كرم الله البشر بعضهم على بعض، وكذلك كرم عدد من مخلوقاته، فمنها من أقسم الله تعالي بها، ومنها من حكيت قصتها في القرآن، ومنها من ضُرب به المثل في الآيات الكريمة.
واحتوت قصص تلك الحيوانات علي الحكمة والعبرة لمن يقرأ في كتاب الله ليجد من أراد أن يتدبر بعلما يغنيه عن الوقوع بالخطأ ونسيان السبيل الصحيح.
وتسرد جريدة الشروق قصة أصحاب الفيل وما جرى لهم عند بيت الله الحرام عقابا لهم على عدوانهم وتطاولهم على حرمات الله، والقصة منقولة عن كتاب أخبار مكة لـ أبو إسماعيل الواقدي.
وورد ذكر ما حدث لأصحاب الفيل في قول الله تعالى: "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيرا أبابيل * ترميهم بحجارة من سجيل * فجعلهم كعصف مأكول".. سورة الفيل.
وكانت دولة الحبشة قد بسطت سلطانها على أرض اليمن بعد التدخل الحبشي للانتقام لأصحاب الأخدود من ملك حمير اليمني، ليتقاسم السيادة على بلاد اليمن قائدان هما أرياط وأبرهة، وحدث أن تقاتلا وقتل عبد أبرهة القائد أرياط، ما أغضب حاكم الحبشة النجاشي ولكن أبرهة راضاه ببناء مبنى ضخم يقال عنه "القليص"، ليجعله بديلا للعرب عن الحج للكعبة، فأعجبت الفكرة النجاشي وعفى عن أبرهة وترك له قيادة اليمن.
غضب العرب لمعرفتهم رغبة أبرهة في إجبارهم على بديل للحج عن الكعبة فذهب أحدهم متخفيا للقليص، وكان مبنى شديد الطول بمقاييس ذلك العصر، ثم قام العربي بتوسيخ القليص، فعلم أبرهة وغضب وعزم على هدم الكعبة انتقاما من ذلك الفعل.
طلب أبرهة فيلا ضخما من الحبشة فتم إرساله ويدعى "محمود" وتحت قيادته نحو 8 أفيال أصغر منه، وكانت الأفيال سلاحا متعارف عليه في ذلك العصر كنوع من الحرب النفسية، وأما عن استخدامه فيروي ابن كثير أن أبرهة أراد أن يربط حلقات الكعبة بسلسلة يجرها الفيل بقوة حتى تقع الكعبة، وكانت تلك وسيلة الهدم التي رجحها أبرهة.
سار القائد الحبشي بجيش ضخم حتى قاتلهم سيد من العرب يدعى "ذو نفر" وقبيلته، فهزمه أبرهة وأسره ثم لقى أبرهة جيشا لقبيلة "خثعم" فهزمهم وأسر قائدهم "نفيل الخثعمي"، وواصل المسير حتى وصل للطائف ففضلوا حماية صنمهم اللات على الكعبة، فبعثوا مع أبرهة رجل يقال له "أبا رغال" دليلا للجيش فمات أبا رغال بالطريق، ومنذ ذلك الحين اتخذت العرب قبره موضعا للرجم احتقارا له على فعلته.
وصل جيش أبرهة لمشارف مكة ونهب الجنود قطعان الإبل ومنها 200 من إبل عبدالمطلب سيد قريش وجد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فلما علم عبدالمطلب ذهب لمقر قيادة أبرهة وطلب لقاءه.
رآى أبرهة عبدالمطلب فاحترمه لهيبته وجلس بجانبه على الأرض، فلما سمع من عبدالمطلب طلبه بتخليص الإبل تعجب أبرهة بأنه يسأل عن الإبل ولا يسأل عن الكعبة، فرد عليه عبدالمطلب بقولته الشهيرة "أنا رب تلك الإبل وللبيت رب يمنعه" فأجاب أبرهة بغرور لن يمنعه مني.
وذهب عبدالمطلب وأمسك بحلقات الكعبة ودعى الله بالنصر ورد الأعداء عن الكعبة المشرفة، ثم أمر قريش بالهروب للجبال تجنبا للعذاب المنتظر أن ينزل بجيش أبرهة.
أصبح الجيش الحبشي وتوجهوا نحو مكة وكان معهم نفيل قائد خثعم الأسير، فجذب نفيل الفيل محمود من أذنه وحذره من أن يقدم نحو البيت الحرام، فبرك الفيل وحاول جنود أبرهة ضربه ليقوم فرفض فجربوا أن يوجهوه نحو اليمن فقام يركض.
استمر جنود أبرهة في مكانهم يحاولون توجيه الفيل نحو الحرم، وبينما هم على ذلك أتت الطيور الأبابيل من جهة البحر، ويقال إنها تشبه الطيور البحرية وهي جماعات كبيرة يقود كل جماعة طائر بمنقار أحمر ورأس سوداء ومع كل طائر 3 من الحجارة في قدميه ومنقاره، وبدأت الطيور برجم جيش أبرهة وقال من شاهدها إن الحجر بحجم العدسة كان يسقط فيخرق خوذة الجندي ويمر خلال جسمه ثم يخرج نحو الأرض ويخرقها من قوته، وأما عن الفيل محمود فقد نجا وهرب ولكن فيلا آخر أصغر منه تجرأ وتوجه نحو الكعبة فضربته الطير، وأما أبرهة فلم يمت من الحجارة ولكن تأثيرها جعل جسده يتفتت بالتدريج حتى مات في صنعاء اليمن بعد أن وصلها على هيئة تشبه الفرخ منتوف الريش.
اقرأ أيضا:
قصص الحيوان في القرآن (14).. الحمار وحقيقة البعث من الموت