإسلامية.

التعليقات