جودة عبد الخالق: نجاح التصنيع يتطلب حزمة تدابير تجمع بين الحماية المؤقتة والانفتاح التدريجي
أبو المجد: وجود تصنيع محلي يحتاج شراكات مع كيانات عالمية تمتلك المعرفة التقنية
في ظل توجه مصر نحو تعزيز التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، تبرز الصناعات المغذية كعامل أساسي لدعم الإنتاج وتحقيق نهضة صناعية مستدامة. ويرى الخبراء أن تطوير هذه الصناعات يتطلب تحسين سلاسل الإمداد، تقليل البيروقراطية، وتبني شراكات عالمية لنقل التكنولوجيا وتعزيز القدرة التنافسية.
أهمية الصناعات المغذية في تقليل الواردات
مع تبني مصر رؤية جديدة لتطوير الصناعات المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات التي سجلت 94.6 مليار دولار في 2024، دعا عدد من الخبراء إلى التركيز على الصناعات المغذية، التي تمثل حجر الزاوية لتحقيق نهضة صناعية مستدامة. وأكدوا ضرورة تعزيز الإنتاج المحلي عبر خطوات مدروسة تجمع بين تحسين سلاسل الإمداد، وتقليل القيود البيروقراطية، وتبني شراكات مع شركات عالمية لنقل التكنولوجيا والمعرفة.
وتعد الصناعات المغذية عملية تصنيع مكونات الإنتاج التي تحتاجها الصناعات المختلفة، مثل إطارات وزجاج السيارات، ومستلزمات الإنتاج المرتبطة بالصناعات الهندسية وغيرها.
جودة عبد الخالق: التصنيع يحتاج إلى حماية مؤقتة وانفتاح تدريجي
يرى جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد ووزير التموين والتجارة الداخلية الأسبق، أن سياسات التصنيع وتقليل الواردات في مصر يجب أن تقوم على دراسة دقيقة للمقومات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن نجاح أي صناعة محلية يتطلب ميزة تنافسية، سواء كانت فعلية أو محتملة، يمكن تطويرها من خلال سياسات وإجراءات مدروسة.
وشدد عبد الخالق على أن نجاح التصنيع يتطلب حزمة من التدابير تجمع بين الحماية المؤقتة والانفتاح التدريجي، مضيفًا أن تقليل الواردات لا يعني الاستغناء عن الأسواق الخارجية بالكامل، بل يستلزم اختيار الأولويات وفقًا للضرورات الاقتصادية.
دروس من الماضي: أهمية وجود استراتيجية تنافسية
وأوضح عبد الخالق أن تجربة ستينات القرن الماضي، القائمة على صناعة السيارات والحديد والصلب، لم تفشل بسبب عدم التأهيل، وإنما لأن إغلاق السوق بالكامل دون استراتيجية تنافسية أدى إلى نتائج غير مستدامة.
وأشار إلى صناعة السكك الحديدية كمثال، موضحًا أن تصنيع عجلات القطارات محليًا يتطلب وجود صناعة حديد وصلب متطورة. وأضاف أن إغلاق شركة الحديد والصلب بحلوان قلل من فرص تحقيق صناعة متكاملة، حيث أصبحت المكونات الأساسية للعجلات غير متوفرة محليًا ويتم استيرادها من الخارج.
وأكد أن الصناعة لا تُدار بمنطق الهندسة فقط، موضحًا أن التفكير الاقتصادي يختلف عن التفكير الهندسي، حيث يعتمد الاقتصاد على تفاعلات معقدة لا يمكن حصرها في حسابات رياضية بحتة.
قيود اتفاقية الجات وتأثيرها على التصنيع المحلي
شدد عبد الخالق على أن اتفاقية الجات، التي وقّعت عليها مصر منذ 1995، تفرض قيودًا على تقييد الواردات، مما يستدعي مبررات اقتصادية قوية لأي إجراءات حمائية، على أن تكون مؤقتة ومحددة لمنتجات معينة فقط.
أحمد بدرة: الصناعات المغذية أولوية ضرورية
أكد الخبير الاقتصادي أحمد بدرة أن التركيز على الصناعات المغذية يمثل أولوية ضرورية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أن هذا هو التوجه الحالي للدولة، وفقًا لما أعلنه وزير الاستثمار.
وأوضح بدرة أن هناك نموذجًا ناجحًا يمكن البناء عليه، وهو تجربة وزارة النقل التي بدأت في تصنيع مكونات القطارات وعربات السكك الحديدية محليًا، مما يقلل الحاجة لاستيراد هذه المكونات.
الصين كنموذج في تطوير الصناعات المغذية
لفت بدرة إلى ضرورة تطبيق نفس النهج في مجالات أخرى، من خلال دراسة سلاسل الإمداد والتوجه نحو تصنيع المكونات محليًا، وهو ما اتبعته الصين قبل 40 عامًا لتحقيق نهضتها الصناعية.
التحديات أمام الصناعات المحلية
وأشار بدرة إلى أن تعدد الجهات الرقابية المشرفة على المصانع، والتي تصل إلى حوالي 40 جهة، يمثل عائقًا أمام الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وأضاف أن وزير الاستثمار وعد خلال لقائه بمجلس النواب بتقليل عدد هذه الجهات وتحديد نطاق سلطتها لتسهيل العمل الصناعي.
وشدد على أهمية تنفيذ هذه الخطة بشكل فعال لتحقيق النتائج المرجوة، مشيرًا إلى أنها تمثل خطوة جيدة نحو تعزيز الاقتصاد المصري.
أسامة أبو المجد: صناعة السيارات تعتمد على جودة الصناعات المغذية
أكد أسامة أبو المجد، رئيس رابطة تجار السيارات، أن صناعة السيارات تعتمد بشكل كبير على جودة وتوافر الصناعات المغذية، حيث تتكون السيارة من أكثر من 20 ألف جزء.
وأشار إلى أن مصر تمتلك 350 مصنعًا فقط للصناعات المغذية، وهو عدد غير كافٍ لدعم إنتاج السيارات محليًا، موضحًا أن زيادة نسبة المكون المحلي يعد العامل الأهم لجعل منشأ السيارة مصريًا.
وأكد ضرورة تصنيع مكونات أساسية مثل "الأير بوكس" والمحرك داخل البلاد.
الحاجة إلى شراكات مع شركات عالمية
وأضاف أبو المجد أن تحقيق ذلك يتطلب شراكات مع شركات عالمية تمتلك المعرفة التقنية اللازمة، خاصة الشركات الصينية، نظرًا لريادتها في إنتاج السيارات التقليدية والكهربائية.
خالد سعد: الصناعات المغذية الحالية غير كافية
من جانبه، أشار خالد سعد، الأمين العام لـ رابطة مصنعي السيارات، إلى أن الصناعات المغذية التي يتم إنتاجها محليًا، مثل الزجاج والشكمان، غير كافية لتلبية احتياجات السوق.
وأضاف أن تصنيع الأجزاء الخارجية للسيارات، مثل الجوانب والسقف، سيكون خطوة مهمة لتطوير الصناعة، إلا أن تصنيع مكونات معقدة مثل المحركات وناقل الحركة يظل تحديًا بسبب التكلفة العالية وحجم السوق المحدود.
التحديات أمام جذب الاستثمارات في قطاع السيارات
أكد سعد أن صغر حجم السوق المحلية وعدم استقرارها نتيجة القوانين المتغيرة يمثلان عائقًا أمام جذب الاستثمارات الكبرى إلى القطاع.