ماذا دار في كواليس التحركات الأوروبية بشأن غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية؟ - بوابة الشروق
الأحد 10 أغسطس 2025 6:52 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

ماذا دار في كواليس التحركات الأوروبية بشأن غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

محمد هشام
نشر في: الأحد 10 أغسطس 2025 - 12:31 م | آخر تحديث: الأحد 10 أغسطس 2025 - 12:31 م

استعرضت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير موسع نشرته، اليوم الأحد، كواليس التحركات الدبلوماسية الأوروبية بشأن الوضع في قطاع غزة، وإعلان فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية الشهر المقبل والذي أعقبه تعهد بريطاني بالاعترف بالدولة الفلسطينية في الشهر ذاته ما لم تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة.

وبحسب الصحيفة، لم توجه ألمانيا أي انتقادات لفرنسا أو بريطانيا على قراريهما الاعتراف بالدولة الفلسطينية، نظرا لحاجة برلين لوحدة مجموعة الترويكا للتعامل مع الانتقادات الداخلية اللاذعة بشأن غزة، وفقا لمسئول ألماني رفيع المستوى.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه الخطوات مجتمعة مثلت إعلان استقلال عن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قضية استراتيجية رئيسية (الصراع الفلسطيني الإسرائيلي) لطالما حاول الأوروبيون التعامل معها عبر التنسيق.

وأضافت الصحيفة أن مقابلات مع عشرات المسئولين والدبلوماسيين الأوروبيون كشفت عن جهود حثيثة وغير منسقة أحيانًا من أجل السلام بعد سنوات من النقاش، مدفوعة باستنتاج مفاده أنه لم يعد بإمكانهم انتظار قيادة الولايات المتحدة أو كبح جماح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

** خطة بريطانية من ثماني نقاط

وبحسب "نيويورك تايمز"، كان جزءا أساسيا من الجهد الدبلوماسي خطة من ثماني نقاط، وضعها مسئولون بريطانيون بهدوء على مدار الأشهر الستة الماضية، وتداولها الأوروبيون في 29 يوليو الماضي بواسطة مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول، الذي كان مهندس اتفاقية الجمعة العظيمة، التي أنهت عقودًا من الصراع الدموي في أيرلندا الشمالية، والوسيط المخضرم الذي قدم المشورة بشأن العديد من النزاعات منذ ذلك الحين.

وصرح مسئولون مطلعون على المداولات في الدول الثلاث )فرنسا وألمانيا وبريطانيا) لـ"نيويورك تايمز" بأن هذا النشاط المكثف كان مدفوعا بظهور أدلة على انتشار سوء التغذية والمجاعة في غزة، وتزايد مطالب الناخبين في الدول الثلاث بالتحرك، واستنتاج مفاده أن الولايات المتحدة تخلت عن جهودها للدفع نحو السلام أو كبح جماح العمل العسكري الإسرائيلي.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه الرغم من أن ليس من الواضح ما إذا كانت الدبلوماسية ستُحدث أي فرق على الأرض، لكن أحد كبار مستشاري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشئون الشرق الأوسط، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، صرح قائلا: "كان علينا أن نتحرك".

ورفض نتنياهو بحزم دعوات أوروبا للسلام، يوم الخميس الماضي عندما وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني المصغر "الكابينت" على توسيع نطاق الحرب في غزة، وقد دفع قراره بتصعيد الحرب مستشار ألمانيا، فريدريش ميرتس إلى تعليق أي شحنات من الأسلحة الألمانية التي يمكن استخدامها في غزة حتى إشعار أخر.

** إحباط فرنسي ألماني من موقف إسرائيل

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه بعد قرابة عامين من الحرب على غزة، شعر الدبلوماسيون الفرنسيون بالإحباط من رفض إسرائيل كبح جماح عملياتها العسكرية أو التخطيط لاستقرار غزة بعد الحرب. وبما أن فرنسا هي القوة النووية الوحيدة في الاتحاد الأوروبي، وعضو دائم في مجلس الأمن وموطن لأكبر جالية يهودية وأكبر جالية مسلمة في أوروبا الغربية، فقد كان ماكرون يعلم أن الاعتراف بفلسطين سوف يلقى صدى لدى العديد من الدول الأخرى.

وبعد يوم واحد من إعلان ماكرون عزم باريس الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر المقبل، أصدر الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بيانا مشتركا دعوا فيه إلى إنهاء الحرب على غزة، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، ونزع سلاح حركة حماس، وتدفق المساعدات بشكل كبير للقطاع، ووقف أي خطط إسرائيلية لضم المزيد من الأراضي.

وأجرى الزعماء الثلاثة اتصالا هاتفيا صباح اليوم التالي. واتفقوا على أن الوضع "مروع"، وفقاً لملخص بريطاني مكتوب للمباحثات الهاتفية.

وفي 27 يوليو الماضي، تحدث المستشار الألماني مع نتنياهو هاتفيا بشكل مباشر، لكنه خرج محبطا، وذلك بعد أن أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي على عدم وجود مجاعة في غزة وأن "حماس" تسرق كميات كبيرة من الغذاء الذي يتم تسليمه، وذلك بحسب شخص مطلع على المحادثة، تحدث دون الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع.

في اليوم التالي، دعا ميرتس وماكرون إلى اجتماع بين ترامب وستارمر في اسكتلندا، حيث حث الأوروبيون ترامب على الضغط على نتنياهو للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، وفقا لمسئول تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.

وبعد الاجتماع، أقر ترامب بالوضع المزري. وقال للصحفيين: "أرى أن هذا الوضع يُشبه المجاعة الحقيقية، ولا يُمكن تزييفه. علينا إطعام الأطفال".

ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أنه في اليوم التالي لمغادرة ترامب، أعلن ستارمر اعتزامه الاعتراف بالدولة الفلسطينية ما لم تتحرك إسرائيل بسرعة لإنهاء الحرب والسير في طريق السلام الدائم، ولقي ذلك ترحيبا حارا، انضمت كندا إلى بريطانيا وفرنسا بعد ذلك بوقت قصير.

في اليوم نفسه، بدأ مستشار الأمن القومي البريطاني بمشاركة مسودة الخطة البريطانية مع الحلفاء، أملا في اغتنام فرصة تقابل فيها موجة الغضب العالمي المتزايدة بنماذج جديدة من الإرادة السياسية.

وكان باول وآخرون في الحكومة البريطانية يعملون على الخطة منذ أشهر، وبذلوا جهودا مضنية لحث القادة العرب على التوقيع عليها، وفقا لنيويورك تايمز.

وبحسب مسئولين أوروبيين، فقد تضمنت الخطة: تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية في غزة ترتبط بسلطة فلسطينية تخضع لإصلاحات، ونشر قوة أمنية دولية، وانسحاب إسرائيلي كامل، ومراقبة وقف إطلاق النار بقيادة الولايات المتحدة، وفي نهاية المطاف إقامة دولتين مستقلتين.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الأوروبيين بذلوا جهودا مضنية، حيث أجرى ستارمر اتصالات هاتفية مع عدد من القادة العرب، طالبا دعم خريطة الطريق الموضحة في وثيقة باول، بما في ذلك نزع سلاح حماس وإنشاء قوة محتملة بقيادة الأمم المتحدة لحفظ السلام بعد انتهاء الحرب. كما أجرى ماكرون وميرتس مناقشات مماثلة.

** البيان الختامي لمؤتمر حل الدولتين

وفاجأ البيان الختامي لمؤتمر دعم حل الدولتين الذي عقد في مقر الأمم المتحدة بنيويورك برئاسة فرنسية سعودية العديد من المخضرمين في الدبلوماسية الشرق أوسطية. وجاء في نص البيان: "يجب على حماس إنهاء حكمها في غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، بمشاركة ودعم دوليين"، وهي المرة الأولى التي تُطلق فيها جميع الدول العربية مثل هذه الدعوة بشكل جماعي.

ورحب الإعلان أيضا بفكرة "بعثة استقرار دولية مؤقتة" في غزة تعمل بتوجيه من الأمم المتحدة.

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أنه في ظل حكومة إسرائيلية مختلفة، ربما كانت تل أبيب قد تبنت هذا الإعلان باعتباره مخرجا من الحرب الوحشية التي استمرت قرابة العامين.

وتابعت الصحيفة أيضا أنه ربما كانت هذه فرصة سانحة للولايات المتحدة لتأكيد نفوذها كأقرب حليف لإسرائيل والضامن التاريخي لأمنها، لكن ترامب لم يُبد اهتماما يذكر بالضغط على نتنياهو لكبح جماح القوات الإسرائيلية أو لتهدئة الحرب. ولم يعترض الرئيس الأمريكي علنا على القرار الإسرائيلي بالسيطرة على مدينة غزة.

من جانبهم، أعرب دبلوماسيون في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عمل العديد منهم لسنوات من أجل تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، عن إحباطهم إزاء عدم تدخل ترامب، وهو ربما الشخص الوحيد في العالم الذي لديه القدرة على دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي لتغيير مساره.

ورأى هؤلاء الدبلوماسيون أن تصرفات نتنياهو في الأيام الأخيرة تشكل دليلا على أن القوة الأمريكية ضرورية لإحداث فرق حقيقي على الأرض في الصراع، ومع ذلك، قال العديد منهم إنه رغم علمهم بأن نتنياهو سيرفض الفكرة على الأرجح، إلا أنهم اضطروا للمحاولة. وقالوا إن البديل هو الانسحاب ببساطة وهو خيار لم يكن كثيرون مستعدين لاتخاذه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك