باحثان بمعهد تشاتام هاوس يدعوان الولايات المتحدة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي بشأن معادن أوكرانيا - بوابة الشروق
الخميس 20 مارس 2025 11:22 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

باحثان بمعهد تشاتام هاوس يدعوان الولايات المتحدة للتعاون مع الاتحاد الأوروبي بشأن معادن أوكرانيا

لندن - د ب أ
نشر في: الخميس 20 مارس 2025 - 12:26 م | آخر تحديث: الخميس 20 مارس 2025 - 12:26 م

مع سعي واشنطن إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، تتعرض كييف أيضا لضغوط لتوقيع اتفاق بشأن المعادن يمنح الولايات المتحدة الحق في الوصول إلى المواد الخام القيمة لديها.

وقال الباحث الدكتور باتريك شرودر زميل مركز البيئة والمجتمع بالمعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس) والباحثة أرميدا فان ريج الزميلة في برنامج أوروبا بالمعهد، في تحليل نشره الموقع الإلكتروني للمعهد، إنه في ظل خوف المفوضية الأوروبية من خسارة السباق لتأمين المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا، قدمت المفوضية لكييف عرضا منافسا وهو عبارة عن "شراكة مربحة للطرفين" لتطوير معادن أوكرانيا، من خلال البناء على التعاون القائم واعتبار أنها شراكة "مفيدة للطرفين" على عكس تركيز واشنطن على استخراج الثروة في مقابل دعمها السابق لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

ويرى الباحثان شرودر وفان ريج أنه بدلا من التنافس على الوصول إلى معادن أوكرانيا، ينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي السعي إلى إقامة شراكة بين الجانبين بشأن تلك المعادن . وسيعزز التعاون عبر الأطلسي أمن سلسلة التوريد ويسرع الاستثمارات ويساعد في تحقيق استقرار جيوسياسي، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى نتائج أفضل لأوكرانيا.

ويقول الباحثان إن هذا سيفيد أيضا كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اللذان يمكنهما حشد الموارد المالية والتكنولوجية مع توزيع مخاطر الاستثمار طويل الأجل الذي يتطلب العمل في ظروف محفوفة بالمخاطر.

ويرى شرودر وفان ريج أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حريصة على توقيع اتفاق يمكن أن تقدمه على أنه نصر سياسي، يؤمن ما تعتبره سدادا مستحقا لدعمها لأوكرانيا. وتعد المعادن ضرورية لحماية الأمن القومي والأمن الاقتصادي- وهي أولوية معلنة لإدارة ترامب- خاصة في سياق المنافسة الجيوستراتيجية مع الصين. ولكن على المدى الطويل، ستستفيد الإدارة الأمريكية أكثر من خلال الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

ويقول الباحثان إنه بدون تعاون أوروبي، ستواجه الولايات المتحدة تحديات لوجيستية في استخراج ونقل المعادن من أوكرانيا، وكذلك اختلال تنظيمي. فالاتحاد الأوروبي يتمتع بمزايا مهمة، مثل القرب الجغرافي وشبكات التجارة واللوجستيات القائمة والأطر التنظيمية التي تسهل دمج سلاسل القيمة المعدنية الأوكرانية في كل من الأسواق الأوروبية والأمريكية.

كما أن أي اتفاق مشترك يعني المشاركة في المخاطر المحتملة. فقد حذر معلقون سياسيون أمريكيون من أن الاتفاق الذي اقترحه ترامب ينطوي على مخاطر استراتيجية على المصالح الأمريكية. فمن خلال الاستثمار في معادن أوكرانيا، قد تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة في منح كييف ضمانات أمنية حرصت إدارة ترامب حتى الآن على تجنبها.

وبجانب التأثيرات الأمنية، هناك مخاطر استثمارية لاستخراج معادن أوكرانيا، حيث أن تطوير قطاع التعدين في أوكرانيا يعد مشروعا طويل الأجل، ينطوي على شكوك وانتكاسات محتملة على مدى العقد المقبل قبل تحقيق أي إنتاج تجاري مهم.

كما شكك البعض فيما إذا كانت معادن أوكرانيا تحمل نفس القيمة التي تدعيها كييف، ولذلك فإن الاستثمار المشترك في التنقيب الدقيق يقلل من المخاطر لجميع الأطراف من خلال ضمان اتخاذ قرارات مدروسة وتحسين تخصيص الموارد وجذب الاستثمارات.

ومن خلال العمل معا، يمكن للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تقاسم هذه المخاطر وزيادة المرونة وضمان مساهمة المواد الخام الحيوية لدى أوكرانيا في سلسلة توريد آمنة ومتنوعة لجانبي المحيط الأطلسي.

وأوضح شرودر وفان ريج أن التعاون في مجال المعادن قائم بالفعل، وأشارا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي شريكان في شراكة أمن المعادن متعددة الجنسيات المبرمة عام 2022، والتي توفر منصة للتنسيق الاستراتيجي بشـأن المعادن وتعزز استراتيجيات التخطيط والاستثمار المشتركة.

وتعمل شركات مثل "تيكميت"، التي أعربت عن اهتمامها باستكشاف المعادن في أوكرانيا، بالفعل في كل من أوروبا والولايات المتحدة، وهو ما يوضح أن التعاون عبر الأطلسي في مجال المعادن الحيوية أمر ممكن ومفيد.

واعتبر شرودر وفان ريج أنه ربما يكون من غير المرجح أن يتبنى ترامب نهجا مشتركا في ظل سعيه لتحقيق إنجاز رئيسي يدعم استراتيجيته "أمريكا أولا"، ولكن من حيث السياسة الفعلية طويلة الأجل، سيكون اتفاق المعادن إنجازا أكثر واقعية إذا عملت واشنطن مع حلفائها الأوروبيين، بدلا من العمل ضدهم.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، سيضمن إبرام اتفاق مشترك الوصول إلى موارد أوكرانيا المعدنية، بما في ذلك المواد الحيوية مثل الليثيوم والعناصر الأرضية النادرة التي يحتاجها الاتحاد الأوروبي لخططه للتحول في مجال الطاقة، وكذلك صناعاته في مجالي الطيران والفضاء والدفاع.

وكان الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا قد عقدا شراكة استراتيجية بينهما بشأن المواد الخام منذ عام 2021، إلا أنها لم تنفذ بشكل كامل. وفي حين أن الشراكة تحدد مجالات رئيسية للتعاون، من بينها الاستكشاف المستدام للمعادن والبحث والتطوير المشترك في إطار برامج "أفق أوروبا" ودمج أوكرانيا في سلاسل القيمة المعدنية الحيوية، كان العمل الملموس محدودا جزئيا بسبب الحرب.

وأوضح الباحثان أن "قانون المواد الخام الحيوية" في الاتحاد الأوروبي و"الاتفاق الصناعي النظيف" الجديد يحتويان بالفعل على أحكاما قوية لاستراتيجية معادن أكثر ذكاء وتطلعا إلى المستقبل، تتوافق مع الاقتصاد الدائري الذي يمكن أن يستفيد منه كل من الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا.

وعلى المدى القصير، حرص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعادة الدعم الأمريكي بعد اجتماعه الكارثي في واشنطن الشهر الماضي. ولتحقيق هذا الهدف، يبدو أنه مستعد لتوقيع اتفاق المعادن ومنح ترامب نصرا مقابل الحصول على دعم واشنطن.

وأكد شرودر وفان ريج أن مبررات التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا في مجال المعادن الحيوية واضحة - فمن الناحية الاقتصادية، سيعزز التعاون سلاسل التوريد ويجذب الاستثمارات، ومن الناحية الاستراتيجية، سيقلل من المخاطر ويعزز الاستقرار.

ويعد العائق الرئيسي أمام هذا التعاون المثمر هو جو المنافسة وانعدام الثقة الذي تعززه إدارة ترامب. ويتطلب تجاوز هذا السياق الصعب وجود قيادة عملية ورؤية طويلة المدى من المفاوضين من جميع الأطراف لضمان استفادة أوكرانيا من تنمية الموارد بدلا من تحولها إلى ساحة معركة اقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

واختتم الباحثان تحليلهما بالقول إن أي شراكة محتملة سيتعين على الأرجح تقديمها بطريقة تساعد ترامب على الادعاء أنه اتفاق يصب في مصلحة أمريكا. ورغم أنه من غير المرجح أن تقبل إدارة ترامب مبدأ التعاون، على الرغم من الفوائد الواضحة طويلة الأجل، يتعين على الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا أن يحاولا تأمين نتيجة مفيدة للجميع.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك