- السندات البريطانية أجل 30 عامًا ترتفع إلى أعلى مستوى في 27 عاما والألمانية 14 والفرنسية 16
دفعت المشكلات السياسية والاقتصادية عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل في العديد من الدول الأوروبية وأمريكا إلى الارتفاع إلى أعلى مستوى في عقود أمس الأول الثلاثاء.
وبلغت عوائد سندات الحكومة البريطانية لأجل 30 عامًا أعلى مستوى لها في 27 عامًا.
وتقيس العوائد سعر الفائدة الذي يحصل عليه المستثمر مقابل حيازة سند، وترتفع عند انخفاض سعره.
وتعرضت تكاليف الاقتراض في بريطانيا لضغوط مؤخرًا، مما شكل مصدر قلق إضافيا لوزيرة الخزانة، راشيل ريفز، قبل إعلان بيان ميزانيتها في الخريف.
ومن المتوقع أن تشدد ريفز السياسة المالية للبلاد لضمان الالتزام بالقواعد المالية التي فرضتها حكومتها على نفسها.
ويتوقع المحللون أن تحتاج بريطانيا قريبًا إلى زيادة الضرائب للحد من عجز الميزانية. في الوقت نفسه فإن ارتفاع العائد على سندات الخزانة البريطانية يعد عنصرا رئيسيا في الحسابات المالية للحكومة.
وكانت السندات الحكومية طويلة الأجل عرضة بشكل خاص لعمليات البيع بسبب تراجع الطلب من المشترين التقليديين مثل صناديق التقاعد ذات المزايا المحددة، فضلاً عن المخاوف بشأن ارتفاع التضخم في بريطانيا.
وارتفع سعر الفائدة على السندات السيادية البريطانية أجل 30 عامًا بنحو 110 نقاط أساس خلال الاثني عشر شهرا الماضية، مقابل ارتفاع العائد على السندات الأمريكية المناظرة بمقدار 80 نقطة أساس خلال الفترة نفسها. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع فارق العائد بين سندات بريطانيا لأجل عامين والسندات أجل 30 عاما إلى 164 نقطة أساس، مقتربًا من أعلى مستوى إغلاق له منذ عام 2017، وفق الوكالة الألمانية.
وانخفض الجنيه الإسترليني بنسبة 1.2% مقابل الدولار ليصل إلى 1.338 دولار، مما يضعه على مسار تسجيل أكبر انخفاض يومي منذ 7 أبريل، في ظل حالة من الفوضى التي سادت السوق بعد إعلان دونالد ترامب عن رسوم جمركية جديدة على شركاء الولايات المتحدة التجاريين.
وانخفضت سوق الأسهم البريطانية بالتزامن مع تراجع المؤشرات في جميع أنحاء أوروبا، وانضمت وول ستريت إلى موجة البيع المكثفة مع إعادة فتح الأسواق الأمريكية بعد عيد العمال.
وكان مؤشر فوتسي 100 للشركات الرائدة قد انخفض بمقدار 64 نقطة - أي بنسبة 0.7% - ليصل إلى 9131 نقطة بعد ظهر الثلاثاء، متراجعًا عن أعلى مستوى قياسي له خلال اليوم عند 9357 نقطة والذي سجله الشهر الماضي.
وقفزت عوائد سندات الحكومة الفرنسية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوياتها في أكثر من 16 عامًا أمس الأول الثلاثاء، حيث سارع المستثمرون إلى بيع الديون الفرنسية.
ودعا رئيس الوزراء فرانسوا بايرو إلى تصويت بالثقة على الحكومة الفرنسية خلال الشهر المقبل في ظل تصاعد الخلافات بين الأحزاب السياسية بشأن ميزانية العام المقبل التي تتضمن خفضا كبيرا في الإنفاق العام. وأدى ذلك إلى انخفاض الأسهم الفرنسية.
وارتفع عائد سندات الحكومة الألمانية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوى له في 14 عامًا، تماشيًا مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، بينما وصل عائد سندات الحكومة الإيطالية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوى له منذ أبريل.
وقال مارك هيفيل، كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات العالمية في يو بي إس، إن تزايد المخاطر السياسية والجيوسياسية سبب رئيسي لهذه القفزات، والاتجاه نحو الذهب، وفق "إيه بي إس".
واستعاد الدولار بعض قوته، مرتفعًا بنسبة 0.5% مقابل سلة من العملات الرئيسية، بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له في 5 أسابيع يوم الإثنين، قبل عودة المتداولين الأمريكيين من عطلة عيد العمال.
وتعرضت العملة الأمريكية لضغوط بيع مع تزايد توقعات خفض أسعار الفائدة في اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، حيث تتوقع الأسواق خفضها بمقدار ربع نقطة مئوية بنسبة 90%.
وقالت إيبك أوزكاردسكايا، كبيرة المحللين في بنك سويسكوت: "شهدت حصة سندات الخزانة الأمريكية التي تحتفظ بها البنوك المركزية الأجنبية انخفاضًا لأكثر من عقد، لكن هذا التحول إلى الذهب تسارع هذا العام وسط مخاوف بشأن الديون الأمريكية، وخفض التصنيفات الائتمانية، والتوترات التجارية، والمخاطر الجيوسياسية. حتى أن مخصصات البنوك المركزية من الذهب تجاوزت حيازاتها من سندات الخزانة الأمريكية هذا العام".
وأضافت أن صناديق التقاعد الهندية تسعى للحصول على موافقة للاستثمار في صناديق الذهب المتداولة في البورصة، مما يشير إلى طلب قوي على الرغم من السعر القياسي، وفق صحيفة الجارديان.
كما يتزايد القلق بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي، في ظل انتقادات دونالد ترامب المتكررة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول وتحركاته لإقالة حاكمة المجلس ليزا كوك.
قال ستيفن إينيس، الشريك الإداري في شركة إس بي آي لإدارة الأصول: "لطالما كان سبتمبر شهرًا قاسيًا على الأسواق، لكن هذا الشهر يحمل أكثر من مجرد موسمية. إنه يطرح تساؤلًا حول ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيخضع أم سينكسر".