حصل الفيلم التركي "آيشا" على جائزة هنري بركات لأفضل إسهام فني لـ مخرج الفيلم نجمي سنجاك، ضمن فعاليات الدورة 45 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي أقيمت دورته في الفترة من 13 وحتى 22 نوفمبر الماضي.
وفيلم "آيشا/ Ayse" هو تجربة إنسانية تتعمق في حالة خاصة من العلاقات، بين سيدة أربعينية وشقيقها المصاب بمتلازمة داون، ويحلل الفيلم ديناميكية العلاقة الشاقة التي تتحملها الأخت والأفكار التي تطاردها كونها أنثى تنسحق أنوثتها تحت وطأة الظروف، من تأليف أحمد ونجمي سنجاك وبنور كايا.
يحمل الفيلم اسم شخصيته الرئيسية "عائشة"، وهي امرأة أربعينية تعمل في محطة وقود، ترتدي ملابس مثل الرجال ونادراً ما تهتم بذاتها كأنثى. ترعى عائشة شقيقها الذي لا يستطيع فعل أي شيء أو التعامل مع العالم بدونها، ووالدها المسن. وعندما يرحل والدها ويتقدم لخطبتها سائق تعرفه سابقاً، تبدأ في التفكير في شقيقها، أنه عائق أمام هذه الزيجة، ولكن ماذا تفعل؟ ومن هنا يبدأ الصراع في الفيلم حول الاختيار، خاصة مع شعورها بالضغط الشديد نتيجة احتياجه لها في كل التفاصيل حتى الذهاب إلى المرحاض.
تقرر عائشة ترك باب المنزل دون أن تغلقه جيداً حتى يخرج شقيقها وتفقده، ولكن عندما يحدث ذلك تنهار تمامًا وتكون في حالة خوف شديدة عليه، حتى تستطيع العثور عليه. وفي هذه اللحظة، يعبر المخرج عن خسارة العريس المحتمل من خلال مفترق الطرق، حيث يتحرك السائق بسيارته في طريق مختلف عن طريق سيارة الإسعاف التي تقل عائشة وشقيقها.
كان الفيلم صعبًا على أكثر من مستوى، خاصةً وأن المخرج نجمي سنجاك قد استعان بفاطمة وشقيقها رضوان ذو 35 عامًا – أبناء عمه بالفعل – لتمثيل الحكاية، حيث تعيش فاطمة في الحقيقة بدون زواج مع شقيقها المصاب بالتوحد رضوان، وتتولى رعايته. وقد قرر سنجاك أن تكون قصة فيلمه قائمة على فرضية "ماذا لو تقدم عريس لخطبة فاطمة؟" وبنى دراما الفيلم على هذه الفرضية.
وفي حوار مع جريدة الشروق، تحدث نجمي سنجاك عن الفيلم عقب مغادرته مصر وزيارة بعض المناطق الأثرية بها:
- متى وكيف جاءت فكرة صنع فيلم "آيشا" إليك؟
كان حلمي صناعة الأفلام منذ طفولتي. لدي عائلة كبيرة وروابطنا قوية. كان يتوقع مني أفراد عائلتي أن أنضم إلى سوق العمل وأكون مثل باقي أبناء عمومتي، لكن شيئًا فشيئًا، بدأت أدخل أفراد عائلتي في حلمي بصناعة الأفلام.
قبل حوالي 10 سنوات، عندما أخبرنا فاطمة، أخت ابن عمي رضوان، أننا سنصنع فيلمًا عن حياتهم، لم تصدق أننا نستطيع فعل ذلك، وقالت: "أولًا، كونوا مخرجين، ثم سنتحدث"، لكن ابن عمي أحمد، أحد كتاب السيناريو في الفيلم، كان يؤمن بنا بشدة، وتمكن بالفعل من إقناعها بالموافقة.
وبعد 10 سنوات، في الشهر الماضي، عندما شاهد ابن عمي رضوان وفاطمة قصتهما مع الجمهور في مهرجان أنطاليا السينمائي، هذه المرة، لم نتمكن أنا وأحمد من تصديق أن الأمر كان حقيقيًا، كان فعلاً أشبه بحلم.
- لماذا اخترت هذه القصة، وما كان الدافع الذي حركك نحوها على المستوى الدرامي؟
كنت أرغب في أن يرى الناس ويفهموا عن قرب وبشكل أفضل حياة مقدمي الرعاية وأفراد عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال هذا الفيلم.
- لماذا اخترت أشخاصًا حقيقيين للتمثيل بدلاً من ممثلين محترفين؟ وكيف كانت تجربتك في العمل مع ممثلين غير محترفين؟ وما هي العقبات التي واجهتها أثناء عملية التصوير، وخاصة مع شخصية رضوان؟
إلى جانب الصعوبات المالية التي واجهتنا، كان وجود ممثل مصاب بمتلازمة داون يتطلب الكثير من البحث والجهد في التوجيه. وبالطبع كان على رضوان أن يقدم الكثير من التضحيات أثناء تصوير الفيلم ويبذل قصارى جهده لأداء شخصية تختلف عن شخصيته الحقيقية، لأن رضوان في الحقيقة حالته أفضل من الصورة التي ظهر بها في الفيلم.
- لماذا اخترت نهاية تبدو حزينة، مع ترك الحبيب لها؟
ليست نهاية حزينة في وجهة نظري، في الواقع، بعد كل الارتباك الذي عاشته الشخصية بسبب عرض الزواج، أصبحت الآن تفهم تمامًا أن رضوان هو الحب الحقيقي الوحيد في حياتها. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تقدّر وجود رضوان أكثر بعد أن شعرت بالضياع لفترة.
- هل واجهت صعوبات في تمويل الفيلم؟
بالطبع، كما هو الحال مع جميع المخرجين الذين يسعون لتصوير أفلامهم الأولى وشق الطريق نحو التجارب الأولى، فإن العائلة والأصدقاء الحقيقيين هم الذين يهتمون ويدعمون حلمك حتى النهاية، تمامًا كما في قصة "آيشا"، لذلك استغرق صناعة الفيلم حوالي عامين، شملت مرحلة ما قبل وما بعد الإنتاج.
يذكر أن المخرج نجمي سنجاك، هو طالب سينما في جامعة ولاية كاليفورنيا، بدأ مسيرته مع الأفلام القصيرة، ثم بعد تولى دور المنتج لأفلام أصدقائه الروائية، وفقًا لحديثه مع الشروق، وحقق مجموعة من الجوائز في مهرجانات الأفلام الدولية.
وبالإضافة إلى جائزته في مهرجان القاهرة، ففي الشهر الماضي أيضًا، في مهرجان أنطاليا السينمائي، عُرض فيلمه الروائي الأول "آيشا" وحصل على 4 جوائز، منها جائزة أفضل مخرج وأفضل فيلم أول.