تستضيف مدينة شرم الشيخ، قمة دولية تحت عنوان "قمة شرم الشيخ للسلام"، بعد ظهر يوم الاثنين الموافق 13 أكتوبر 2025، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة قادة أكثر من 20 دولة.
وتهدف القمة، إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار الإقليمي.
وتأتي هذه القمة في ضوء رؤية الرئيس الأمريكي؛ لتحقيق السلام في المنطقة، وسعيه الحثيث لإنهاء النزاعات حول العالم، وفقًا لموقع رئاسة الجمهورية.
ويسلط التقرير التالي الضوء على مدينة شرم الشيخ لأهميتها الدبلوماسية والسياحية، منذ الاحتلال الإسرائيلي وحتى استعادة مصر لها، وتحويلها إلى راعٍ لعملية السلام وداعم للقضية الفلسطينية، إلى جانب كونها من أهم الوجهات السياحية الجذابة في مصر والعالم.
- لماذا سميت بشرم الشيخ؟
تعني كلمة "شرم" الخليج باللغة العربية، وتشير كلمة "الشيخ" إلى رجل صالح من العرب، وسميت "شرم الشيخ" نسبة إلى وجود مقام وضريح بأسفلها، وفقًا لكتاب "السياحة الدينية في سيناء" للكاتب محمد عبدالعظيم إبراهيم.
- من مستوطنة إسرائيلية عسكرية إلى مدينة السلام المصرية
احتلتها إسرائيل في أعقاب هزيمة يونيو 1967، وأطلقت عليها اسم "عوفيرا" - نسبة إلى بلد ذكر في التوراة، يعتقد اليهود أنها مليئة بالذهب والموارد الطبيعية، وتركها النبي سليمان عليه السلام - لتكون مركزًا لقاعدتها الجوية.
وخاضت مصر حرب أكتوبر 1973، والتي توجت بالنصر واستعادة شبه جزيرة سيناء بعد احتلال دام 6 سنوات، وتحطيم أسطورة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يُقهر، وفقًا لكتاب "كنوز أم الدنيا - الجزء الثاني" للكاتب طارق بدراوي.
- استردادها بعد 9 سنوات من نصر أكتوبر
لم يكن استرداد "شرم الشيخ" أمرًا سهلًا، فقد رفض الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب منها وتسليمها إلى السلطات المصرية في البداية؛ بسبب انقسام داخلي في إسرائيل بين مؤيد ومعارض.
المؤيدون رأوا أن الاحتفاظ بها يكلف إسرائيل فرصة سلام حقيقية مع أقوى دولة عربية، بالإضافة إلى استنزاف قواتها، بينما عارض آخرون، وعلى رأسهم وزير الخارجية الإسرائيلي -آنذاك- موشيه ديان، الذي قال مقولته الشهيرة: "شرم الشيخ أهم من السلام مع مصر"؛ نظرًا لأهميتها الاستراتيجية، حيث تقع عند مضيق تيران الذي يمكن مصر من منع سفن الاحتلال الإسرائيلية من الملاحة في خليج العقبة.
وبعد جهود دبلوماسية مصرية مكثفة، عادت مدينة "السلام" إلى السيادة المصرية في أبريل 1982؛ لتتحول إلى مركز إقليمي لرعاية مفاوضات السلام، وواحدة من أبرز الوجهات السياحية في مصر، تستقبل آلاف السياح من مختلف دول العالم، وفقًا لكتاب "الحرب من أجل السلام" للمؤلف عيزر وايزمان، رئيس إسرائيل الأسبق وأحد المؤيدين للسلام مع مصر.
- مستعمرات إسرائيلية عادت إلى السيادة المصرية
أنشأت إسرائيل بعد احتلال سيناء مستعمرة عسكرية داخل شرم الشيخ أطلقت عليها اسم "عوفيرا"، ضمت 500 وحدة سكنية، وشيدت في أعلى منطقة بالمدينة، على شكل مدرجات، وتحتوي على خنادق لسهولة الهروب في حال الهجوم.
بعد هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، تسلمت مصر المستعمرة عام 1982؛ لتحولها إلى مساكن للعمال الذين شاركوا في إنشاء المنشآت الحكومية، وسميت "مساكن الموظفين" حتى اليوم.
كما شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في بناء ميناء استيطاني أطلقت عليه "مطار عوفيرا"، واستردته مصر عام 1982، ليُعاد افتتاحه في 1993 تحت اسم "ميناء شرم الشيخ الجوي"، ويشهد المطار تطويرًا مستمرًا، يشمل توسعة صالات الركاب واستخدام الطاقة الشمسية، ويستقبل حاليًا أكثر من 5.9 مليون راكب، و43 ألف رحلة جوية، بحسب تقرير الحصاد السنوي لعام 2023 الصادر عن الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية، وفقًا لكتاب "كنوز أم الدنيا- الجزء الثاني" للكاتب طارق بدراوي.
- موقع استراتيجي بين قارتين
تقع شرم الشيخ على بعد نحو 500 كم من القاهرة، وتطل على ساحل البحر الأحمر، عند نقطة التقاء قارتي آسيا وأفريقيا، وتتوسط تقاطع خليجي السويس والعقبة، وتعد أكبر مدن محافظة جنوب سيناء.
تبلغ مساحتها نحو 480 كيلومترًا مربعًا، ويقطنها حوالي 35 ألف نسمة، بالإضافة إلى آلاف السياح سنويًا، وأنشئت مئات الفنادق ومواقع الغوص فيها.
- محميات طبيعية نادرة
تصنف شرم الشيخ من بين أجمل 4 مدن في العالم، وفقًا لتصنيف BBC، بفضل تنوعها البيئي وامتلاكها لمحميات طبيعية نادرة، من أبرز هذه المحميات خليج نعمة، المعروف بالشعاب المرجانية النادرة، والرمال الذهبية، والقوارب الزجاجية التي تتيح للزوار مشاهدة الكائنات البحرية دون الغوص.
وتعد محمية رأس محمد من أشهر المحميات، وتقع على بعد 12 كم من المدينة، وأعلنت محمية طبيعية عام 1983، وتضم أكثر من 150 نوعًا من الشعاب المرجانية، وأسماكًا ملونة، وسلاحف بحرية نادرة، وكائنات مهددة بالانقراض، فضلًا عن حفريات يتراوح عمرها بين 75 ألفًا و20 مليون سنة.
- أماكن جذب متنوعة للسياح
من أبرز الأماكن السياحية في شرم الشيخ: السوق القديمة وتشتهر بأسعارها المعتدلة مقارنة بالمناطق السياحية الأخرى، وميدان سوهو الذي هو مضاء بأحدث تقنيات الإضاءة الجمالية، على غرار الشوارع العالمية مثل الشانزلزيه في فرنسا، وأوكسفورد في لندن، وقرية التراث البدوي التي صممت للحفاظ على التراث الثقافي والاجتماعي للمدينة.
- أنشطة سياحية مختلفة
تقدم المدينة مجموعة واسعة من الأنشطة، منها: "عروض الدولفين، وركوب الجمال والخيول والدراجات، والتزلج على الماء، والغوص، ورحلات السفاري، وإقامة فندقية فاخرة".
تضم شرم الشيخ أكثر من 50 ألف غرفة فندقية (2023)، بحسب أحمد الشماع، مدير قطاع التسويق والمبيعات بإحدى مجموعات الفنادق بالمدينة، وتشمل الإقامة منتجعات 5 نجوم، ومطاعم عالمية، ومدنًا ترفيهية، وأسواقًا تجارية؛ لتقديم تجربة سياحية متكاملة تجمع بين الرفاهية والمتعة.
- جائزة مدينة السلام لعامين متتاليين
فازت شرم الشيخ بجائزة "مدينة السلام" عامي 2000 و2001 من منظمة اليونسكو، ضمن أفضل 5 مدن سلام على مستوى العالم، واختيرت كأفضل مقصد سياحي على البحر الأحمر.
لم يكن اللقب مجرد جائزة، بل تتويجًا لعقود من الجهود في دعم القضية الفلسطينية، عبر استضافة 7 مؤتمرات دولية للسلام، أولها عام 1996 بعد الجرائم الإسرائيلية في حق الفلسطينيين بالضفة الغربية، وآخرها القمة المرتقبة التي ستعقد اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي استمرت لعامين.