أعلن الموسيقي الأسترالي فين ويلسون مؤخرًا مقاطعته لمنصة Spotify الرائدة عالميًا في بث الموسيقى، حيث قال لجمهوره: "قد لا يفرق انسحابنا معهم، لكنهم أيضًا لم يحدثوا فرقًا معنا"،
بحسب ABC NEWS .
-انسحاب أبرز الفنانين
وسرعان ما انضمت فرقته Fenn Wilson & The Weather إلى قائمة متنامية من الفنانين الأستراليين الذين سحبوا أعمالهم بالكامل من المنصة، بينهم فرقة الروك النفسي King Gizzard and the Lizard Wizard، والفنانة الشعبية Leah Senior، والموسيقي David Bridie.
ولحقت بهم فرق أميركية مستقلة مثل Deerhoof وXiu Xiu وHotline TNT، لتتحول المبادرة إلى موجة احتجاج موسيقي عابرة للقارات.
-السبب الأول: استثمار في التكنولوجيا العسكرية
جاءت الخطوة بعد إعلان رئيسها التنفيذي دانيال إيك عن استثمار ضخم بلغ 600 مليون يورو "702 مليون دولار" في شركة الدفاع الألمانية الناشئة Helsing، المتخصصة في تطوير الطائرات بدون طيار القتالية والبرامج العسكرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، في 17 يونيو الماضي.
ومنذ ذلك الحين تواجه المنصة عاصفة من الانتقادات والدعوات للمقاطعة، وسرعان ما أشعلت غضبًا واسعًا بين الفنانين والمستخدمين والناشطين الذين اتهموا إيك بتحويل أرباح المنصة التي تأتي من اشتراكات المستمعين إلى تمويل صناعة الحرب.
-ردود فعل غاضبة
ووفقًا لموقع Middle East eye ، كتب أحد المستخدمين على منصة X: "أخيرًا ألغيت اشتراكي في Spotify، لماذا أدفع مقابل تطبيق متدهور بينما ينفق مديرهم التنفيذي كل أموالي على أوهام عسكرية تكنولوجية؟".
وعلى موقع Reddit، عبّر آخر عن استيائه قائلاً: "عندما تُسلّح التكنولوجيا، تصبح اشتراكاتنا بمثابة رصاص، أيدي Spotify ليست نظيفة قاطعوا الصمت، قاطعوا الدماء، لا ينبغي لأي فن أن يُمول الدمار".
ولم يقتصر الغضب على الجمهور، حيث نشرت المغنية وكاتبة الأغاني لورا بورهين مقطع فيديو على إنستجرام قالت فيه: "منذ البداية، كانوا يدفعون أجورًا زهيدة للموسيقيين، والآن نعرف أن الأموال التي جنوها من الاشتراكات ذهبت لتمويل آلة الحرب"، وحثت الفنانين والمستمعين على إلغاء اشتراكاتهم فورًا.
وبالنسبة لفنانين مثل ويلسون، بدا الأمر صادمًا، حيث يقول: "الموسيقى تعكس شخصيتي، وإذا ارتبطت بمنصة تستثمر في الحرب، فهذا لا يمثلني".
كما ألغى بعض المشتركين حساباتهم أيضًا، منهم هيرو، الذي كان يدفع اشتراك Premium، لكنه توقف بعدما علم بهذه الاستثمارات، قال: "إذا كنت أقاطع منتجات مرتبطة بإسرائيل بسبب ما يحدث في غزة، فلماذا أواصل دفع أموالي لشركة تستثمر في الأسلحة؟".
-ليس الجدل الأول
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها إيك العاصفة باستثماراته الدفاعية، ففي عام 2021، واجه دعوات مقاطعة مشابهة بعدما ضخ 100 مليون يورو في نفس الشركة الناشئة، لكن هذه المرة، ضخامة المبلغ فجّرت موجة أكبر بكثير من الغضب.
-السبب الثاني: حقوق الفنانين ونظام دفع مثير للجدل
بحسب موقع BBC ، سلطت الأزمة الضوء مجددًا على سياسة الدفع الخاصة بـ Spotify، التي تواجه انتقادات منذ سنوات طويلة، حيث يقول فنانون مستقلون ونجوم عالميون إن العوائد التي يحصلون عليها من المنصة لا تكفي حتى لتغطية تكاليف إنتاج موسيقاهم.
وتشير التقديرات إلى أن بث أغنية واحدة قد لا يولد للفنان أكثر من 0.004 دولار، ولا تبدأ الأرباح بالظهور إلا بعد تجاوز الأغنية ألف استماع، وفي عام 2014 انسحبت تايلور سويفت من المنصة بسبب ضعف العوائد، قبل أن تعود لاحقًا، ولا يزال الفنانون يشتكون من نفس المشكلة حتي اليوم.
-السبب الثالث: الموسيقى المولدة بالذكاء الاصطناعي
كما يزيد الغضب بسبب قضية انتشار الموسيقى المنتَجة بالذكاء الاصطناعي، ففي يونيو الماضي، انتشرت أغاني لفرقة وهمية تدعى The Velvet Sundown في قوائم التشغيل، قبل أن يُكتشف أن الفرقة غير موجودة أصلًا، وأن الموسيقى والصور الصحفية صُنعت كلها بخوارزميات.
ورغم كشف الأمر، لا تزال هذه الأغاني تجذب مئات الآلاف من المستمعين، وهو ما يقلق الفنانين الحقيقيين الذين يجدون أنفسهم في منافسة غير عادلة.
-بدائل جديدة
كرد فعل، بدأ الفنانون والمستمعون في البحث عن بدائل، بعضهم يتجه إلى Bandcamp و TIDAL، والبعض الآخر يشتري الموسيقى مباشرة من الفنانين أو يحضر حفلاتهم لدعمهم.
وبينما تضيف المنصة باستمرار مزايا جديدة لجذب المستخدمين، مثل قوائم التشغيل الذكية والموسيقى المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يرى كثيرون أن هذه الإضافات لا تعالج المشكلة الجوهرية في غياب العدالة في معاملة الفنانين، وتحويل الأرباح بعيدًا عن صناعة الموسيقى نفسها.