محلل عسكري: سيناريو التدمير المتبادل لا يكفي لمنع نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان - بوابة الشروق
الخميس 8 مايو 2025 1:38 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

محلل عسكري: سيناريو التدمير المتبادل لا يكفي لمنع نشوب حرب نووية بين الهند وباكستان

واشنطن- د ب أ
نشر في: الخميس 8 مايو 2025 - 10:54 ص | آخر تحديث: الخميس 8 مايو 2025 - 10:54 ص

شهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة تصاعدا في التوترات السياسية والعسكرية بين الهند وباكستان حتى وصلت إلى تبادل القصف في أعقاب الهجوم المسلح الذي استهدف مجموعة من السائحين في الشطر الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين في منتصف الشهر الماضي.

والآن تقف الجارتان النوويتان على حافة الحرب الشاملة. وخلال اليومين الماضيين نفذت القوات الجوية الهندية هجمات على الأراضي الباكستانية مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، و أعلنت إسلام أباد إسقاط 5 مقاتلات هندية، في حين تواصل الهند موقفها المتشدد ضد جارتها.

وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قال ستافروس أتلاماز أ وغلو الصحفي اليوناني المتخصص في شؤون الدفاع والعسكري المخضرم في الجيش اليوناني، إن العداء بين الهند وباكستان ليس جديدا. فقد خاضت الدولتان ثلاث حروب شاملة، وعشرات المناوشات الأصغر حجمًا، منذ استقلالهما عن بريطانيا عام ١٩٤٧. ومع ذلك، تجنبتا الحرب الشاملة منذ عام ١٩٩٨، بعد أن امتلكت الدولتان أسلحة نووية.

وبحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي تمتلك الهند حوالي 172 قنبلة نووية. وكانت الأسبق في إنشاء ترسانة نووية. وفي عام 1974 أجرى الجيش الهندي أول تجربة نووية ناجحة. ومنذ ذلك الوقت، دأبت نيودلهي على تزويد ترسانتها النووية بذخائر أكثر حداثة وقوة تدميرية. والأهم من ذلك، أن الجيش الهندي يمتلك ثالوثًا نوويًا كاملًا، يضم قدرات نووية برية وبحرية وجوية، حيث يمتلك الجيش الهندي صواريخ باليستية وطائرات مقاتلة وغواصات قادرة على إطلاق أسلحة نووية.

ويرى أتلاماز أوغلو الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة جونز هوبكنز والماجستير من كلية الدراسات الدولية المتقدمة التابعة لها، أن امتلاك أي دولة لهذا الثالوث النووي يعني قدرته على الرد بالمثل في حال التعرض لهجوم نووي. وبما أن أي ضربة ثانية ستمحو الدولة التي أطلقت الأسلحة النووية أولًا، فإن هذه القدرة تضمن "التدمير المتبادل المؤكد" وهو السبب في عدم وقوع أي حرب شاملة بين دولتين نوويتين.

وفيما يتعلق بالاستعداد، أشار معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي في أحدث مراجعة له للترسانة النووية العالمية إلى أنه "لطالما ساد الاعتقاد بأن الهند تخزن رؤوسها الحربية النووية بشكل منفصل عن منصات الإطلاق المنتشرة" خلال فترات السلم. ومع ذلك، اتخذت نيودلهي مؤخرًا اتجاهًا معاكسًا، أي "نحو وضع الصواريخ في حاويات وإجراء دوريات ردع بحرية". ويعني أن الهند، من خلال دمج الرؤوس الحربية مع منصات الإطلاق، ستتمكن من نشر سلاح نووي بسرعة على متن غواصاتها.

وفيما يتعلق بالسياسة النووية، وافقت الهند على سياسة "عدم البدء بالاستخدام"، أي أنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا ردًا على هجوم نووي.

وكانت الهند سابع دولة في العالم تمتلك قدرات نووية، بعد الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وإسرائيل (مع أن إسرائيل لم تعترف علنًا ببرنامجها النووي). كما كانت أول دولة تطور سلاحا نوويا خارج إطار معاهدة حظر الانتشار النووي لعام ١٩٦٨، التي لم توقع عليها.

في المقابل تمتلك باكستان ترسانة نووية تضم حوالي 170 قنبلة، مما يُبقيها على قدم المساواة مع جارتها الأكبر. وقد احتلت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا المرتبة الثانية، ولم تُنشئ ترسانة نووية إلا عام 1998. ومنذ ذلك الحين، سعت جاهدةً لسد الفجوة مع جارتها والاستعداد للصمود في أي مواجهة نووية محتملة.

كما عملت باكستان على تطوير ثالوث نووي، بقدرات إطلاق متطورة برية وجوية وبحرية. وكما هو الحال مع الهند، سيضمن هذا الثالوث النووي لها قدرة على الرد بالضربة الثانية.

ورغم أن باكستان لم توافق على سياسة "عدم البدء بالاستخدام". فإنها أكدت أن تطويرها للأسلحة النووية التكتيكية - المخصصة للاستخدام في ساحة المعركة، وليس لتدمير المدن - من شأنه أن يحد من الآثار المدمرة لأي صدام نووي محتمل. وقد استغلت إسلام آباد التهديد باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لردع أي غزو من الهند، التي تتفوق قواتها البرية على قوات باكستان.

كما أنه لا الهند ولا باكستان وقعت على معاهدة حظر الانتشار النووي.

ويرى أتلاماز أوغلو أن الصراع النووي بين الهند وباكستان ينذر بكارثة بالغة نظرًا لقربهما من بعضهما البعض. وخلال الحرب الباردة، كانت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي تمتلك أسلحة نووية جاهزة للاستخدام في أي لحظة، لكن البلدين كانا بعيدين بما يعني أن صاروخ نووي ينطلق من إحدى الدولتين سيحتاج إلى عدة دقائق قبل وصوله إلى الدولة الأخرى، مما يُتيح للمشغلين النوويين الوقت الكافي لفحص أنظمة الكشف الخاصة بهم بحثًا عن أي أخطاء. وخلال عقود الحرب الباردة ، تلقّت كلتا الدولتين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي إنذارات نووية كاذبة متعددة خلال الصراع بينهما، حيث تجنّب المسؤولون عن الترسانة النووية بأعجوبة حربًا نووية حرارية بفضل سرعة البديهة لديهم. لكن صاروخًا نوويًا من الهند أو باكستان يُمكن أن يصيب البلد الآخر في ثوانٍ، مما يُقلّل من وقت رد الفعل ويزيد من احتمالات وقوع خطأ كارثي. معنى هذا أن سيناريو "التدمير المتبادل" الذي حال دون نشوب أي مواجهة نووية في العالم، لا يكفي بمفرده لمنع نشوبها بين الهند وباكستان في حال الدخول في حرب شاملة كتلك الحروب الثلاث التي خاضتها الدولتان في النصف الثاني من القرن العشرين.

ويشير التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن الهند وباكستان لا تمتلكان أسلحة نووية منشورة، أي جاهزة للإطلاق عند الضرورة. ومع ذلك، في حال نشوب صراع شامل، يمكن للجيشين بسهولة إخراج الذخائر النووية من مخازنهما وتجهيزها للاستخدام العملياتي، وهو ما ينبغي على كل الأطراف المعنية بالصراع في شبه القارة الهندية وضعه في الاعتبار، ويحتم على الجميع ضرورة التحرك السريع والفعال لاحتواء الصراع بين البلدين والحيلولة دون تحوله إلى حرب شاملة تفتح الباب أمام استخدام السلاح النووي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك