خطر حقيقي يقترب - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 11 أبريل 2025 11:22 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

خطر حقيقي يقترب

نشر فى : الأحد 31 مايو 2009 - 9:23 م | آخر تحديث : الأحد 31 مايو 2009 - 9:23 م

 تعلمنا دائما أن تماسك الوطن وجريان نيله خطان أحمران لا يجوز انتهاكهما، وأن تحقيق هاتين الغايتين هما من أقدس وظائف النظام .

لكننا ومنذ سنوات، بدأنا نشهد تفريطا على الجبهتين، وما كنا نظنه بعيدا إلى حد الاستحالة، صار قريبا جدا إلى حد الخطر.

العلاقة بين المسلمين والأقباط تشوهت، وسرى توتر ناعم بين أبناء الوطن الواحد ينقلب إلى خشونة قاسية فى لحظات عدة، حتى صارت الديانة بديلا للجنسية، ولامجال هنا ــ ولانية لدى فى الحقيقة ــ للاستطراد فى هذا الموضوع الذى يوجع قلبى ويكدر نفسى ويملأها بالكآبة، ولأذهب فورا إلى هدفى من كتابة هذا المقال.

إنه النيل « قدس أقداس » المصرى القديم وسبب حياته، والذى يواجه نصيبنا منه خطرا محدقا. فقد تابع المصريون رفض حكومتهم توقيع اتفاقية الإطار التعاونى لدول حوض النيل العشر، وعرفوا أن سبب الرفض هو أن الاتفاقية لم تنص على حق مصر «التاريخى» فى الحصول على حصتها من المياه، وأنها لاتلزم أى طرف بالحصول على موافقة بقية الدول عند القيام ببناء سدود أو مشروعات على النيل اكتفاء بإخطارها .

وطوال اثنى عشر عاما هى عمر الإعداد لهذه الاتفاقية، لم يسمع الناس شيئا عن تهديد حصتهم فى مياه النيل، بل إن التصريحات الرسمية كانت تؤكد باستمرار أن نصيب مصر لن ينقص بل ربما سيزيد، فإذا كانت مصر تحصل على 55 مليار متر مكعب وفقا لاتفاقية 1959، فإنها وبعد نصف قرن تستحق أكثر، مع الزيادة الهائلة فى عدد السكان والتوسع فى المشروعات الزراعىة وتعمىر الصحارى، وخصوصا أن مصر تعتمد على النيل كليا لتوفير احتياجاتها من المياه، بعكس دول الحوض الأخرى التى تتعدد لديها مصادرها.

وقد قبلت مصر أن يكون البنك الدولى طرفا فى مناقشة أمور النهر، وما يعنى البنك هو التوزيع «العادل» للحصص، بصرف النظر عن تعدد الموارد المائية، واستنادا إلى هذه الرؤية، فإن مصر تحصل على حصة كبيرة مقارنة بدول الحوض الأخرى .

هل كانت الحكومة « تلعب » طوال اثنى عشر عاما هى عمر الإعداد للاتفاقية، التى سبقتها بالتأكيد مشاورات ومداولات وملاحظات قبل أن تصل إلى مرحلة التوقيع النهائى؟. هل لم تكن تدرك حجم الخطر، برغم ما أعلنته جهات دولية من أن مصر دخلت حزام الفقر المائى، أم أنها كانت تدركه وآثرت أن « تخدعنا»؟

وهل للأمر علاقة بإقالة وزير الموارد المائية السابق محمود أبو زيد؟

كما نرى، فالأمر لاصلة له بمؤامرات خارجية، ولا برغبة إسرائيل فى حصار مصر وشفط حصتها من المياه، الأمر يتعلق بعدم الكفاءة وانعدام المسئولية والشفافية إلى حد التفريط، المسألة تتعلق بغياب الرؤية السياسية، وتلاشى القدرة على الحفاظ على حقوق مصر وثوابتها.

نظامنا مشغول بالتوريث وزيارة أوباما وقوانين البث الفضائى وهشام طلعت وسوزان تميم ومرتضى منصور، فيما يواجه الوطن خطر التفكك والمجاعة.
ثمة خطر حقيقى يقترب.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات