في مثل هذا اليوم، 17 مايو، تحل ذكرى ميلاد عادل إمام، أحد أبرز نجوم الفن في مصر والعالم العربي. مسيرة طويلة تجاوزت نصف قرن، جعلت منه أكثر من مجرد ممثل؛ أصبح ظاهرة فنية وشعبية ارتبطت بذاكرة أجيال. لكن قبل أن يصبح "الزعيم"، كانت هناك محطات مبكرة ومجهودات صامتة صنعت ملامح النجاح الكبير. من المسرح الجامعي إلى أول بطولة، ومن الأدوار الصغيرة إلى اعتلاء خشبة المسرح، بدأت الرحلة التي استمرت لعقود.
في السطور التالية، نستعرض أبرز لحظات تلك البداية، التي شكلت قاعدة صلبة لنجم ظل حاضرًا رغم تغيّر الزمن والأذواق.
الانطلاقة الأولى نحو عالم الفن
نشأ عادل إمام وسط أسرة بسيطة، وبدأ خطواته الأولى في عالم الفن أثناء دراسته بكلية الزراعة في جامعة القاهرة، حيث شارك في المسرح الجامعي. في عام 1962، التحق بفرقة التليفزيون المسرحية، وكان حينها لا يزال طالبًا، ورغم صغر أدواره في تلك المرحلة، فإن حضوره اللافت وخفة ظله جعلاه يخطف الأنظار سريعًا.
نقطة التحول جاءت عندما اختاره الفنان فؤاد المهندس لتجسيد دور السكرتير في مسرحية "أنا وهو وهي"، وهو الدور الذي فتح له أبواب الشهرة، وعرّف الجمهور عليه بشكل أوسع، لتبدأ بعدها رحلته الحقيقية مع النجاح.
من الأدوار الصغيرة إلى أولى البطولات السينمائية
واصل عادل إمام طريقه بثبات، مشاركًا في أفلام عديدة بأدوار مساندة، مثل "مراتي مدير عام" (1966) و"كرامة زوجتي" (1967)، التي رغم محدودية ظهوره فيها، كشفت عن طاقته الفنية المتفردة.
وجاءت انطلاقته السينمائية الكبرى عام 1973 بفيلم "البحث عن فضيحة"، حيث قدّم أول بطولة مطلقة إلى جانب سمير صبري وميرفت أمين، وقد حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وأثبت أن نجمًا جديدًا قد وُلد في سماء السينما المصرية.
بهجت الأباصيري: نقطة التحول في مسيرته المسرحية
رغم ظهوره المسرحي المبكر، فإن دور "بهجت الأباصيري" في مسرحية "مدرسة المشاغبين" (1971) كان الحدث الأبرز في مشواره المسرحي. هذا الدور شكّل انطلاقة جديدة، ليس فقط له، بل لجيل كامل من النجوم، منهم سعيد صالح، ويونس شلبي، وأحمد زكي، تلك المسرحية، التي استمر عرضها لسنوات، أبرزت قدرة عادل إمام على قيادة الخشبة والتفاعل المباشر مع الجمهور، مؤكدة أنه نجم من طراز خاص.
خطوة نحو الشاشة الصغيرة
في منتصف السبعينيات، قرر عادل إمام اقتحام عالم الدراما التلفزيونية، التي لم تكن بعد مجالًا واسعًا لكبار النجوم. جاء مسلسل "أحلام الفتى الطائر" (1978)، من تأليف وحيد حامد، ليؤسس لشراكة فنية من أنجح ما عرفه الوسط الفني، وضمّ مجموعة من النجوم مثل عمر الحريري، وماجدة زكي، ورجاء الجداوي، وعبد الوارث عسر.
لعب إمام في المسلسل دور "إبراهيم الطاير"، الشاب البسيط الذي تطارده المشاكل، وهو دور إنساني عميق يجمع بين الكوميديا والواقعية. أظهر المسلسل قدرة إمام على الغوص في الدراما التليفزيونية، وحقق نجاحًا كبيرًا.
استمر عادل إمام في تحقيق نجاحات مذهلة في الدراما والسينما والمسرح حتى أعماله الأخيرة، رغم تغيّر الأذواق واختلاف الأجيال، ولم يكن ذلك صدفة، بل نتيجة حب حقيقي وصادق للفن، وتفانٍ في تقديم أعمال قريبة من الناس، حيث ظل محافظًا على مكانته في الساحة الفنية، لأنه لم يسع فقط إلى النجومية أو التنافس، بل آمن بموهبته الفنية، وبقي وفيًا لها حتى النهاية.