كرم الله بعض مخلوقاته بذكرها في القرآن، فجعل منها ما أقسم به، ومنها ما سُردت قصته ليكون عبرة للناس. ومن بين هذه الكائنات الأرضة، التي وردت في قصة وفاة نبي الله سليمان عليه السلام، حيث فضحت جهل الجن بعلم الغيب، وهو ما جاء في تفسير الإمام القرطبي للآية 14 من سورة سبأ.
يقول الله تعالى: "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ".
أنعم الله على سليمان عليه السلام بتسخير الجن لخدمته، فكانوا يبنون له المحاريب والقصور، ويصنعون التماثيل، ويبحثون في المناجم عن الجواهر والأحجار الكريمة. وكان أحد الملائكة يراقبهم ويعاقب المقصرين بسوط من نار، كما ورد في كتب التفسير.
وعندما علم نبي الله سليمان بقرب أجله، دعا الله أن يخفي خبر موته عن الجن لمدة سنة كاملة، حتى يفضح كذبهم في ادعاء معرفة الغيب. فدخل محرابه، حيث كان يصلي، وتوفي وهو متكئ على عصاه، التي قيل إنها كانت مصنوعة من خشب الخروب.
ظل الجن يعملون عامًا كاملًا، دون أن يدركوا وفاة سليمان، حيث كانوا يرونه واقفًا مستندًا إلى عصاه. وظلوا منشغلين بأعمالهم الشاقة، التي يُقال إنها كانت استكمال بناء المسجد الأقصى.
لكن الأرضة، المعروفة اليوم بـالنمل الأبيض، بدأت تأكل عصا سليمان تدريجيًا، حتى انهارت وسقط جسده على الأرض. وعندها فقط أدرك الجن أنهم ظلوا يخدمون سيدهم بعد وفاته بعام كامل، دون أن يعلموا.
وتقول بعض الروايات إن الجن، بعد هذه الواقعة، صاروا يشكرون الأرضة لأنها نبهتهم إلى وفاة سليمان، حتى أنهم اعتادوا إطعامها وسقيها بالماء.
اقرأ أيضا:
قصص الحيوان في القرآن (12).. الكلب حارس أصحاب الكهف في رقودهم