- مصادر سياسية سودانية لـ"الشروق": الجبهة الثورية تبنت المقترح خلال اجتماعات أوغندا.. وحمدوك والدقير كانا لهما الدور الأبرز في رفضه
- إذا أصرت الجبهة الثورية على موقفها ستكون خارج التنسيقية
عقدت الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية "تقدم" اجتماعها الأخير في مدينة عنتيبي بجمهورية أوغندا في الفترة من 3 إلى 6 ديسمبر الجاري، ومنذ انتهاء هذا الاجتماع تتداول الأوساط السياسية السودانية أنباء عن اعتزام بعض القوى السياسية تشكيل حكومة موازية للحكومة الراهنة ومقرها مدينة "بورتسودان".
**كواليس اجتماعات عنتيبي
مصادر سياسية رفيعة المستوى في تنسيقة "تقدم" أكدت لـ "الشروق" أنه خلال تلك الاجتماعات بعنتيبي دارت مباحثات مطولة حول مقترح تشكيل حكومة موازية باعتبارها وسيلة لنزع الشرعية، وتبنى طرح المقترح الجبهة الثورية والتي تضم "حركة تحرير السودان بقيادة الهادي إدريس نائب رئيس تقدم، تجمع حركة تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، حركة العدل والمساواة جناح سليمان صندل، وحزب مؤتمر البجا المعارض بزعامة أسامة سعيد"، ولكن قوبل مقترحهم برفض كبير.
وأضافت المصادر التي رفضت ذكر اسمها لـ "الشروق" أن هناك عدد من الشخصيات السياسية الآخرى الداعمة للمقترح أبرزهم "إبراهيم الميرغني الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي، نصر الدين عبدالباري وزير العدل السابق بحكومة الفترة الانتقالية، ومحمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة السابق والقيادي بتقدم، واللواء فضل الله برمه ناصر رئيس حزب الأمة والقيادي بتقدم".
وأوضحت المصادر أن النقاشات تضمنت تساؤلات حول آليات إدارة تلك الحكومة للمناطق التي ستتشكل بها، وكيف سيتم تشكيلها في مناطق سيطرة الميلشيا، وهل سيتم إعلان تشكيلها في الخرطوم؟ وهل سيكون مقر ادارتها من الخرطوم أم في مدينتي نيالا أو الجنينة؟ ومن هم أبرز المرشحين لها، علماً بأنه حسب المصادر بأن أصحاب المقترح تلقوا وعود باعتراف خمس دول على الأقل بتلك الحكومة بعد تشكيلها مع امكانية منحها منظومة عسكرية متكاملة، ولكن لم يكن هناك رؤية واضحة لتلك التساؤلات.
وأكدت المصادر أن الدكتور عبدالله حمدوك رئيس تنسيقية "تقدم" والمهندس عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني كانا لهما الدور الأبرز في رفض المقترح، واجهاض الفكرة في الاجتماع وإرجائها للآلية السياسية".
وأشارت المصادر إلى أن الآلية السياسية ستتكون من ما يقرب من 20 شخصية تمثل جميع الفئات التي تضم تنسيقية تقدم، موضحة أن التنسيقية تتكون من خمس مكونات رئيسية وهم "الجبهة الثورية والتي تمثل بنسبة 15 %، و 25 % للقوى سياسية، وبقية المكونات الثلاثة المجتمع المدني، وتجمع المهنيين، ولجان المقاومة تمثل بالتساوي 20%، وهي المكونات الرافضة للمقترح، ومن ثم إذا أصرت الجبهة الثورية على موقفها سوف تكون خارج جسم تقدم".
من جانبه، قال المتحدث باسم تنسيقية القوى المدنية "تقدم" الدكتور بكري الجاك، أنه لم يتم حسم المشاورات بشأن تشكيل الحكومة الموازية خلال الاجتماعات التي عقدت في أوغندا مطلع الشهر الجاري، ومن ثم تم اتخاذ قرار بتشكيل آلية للقرار السياسي لإحالة هذا المقترح لها ومناقشته.
وأضاف الجاك لـ"الشروق" أن تقدم تجري مشاورات سياسية لتوسعة الجبهة المدنية لوقف الحرب، والعمل على إيجاد حلول سلمية وضم قوى آخرى مثل "حزب البعث الأصل، الحزب الشيوعي، والحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور"، ومن ثم التواصل مع طرفا النزاع للعمل على وقف الحرب.
وأشار الجاك إلى أن ما يتم تداوله من أنباء بأن تقدم تعمل على تشكيل حكومة للدعم السريع غير دقيق، والآلية التي ستجتمع بتمثيل جميع فئات الأمانة العامة لتقدم، هي المعنية باتخاذ القرار، والتي من المقرر أن تتضح معالمها خلال الأسبوعين القادمين، وأضاف أنه في حال توصل القرار لرفض المقترح بصورة نهائية، مع اصرار أعضاء من التنسيقية على تنفيذه سيكون الوضع في أسوأ الحالات بأن هناك أعضاء مستمرين داخل التنسيقية وآخرين ضدها.
** 3 مسارات لإنهاء الحرب
فيما أكد اللواء فضل الله برمه ناصر رئيس حزب الأمة القومى السودانى، لـ "الشروق" أنه خلال اجتماعات "تقدم" الأخيرة في أوغندا دار نقاشات واسعة حول ثلاثة مسارات لإنهاء الحرب، وهم "تشكيل جبهة مدنية عريضة، المائدة المستديرة بين القوى السياسية، وتشكيل الحكومة"، ومن ثم تم الوصول إلى قرار بتشكيل آلية لاتخاذ القرار السياسي بشأن المسارات الثلاثة بعد نقاشات معمقة خلال الفترة المقبلة.
**تكريس لانقسام السودان
بينما أكد خالد شاويش الأمين العام للجبهة الثورية، اعتراض الهيئة القيادية بتنسيقة القوى المدنية "تقدم" على مقترح تشكيل الحكومة، باعتباره يكرس لانقسام السودان، مؤكداً أن الأعضاء الذين تقدموا بهذا المقترح أشاروا إلى أن الحكومة سيتم تشكيلها في مناطق سيطرة الدعم السريع، قائلاً: " إذن هي حكومة للدعم السريع".
وأضاف شاويش لـ "الشروق" لا يمكن أن نتبنى مواقف تعمل على تعقيد الوضع الراهن بالحرب أكثر، وموقفنا الثابت هو الحوار السياسي وعقد المائدة المستديرة للقوى المدنية الفاعلة في المشهد والذهاب إلى عملية سياسية وإنهاء الحرب.
وأكد أن تشكيل الحكومة لن يلقى قبول أو اعتراف ولن تكون لتلك الحكومة شرعية، وبذلك سيكون المشاركين بها طرف من أطراف الحرب وتخلوا عن موقف الحياد والحوار، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق مع الأعضاء الذين تقدموا بالمقترح أن يتحدثوا بصفاتهم الاعتبارية والسياسية وليس باسم تقدم ولكنهم لم يتلزموا بذلك الاتفاق.
بدوره، قال الأمين العام لحزب الأمة القومي السوداني والقيادي بتقدم، الواثق البرير لـ "الشروق" إن الحزب أصدر بيانا يرفض فيه هذا المقترح باعتباره مهدد ينذر بتقسيم البلاد، ويفتح الباب لمواجهات آخرى، فضلاً عن أنه يتيح الفرصة لقائدي الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو وحركة جيش تحرير السودان عبد الواحد نور تشكيل حكومات في المناطق التي يسيطرون عليها ومن ثم يتكون في البلاد عدة حكومات ومناطق نفوذ مما يشير بتكرار النموذج الصومالي في السودان.
وأوضح البرير نحن في الحزب وتنسيقة "تقدم" نؤكد على وحدة الشعب والأرض، مشيراً إلى أنه إذا أصبح هناك أكثر من حكومة في البلاد سيكون الوضع الإنساني أكثر تعقيدا في ظل تعامل المنظمات الأممية المعنية بالمجال الإنساني مع عدة جهات لاتخاذ القرار والمتضرر الرئيسي سيكون المواطن.
وتابع: "كما أن الدولة ستكون معرضة لمخاطر التدخلات الإقليمية والدولية".
وحذر البرير من تشظي تنسيقة تقدم إذا أصر مكون من ضمن مكوناتها على اتخاذ هذه الخطوة بتشكيل الحكومة، معتبرا أن هذا الانقسام سيلقي بظلاله على القوى السياسية بكافة أطيافها، ومن ثم المجتمع أيضاً.
** ترجيح بإعلان الحكومة مطلع العام
في المقابل، قال عضو الجبهة الثورية، حافظ عبدالنبي إنه سيتم تشكيل الحكومة في كردفان وإقليم دارفور ومناطق أخرى، مضيفا أنه تم التفاهم مع الدعم السريع منذ فترة لتكوين إدارات أهلية في المناطق التي تسيطر عليها.
فيما أوضح رئيس حزب الأسود الحرة بشرق السودان عضو الجبهة الثورية، مبروك مبارك سليم لـ"الشروق" أنه يتم التشاور الآن مع عدد من التيارات المدنية لتشكيل ودعم تلك الحكومة، مرجحا إعلانها مع بداية العام، وأن الرؤية تتضمن تشمل تشكيل حكومة ومجلس سيادة وكتابة دستور وتعيين ولاة لإدارة شئون الولايات، ومستعدين للانتشار في كامل ربوع الدولة، قائلاً: "نحن لم نقبل على هذا الخطوة إلا ومعنا جميع الاحترازات".
وحاولت "الشروق" استطلاع أراء نائب رئيس تنسيقية تقدم عضو الجبهة الثورية الدكتور الهادي إدريس، والناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية أسامة سعيد، فضلاً عن الشخصيات السياسية التي تردد أنباء عن دعمهم لذلك المقترح وأبرزهم محمد حسن التعايشي ونصر الدين عبدالباري وإبراهيم الميرغني، ولكن تعذر الوصول إليهما.