السينما العربية تعيد اكتشاف نفسها فى الدورة الـ78 بمهرجان كان - بوابة الشروق
الأحد 18 مايو 2025 1:24 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

السينما العربية تعيد اكتشاف نفسها فى الدورة الـ78 بمهرجان كان

خالد محمود
نشر في: السبت 17 مايو 2025 - 9:34 م | آخر تحديث: السبت 17 مايو 2025 - 9:34 م

• الأفلام تشتبك مع قضايا اجتماعية وسياسية معاصرة بين الواقع والخيال
• المصرى «عائشة لا تستطيع الطيران» والفلسطينى «كان ياما كان فى غزة» ينافسان بـ«نظرة ما»
• حفصية حرزى وطارق صالح يقتحمان المسابقة الرسمية بـ«نسر الجمهورية» و«الصغيرة الأخيرة»

تشهد شاشة مهرجان كان السينمائى الدولى فى دورته الـ ٧٨، حضورًا قويًا بمشاركة عدد من الأفلام المتنوعة التى تشكل تواجدا خاصا ومميزا للسينما العربية فى المحفل الدولى الكبير، حيث تُعيد أفلام هذا العام تعريف السينما العربية على الساحة العالمية فى عرضها الأول، سواء كان صناعها يعيشون داخل الوطن أو خارجه، بينما الإنتاج المشترك حاضر بقوة فى تلك الأعمال التى تلقى بظلالها على قضايا اجتماعية وسياسية معاصرة ما بين الواقعية التى تمنحنا فرصة لفهم العالم ومساءلته والفانتازيا والخيال الذى يضفى على القصص جمالا وسحرا وبعدا شعريا، كما تغوص فى بعض سنوات من الماضى شكلت جزءا مهما من التاريخ المعاصر من خلال سرديات آسرة وقصصٌ متجذّرة فى الواقع والمقاومة والمشاعر الجياشة.

المخرج السويدى من أصل مصرى طارق صالح، ينافس بالمسابقة الرسمية على السعفة الذهبية بفيلم «نسر الجمهورية» وهو بطولة ليانا صالح وفارس فارس، وشيرين دعبس، وتدور أحداثه حول جورج فهمى، الممثل المصرى الأكثر شهرة، يقع بين ليلة وضحاها فى فضيحة ويكون على وشك خسارة كل شىء، يُجبر جورج على قبول عرض لا يستطيع رفضه.

وهناك الفيلم الفلسطينى «كان ياما كان فى غزة» إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر والذى يشارك فى مسابقة «نظرة ما»، وهو بطولة نادر عبد الحى، مجد عيد، ورمزى قدسى، وتدور أحداث الفيلم فى غزة عام 2007 أثناء صعود حماس، عن يحيى الطالب الشاب الذى يُكوّن صداقة مع أسامة تاجر المخدرات ويبدآن معًا فى بيع المخدرات فى الخفاء من مطعم فلافل، لكنهما يُجبران على مواجهة شرطى فاسد يتسم بالغرور الشديد، ويرويان العقبات التى تواجههما.

وقال المخرجان فى تقديمهما للفيلم «فى قديم الزمان فى غزة، كان يحيى الضعيف، وأسامة المتهور، وسامى المنافق المتملق، ضحايا شعور مشترك بالكبرياء، مدفوعين بغريزة البقاء المشتركة. ومثل العديد من أبطال الشاشة الفضية الكلاسيكيين، يجد هؤلاء الثلاثة مساراتهم متشابكة فى مصير واحد، على خطى أفلام الغرب الأمريكى الحديثة. ستكون الصداقة والانتقام والفكاهة السوداء المكونات الرئيسية للفيلم، مجتمعةً تُشكّل مادةً للتأمل.

ويشارك الفيلم المصرى «عائشة لا تستطيع الطيران» للمخرج مراد مصطفى بمسابقة «نظرة ما»، الفيلم أول تجربة طويلة لمخرجه الذى صنع لنفسه حضورًا مميزًا خلال السنوات الأخيرة من خلال عدد من الأفلام القصيرة التى حظيت بإشادة نقدية واسعة، بدءًا من حنة ورد (2020)، مرورًا بـ خديجة وما لا تعرفه عن مريم (2021)، وصولًا إلى عيسى الذى شارك فى مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان 2023، ما رسم مسارًا تصاعديًا لمشواره الفنى.

الفيلم يشارك فى إنتاجه تونس، السودان، قطر، السعودية، ألمانيا، وفرنسا، وبطولة بوليانا سيمون، من جنوب السودان، وزياد ظاظا، عماد غنيم، وممدوح صالح، وتدور أحداثه حول «عائشة»، وهى مهاجرة إفريقية فى العشرينيات من عمرها «٢٦عاما» تعيش فى حى عين شمس بالقاهرة، المعروف باحتضانه لجاليات متعددة من المهاجرين. تعمل عائشة كمدبرة منزل فى أكثر من بيت، وتكافح يوميًا وسط أجواء قاسية ومزدحمة تحرمها من لحظات الراحة، فى محاولة للتأقلم مع واقع لا يرحم.

يستكشف الفيلم من خلال حبكته المشهد الاجتماعى والسياسى للمنطقة سعيا لفهم التوترات التى تنشأ بين المصريين والجنسيات الإفريقية المختلفة التى تسكن الحى، ويعتمد مراد مصطفى أسلوبا سينمائيا صامتا يتيح للجمهور الشعور بمعاناة أزمة الهجرة، ويمثل الفيلم عودة السينما المصرية إلى مسابقة «نظرة ما» فى مهرجان كان بعد تسع سنوات.

نال العمل اهتمامًا مبكرًا منذ كان مشروعًا قيد التطوير؛ حيث شارك فى عدد من ورش العمل السينمائية المتخصصة، وحقق خلالها عدة جوائز مرموقة، من أبرزها الجائزة الكبرى لورشة «فاينال كت» ضمن مهرجان فينيسيا السينمائى، والجائزة الكبرى لورش «أطلس» فى مهرجان مراكش السينمائى، وذلك فى أواخر عام 2024، مما ساهم فى تسليط الأضواء عليه كمشروع واعد قبل عرضه الأول المنتظر فى مهرجان كان.

سبق وشارك مراد مصطفى بفيلمه «عيسى» فى مهرجان كان السينمائى الدولى 2023، من خلال مسابقة أسبوع النقاد؛ حيث حصل على جائزتين ضمن 30 جائزة فاز بها بعد ذلك خلال مسيرته، بالإضافة إلى أن الفيلم شارك فى مهرجانات سينمائية كبرى أخرى مثل مهرجان لوكارنو، ومهرجان ملبورن، وشيكاغو وستوكهولم.

المخرجة التونسية الفرنسية حفصية حرزى تشارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان بفيلمها الجديد «الصغيرة الأخيرة» بطولة نادية ميليتى، وبارك مين ــ جى وتتناول أحداثه فاطمة، الابنة الصغرى لعائلة من المهاجرين الجزائريين، نشأت فى إحدى ضواحى باريس. تعتبر مواضيع الحب والجنس من المحرمات بالنسبة لها. عندما غادرت المدرسة الثانوية فى الضواحى للتحضير لدراستها، بدأت تبتعد عن عائلتها.

تكتشف فاطمة مشاريع حياة جديدة وتكتشف مثليتها الجنسية، مما يقودها سريعًا إلى الخروج من الحالة المركبة وهذا يؤدى إلى صراع مع عائلتها، ودينها ومع نفسها. يتتبع الفيلم حياة فاطمة وهى تنتقل بين الهوية والتقاليد واكتشاف الذات.

حفيظة حرزى الفائزة بجائزة السيزار لأفضل ممثلة عن دورها فى فيلم «بورجو» للمخرج ستيفان ديموستيه، وهذا هو فيلمها الثالث؛ حيث شارك الفيلم السابق فى مسابقة «نظرة ما»، أما الفيلم الأول فكان فى أسبوع النقاد.

أيضا المخرجة التونسية الفرنسية أريج السحيرى تشارك بفيلمها «سماء بلا أرض» الذى اختير لافتتاح مسابقة «نظرة ما» ضمن فعاليات الدورة الـ ٧٨ من المهرجان، فى عرض عالمى أول.

وقد حظى الفيلم باستقبال كبير لدى عرضه بقاعة ديبوسى بوصلة تصفيق استمرت 15 دقيقة؛ حيث استقبل الجمهور والنقاد المخرجة أريج السحيرى وبطلات فيلمها الثلاث آيسا مايجا وليتيسيا كى وديبورا نانى، وبطل الفيلم الممثل التونسى محمد جرايا ومديرة التصوير فريدا مرزوق بحفاوة وثناء على تقديم حكاية بسيطة عن ثلاث نساء مهاجرات يعشن فى تونس يعشن فى بيت واحد على وشك الانهيار، ويؤازرن بعضهن فى مواجهة واقعهن القاسى ويواجهن تحديات يومية تحت وطأة العنف والتمييز العنصرى، خصوصا بعد وصول طفلة يتيمة تقلب توازن علاقتهن.

وهو مستوحى من أحداث حقيقية وقعت فى تونس فى فبراير، عندما استُهدف المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى بعنف فى وسائل الإعلام وفى الشوارع. وقد أجج الخطاب السياسى الملتهب موجة من العداء، أدت إلى اعتقالات تعسفية وطرد.

وبدأت الإشادات النقدية عقب لحظة نهاية العرض. لخصّ آلان هانتر من سكرين دايلى الحالة التى أثارها الفيلم حيث كتب فيلم «سماء بلا أرض» احتفالًا تشوبه مرارة بالصمود والتضحية، حيث تُقدّم الممثلة الجديدة البارزة ديبورا نانى أداءً رائعًا كروحٍ نابضة بالحياة، مُصمّمة على الصمود فى وجه كل ما تُلقيه الحياة فى طريقها.

أكمل هانتر: «تبنى السحيرى القصة حول التحديات الفردية والجماعية التى تواجهها النساء. وهناك خط واحد حول الأمهات والبنات».

أما فابيان ليميرسييه من سينيروبا، فركز على الجانب الإنسانى العميق فى الفيلم، حيث كتب: «تأسر أريج السحيرى المشاهدين بفيلم إنسانى لا يُصدق، يُركز على ثلاث نساء محبوبات من إفريقيا جنوب الصحراء يعشن فى تونس، ويُطورن وعيًا متزايدًا بالعالم». وأكمل: «بإيقاعه الرائع، وروحه الانسيابية المذهلة فى الحركة والديكور، يزيح فيلم «سماء بلا أرض» ببطء ومهارة الستار عن الجوانب المختلفة لأبطاله الثلاثة».

ويمثل العرض سابقة فى تاريخ السينما التونسية؛ حيث لم يسبق لفيلم تونسى أن افتتح هذه المسابقة الرسمية التى تُعنى بالأصوات السينمائية الواعدة وتتسم بالابتكار والجرأة الفنية.

ويستند السيناريو إلى وقائع حقيقية شهدتها تونس فى فبراير، عندما تصاعدت أعمال العنف وخطابات الكراهية ضد المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ما أدى إلى اعتقالات جماعية وحملات طرد. ويوثق الفيلم لحظات التوتر والتضامن فى مواجهة الخطر، ويسلط الضوء على هشاشة المهاجرين وصمودهم فى آن.

سماء بلا أرض هو الفيلم الروائى الثانى للسحيرى بعد «تحت الشجرة»، ويواصل ما وصفته برؤيتها «السينمائية الإنسانية» التى تمزج بين «الواقع والتأمل».

وأكدت السحيرى ميولها إلى الأعمال المستندة إلى الواقع، مضيفة: «أميل إلى الأفلام التى تنطلق من واقع ملموس، لأنها تمنحنا فرصة لفهم العالم ومساءلته.

لكن فى الوقت نفسه، أؤمن أن للخيال دورًا ضروريًا، لأنه يضفى على القصص جمالاً وسحرًا وبعدًا شعريًا يصعب الاستغناء عنه».

وقالت: «أنا فخورة، ومليئة بالحب لكل من صنع هذا الفيلم معى. آمل أن يُسهم كل فيلم، بطريقته الخاصة، فى إنهاء تهميش وتجريد الآخرين من إنسانيتهم». واختتمت كلمتها بتوجيه شكر صادق للجمهور الذى عاش معها الرحلة العاطفية التى نقلها الفيلم. ويعرض مهرجان كان الفيلم الوثائقى الفلسطينى ــ الفرنسى ــ الإيرانى «ضع روحك على يدك وامش» للمخرجة الإيرانية زبيدة فارسى فى تظاهرة السينما المستقلة «أسيد» ACID التى يقام على هامش المهرجان، وهو يتتبع واقع المصورة الفلسطينية فاطمة حسونة (25 عاما)، التى استشهدت فى غزة جراء قصف صاروخى إسرائيلى استهدف منزلها مع أفراد من عائلتها.

وفى نفس التظاهرة يُشارك الفيلم الوثائقى «الحياة بعد سهام» للمخرج المصرى نمير عبد المسيح، فى مهرجان كان السينمائى، وذلك فى عرضه العالمى الأول، وهو إنتاج مصرى فرنسى.

وتبدأ أحداث الفيلم مع لحظة فقدان المخرج والدته، «سهام»، التى رحلت عن عالمنا دون أن يدرك طفلها آنذاك أن الفقد حقيقى ونهائى. لكن فى عالم الطفولة، تبقى الأمهات خالدات. فى محاولة للحفاظ على ذاكرتها حية.

يذكر أنّ المخرج نمير عبد المسيح، عاش السنوات الأولى من حياته فى مصر، قبل أن يرحل إلى فرنسا، حيث التحق بالمدرسة الوطنية العليا لمهن الصورة والصوت «لافيميس» لدراسة الإخراج. وأخرج عدة أفلام قصيرة، كما سبق وشارك فى مهرجان كان، وبرلين، والمهرجان الدولى للفيلم الوثائقى بكوبنهاجن، بفيلم «العذراء والأقباط وأنا»، وفاز بجائزة التانيت الفضى فى أيام قرطاج السينمائية عام 2011، وبجائزة أفضل فيلم وثائقى فى مهرجان الدوحة ترايبكا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك