ارتفاع درجات الحرارة في الصيف لا يسبب فقط الإحساس بالتعب أو العرق، بل يؤثر أيضًا على أعضاء مهمة في الجسم، وأبرزها الكلى. فمع فقدان الجسم لكمية كبيرة من السوائل بسبب التعرق، تصبح الكلى تحت ضغط كبير، وخصوصًا لدى من يعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري. ولهذا، من المهم معرفة كيف نحمي الكلى في الأجواء الحارة.
-الجفاف.. العدو الصامت للكلى في الصيف
ويقول الدكتور عبدالله رجب، استشاري أمراض الباطنة والكلى، في حديثه لـ"الشروق"، إن حرارة الجو تؤدي إلى فقدان الماء من الجسم عن طريق العرق، وإذا لم يتم تعويض ذلك بشرب كمية كافية من الماء، فإن الكلى تكون من أول الأعضاء التي تتأثر.
فعندما يصاب الجسم بالجفاف، يقل تدفق الدم إلى الكلى، وهذا يضعف من قدرتها على تنظيف الجسم من السموم. وتشير دراسات متعددة إلى أن حالات تكوّن الحصوات الكلوية تزداد في الصيف بسبب قلة كمية البول وارتفاع تركيز الأملاح فيه، مما يجعل بيئة المثانة والحالب أكثر عرضة لتكوُّن البلورات التي تتطور إلى حصى.
-مرضى القصور الكلوي.. التعامل مع الحر يختلف حسب الحالة
يوضح الدكتور عبدالله، أن المصابين بالقصور الكلوي لا يتعاملون مع الصيف بنفس الطريقة، إذ ينقسمون إلى فئتين.
-المرحلة المبكرة من القصور الكلوي:
ويُنصح هؤلاء بشرب كميات كافية من المياه "ما بين 2 إلى 3 لترات يوميًا غالبًا، حسب وزن الشخص ونشاطه"، لأن الجفاف يمكن أن يزيد من تدهور الكلى ويقلل من كفاءتها في تنقية الدم.
القصور الكلوي المتقدم مع الغسيل الكلوي
في هذه الحالة، يجب الالتزام الدقيق بتعليمات الطبيب. فزيادة أو نقص السوائل يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة مثل احتباس السوائل في الجسم أو مشاكل في القلب. الطبيب يحدد ما يُعرف بـ"الوزن الجاف" وهو الوزن المثالي للمريض بين جلسات الغسيل، ويجب الحفاظ عليه بدقة.
-نصائح هامة لحماية الكلى من تأثير الصيف
يوصي الأطباء وخبراء الصحة العامة الجميع، وخاصة مرضى الكلى، باتباع هذه النصائح خلال فترات الحر الشديد:
-تجنب الخروج في أوقات الذروة من 11 صباحًا إلى 4 عصرًا.
-تقليل المجهود البدني في الشمس.
-شرب من 2.5 إلى 3 لترات من الماء يوميًا، إلا إذا نصح الطبيب بغير ذلك.
-ارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة مصنوعة من القطن.
-الابتعاد عن المشروبات الغازية والمأكولات المصنعة، لأنها قد تحتوي على صوديوم وفوسفات ضارين للكلى.
-مراقبة لون البول، فكلما كان أفتح كان ذلك دلالة على ترطيب جيد، أما البول الداكن أو قلة التبول فهي إشارات على الجفاف.
أدوية مدرة للبول.. ضرورية لكنها قد تزيد الخطر في الصيف
الكثير من مرضى الكلى أو القلب يتناولون أدوية مدرة للبول لتقليل احتباس السوائل، لكنها قد تزيد خطر الجفاف في الحر. لذلك يُنصح بمراجعة الطبيب مع بداية فصل الصيف لإعادة تقييم الجرعة أو توقيت الدواء حسب حالة الجسم ودرجة الحرارة اليومية.
الكلى تحتاج الماء والراحة
ويختم الدكتور عبدالله نصائحه بالتأكيد على أن الكلى تتأثر أكثر من غيرها بفقدان الماء، خاصة في الصيف. فارتفاع درجات الحرارة لا يتعب الجسم فقط، بل يرهق الكلى أيضًا. لذلك فإن شرب الماء بكميات كافية، وتجنب الجهد الزائد، والراحة الجسدية تعتبر وسائل أساسية للحفاظ على صحة الكلى.
كما تقول منظمة الصحة العالمية: "الترطيب الجيد أحد أسهل وأهم وسائل الوقاية من أمراض الكلى".
نصائح طبية للحفاظ على الكلى في الصيف:
-تجنّب تناول المسكنات بكثرة في الجو الحار، خاصة مع الجفاف، لأنها قد تضر بوظائف الكلى.
-إضافة الفواكه الغنية بالماء إلى النظام الغذائي، مثل البطيخ والخيار والبرتقال، للمساعدة في الترطيب الطبيعي.
-الحذر من المكملات العشبية العشوائية أو المنتجات غير المرخصة، فبعضها يحتوي على مواد سامة للكلى حسب تحذيرات FDA.
-تقليل الصوديوم في الطعام "مثل المخللات واللحوم المصنعة"، لأن الملح الزائد يزيد من عبء العمل على الكلى، ويدفع الجسم للاحتفاظ بالماء
-ممارسة النشاط البدني في أوقات باردة مثل الصباح الباكر أو المساء، لتفادي الإجهاد الحراري الذي يرفع مخاطر الجفاف.
- قياس ضغط الدم بانتظام، لأن التحكم فيه يساعد على حماية الكلى من التلف التدريجي، خاصة لمن لديهم تاريخ مرضي.
واختتم الدكتور عبدالله حديثه، قائلا: "في الصيف، صحة الكلى لا تعتمد فقط على شرب الماء، بل على نمط حياة متوازن يشمل التغذية الجيدة، وتفادي الأدوية الضارة، والراحة الكافية، لأن الكلى جهاز حساس لأي خلل بسيط في توازن الجسم".