كشفت تقارير إعلامية أمريكية كواليس جديدة عن العلاقة بين الرئيس السوري بشار الأسد وإيران خلال الأيام الأخيرة من حكمه.
* أخر أوامر الأسد
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إنه بحلول نهاية يوم السبت الماضي، اختفى الرئيس السوري، ولم يخرج لإلقاء خطاب للشعب كان مخطط له، ولم تكن حكومته على دراية بمكانه، لكنهم علموا – كما الحال مع باقي العالم – إنه غادر البلاد قبل ساعات من دخول الفصائل المسلحة دمشق.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الأسد طلب المساعدة خلال ساعاته الأخيرة رئيسا لسوريا، ليكتشف اختفاء حلفاءه وانتهاء الولاء العسكري.
وأوضحت الصحيفة نقلا عن مسئولين سوريين مطلعين إنه بالوصول إلى نهاية الأسبوع الماضي، لم يظهر الرئيس الأسد أي مؤشرات على الاستسلام، وأنه كان قد أمر الجيش بالدفاع عن العاصمة السورية.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الجيش السوري كان يعاني من نقص الإمدادات، والإنهاك جراء سنوات الحرب، ويترنح من الخسائر بعد سيطرة الفصائل المسلحة على مدينة تلو الأخرى، بداية من حلب يوم 30 نوفمبر الماضي.
من جهته، رأى آرون لوند، المحلل الأمني لدى وكالة أبحاث الدفاع السويدية، وهي مؤسسة بحثية حكومية، أن السقوط السريع لدمشق أكد كيف أن "النظام السوري كان في حال أسوأ مما اعتقدنا"، مشيرا إلى أن الحكومة السورية تلقّت "ضربة قاضية مبكرة ولم تتعاف قط".
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن الفصائل المسلحة حققت في غضون 11 يوماً ما بدا أنه مهمة مستحيلة بعد 13 عاماً من القتال في سوريا. وفي وقت مبكر من صباح الأحد، احتشد المتظاهرون في شوارع العاصمة للاحتفال باستسلام حكومة الأسد.
* رسالة طهران إلى الأسد
وحول العلاقة بين الأسد وإيران خلال الأيام الأخيرة، أشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن إيران أخبرت الأسد أن تقديم المساعدة سيكون محدوداً، إن قدمتها في الأساس.
وبحسب الصحيفة، ألقى المسئولون الإيرانيون باللوم على الأسد في عدم الاستعداد لهجوم الفصائل المسلحة، وقالوا إنهم لم يكونوا قادرين على إرسال التعزيزات العسكرية بسبب إسرائيل. وقال مسئولون إن "طائرة إيرانية كانت متجهة إلى سوريا في وقت سابق من هذا الأسبوع عادت أدراجها بسبب تهديد بغارات إسرائيلية".
وبدلاً من تقديم يد المساعدة، أمرت إيران قوات الحرس الثوري والجماعات التابعة لها بالابتعاد عن القتال، بحسب مسئولين سوريين. وبعد ذلك، نسقت إيران مخرجاً آمناً لموظفيها، مع إبرام اتفاق من أجل مقاتليها لتسليم الأراضي سلمياً للفصائل المسلحة.
كما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسئولين سوريين القول إن الأسد أرسل وزير خارجيته إلى بغداد يوم الجمعة في محاولة أخيرة لحشد المزيد من القوات، لكن الحكومة العراقية رفضت بشكل لبق، على حد تعبيرهم.
* ضربة خطيرة لمحور المقاومة
من جهتها، رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن السقوط السريع للأسد وجه ضربة خطيرة لـ"محور المقاومة"، الذي يعتبر ركيزة أساسية لسياسة طهران الخارجية، التي تشكلت على مدار عقود.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه على مدار 13 عاماً، منذ عام 2011، دفعت إيران دماءً وكنوزاً لدعم حكومة الأسد، فقط لتشاهد استثمارها ينهار بعد ذلك في غضون أيام بعد سيطرة الفصائل المسلحة على المدن السورية.
وداخل إيران، أثارت أنباء انهيار نظام الأسد انتقادات حادة لسياسة طهران، إذ طرح حتى المؤيدين تساؤلات بشأن قرار إنفاق المليارات على شبكة انهارت بسرعة كبيرة.