هل مولت الولايات المتحدة سد النهضة؟ (تقرير) - بوابة الشروق
الإثنين 23 يونيو 2025 5:46 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

هل مولت الولايات المتحدة سد النهضة؟ (تقرير)

محمد علاء
نشر في: الأحد 22 يونيو 2025 - 11:24 م | آخر تحديث: الأحد 22 يونيو 2025 - 11:28 م

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن الولايات المتحدة "موّلت بغباء سد النهضة" وهو ما أثار جدلا واسعا حول دور واشنطن في المشروع الخلافي بين مصر وإثيوبيا.

وردًا على تصريحات ترامب، كتب وزير المياه والطاقة الإثيوبي، هبتامو إتيفا، إن سد النهضة لا يحتاج لأي مساعدات أجنبية، مشاركا مقطع فيديو يعرض مشاهد متنوعة من السد في أثناء مراحل الإنشاء والتشغيل.

وأضاف إتيفا، على حسابه بموقع إكس: "سد النهضة (سدنا الضخم) بناه الشعب من أجل الشعب".

لا تمويل مباشرة

ولم تتوصل الشروق بعد البحث في مواقع حكومية أمريكية، منها الخارجية والدفاع، إلى جانب البيت الأبيض، لما يفيد بتمويلات أمريكية مباشرة لصالح مشروع سد النهضة.

وقال مصدر بوزارة الري لـ"الشروق": "ليس هناك يقين بمصادر التمويل"، مضيفًا: "لا يوجد دليل على تمويل مباشر لصالح السد، لكن هناك تمويلات لبنود أخرى قد توجّه من إثيوبيا لصالح المشروع".

وأكد أن الضرائب والصكوك والتبرعات غير كافية لتمويل المشروع، مضيفًا أن الصين نفت علاقتها المباشرة بتمويل السد، وكذلك الإيطاليين أشاروا إلى عدم سلطتهم على الشركة الخاصة المنفذة للمشروع.

ويتفق هذا الطرح مع تصريحات لوزير الخارجية السابق سامح شكري بأن البنك الدولي لا يمول سد النهضة، وأنه لا توجد دول تمول السد بشكل مباشر.

وقال شكري، في جلسة سابقة أمام لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب عام 2021، إن بعض الأموال تصل لأديس أبابا في شكل تمويل تنموي إنساني له علاقة بمتطلبات الشعب الإثيوبي.

وساطة أمريكية

وخلال ولاية ترامب الأولى، ساهمت وساطة الولايات المتحدة والبنك الدولي في وصول الدول الثلاث عام 2020 إلى مسودة اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، لكنّ إثيوبيا تخلفت عن حضور الاجتماع الختامي والتوقيع على الاتفاق، فيما وقعت القاهرة على المسودة بالأحرف الأولى.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، إن الاتفاق كان قد توصل إلى صيغة متكاملة تحمي حق إثيوبيا ومصر والسودان في التنمية وفي الاستفادة من مياه النيل دون إيقاع أضرار بمصالح مصر الحياتية في نهر النيل.

وبنهاية العام نفسه، أعلنت إثيوبيا بدء المرحلة الأولى لسد النهضة بشكل منفرد.

وفي رد فعل على هذه التطورات، أعلنت إدارة دونالد ترامب تعليق مساعدات إلى إثيوبيا بقيمة 272 مليون دولار.

لكنَّ إدارة خلفه الرئيس جو بايدن أعادت المساعدات المقدمة إلى إثيوبيا قبل نهاية فبراير 2021.

وفي ديسمبر 2023، أعلنت القاهرة انتهاء المفاوضات دون نتائج؛ بسبب مواقف إثيوبيا المتعنتة. وأكدت احتفاظها بحقها المكفول بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر.

دراسات أمريكية

وقال وزير الري الأسبق، الدكتور محمد نصر علام، إن تصريحات ترامب ربما تشير إلى إعداد مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي في الستينيات دراسات لسلسلة من السدود على النيل الأزرق لإفشال السد العالي.

وأوضح أن المكتب الأمريكي حدد 26 موقعًا صالحًا لإنشاء السدود على النيل الأزرق، من بينها الموقع الحالي لسد النهضة.

وأضاف علام، في تصريحات لـ "الشروق"، أن مصر رفضت عام 2010 دراسة إثيوبية لإقامة 4 سدود على النيل الأزرق بسعة تخزينية إجمالية تصل إلى 150 مليار متر مكعب.

وأشار إلى أن وفدا مصريا زار جميع الدول المانحة، في آسيا وأوروبا وأمريكا، لعدم تمويل المخطط الإثيوبي، لتأثيراته السلبية على تدفق المياه عبر النيل الأزرق.

تكلفة مضاعفة ومساهمات محدودة

ومع بداية المشروع، أسست الإدارة الإثيوبية مكتبا وطنيا لتنسيق المشاركة العامة لبناء سد النهضة.

وأشار المجلس، في بيان لاحق، إلى مساهمة الإثيوبيين في عملية بناء السد عن طريق شراء السندات أو بخدمة الرسائل القصيرة أو بمسابقات اليانصيب.

وفي مارس 2025، أعلن المجلس عن تضاعف تكلفة المشروع من 80 مليار بر إثيوبي (4.5 مليار دولار بسعر الصرف عام 2011)، لأكثر من 180 مليار بر (ما يزيد على 10 مليارات دولار بسعر الصرف نفسه)، فيما يتطلب استكمال البناء 80 مليار بر إضافية.

وقفز سعر الدولار الأمريكي من 17 بر إثيوبي عام 2011 إلى 135.43 في 2025.

ونوّه المجلس بأن الإثيوبيين ساهموا بأكثر من 20 مليار بر في المشروع (بنسبة 11% تقريبًا من التكلفة)، وأن الحكومة تهدف إلى 1.6 مليار بر إثيوبي آخر هذا العام لدعم استكمال المشروع.

إدارة فاشلة

وفي أول مؤتمر صحفي منذ توليه رئاسة وزراء إثيوبيا عام 2018، اتهم آبي أحمد، شركة ميتيك، التابعة للجيش الإثيوبي، بالتسبب في تأخير بناء مشروع سد النهضة.

وأشار إلى وجود مشكلات تتعلق بالتصميم "حيث لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين، ولم نستطع استكمال المشروع وفق الجدول الزمني".

ونوّه بأن سد النهضة كان مخططا أن ينتهي في 5 سنوات (أي 2017)، مضيفًا: "لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، خاصة بسبب تدخل شركة ميتيك".

وأسندت الحكومة الإثيوبية مشروع السد إلى شركة تابعة لجنرال إلكتريك؛ لتصنيع وصيانة واختبار مولدات التوربينات، مقابل 54 مليون يورو.

وقبل شهر من هذه الخطوة، عثرت الشرطة على مدير المشروع، سيمجنيو بيكيلي، مقتولا داخل سيارته في أديس أبابا. وذكرت السلطات آنذاك أنه حادث انتحار.

شركات صينية

وبعد عام، وقعت الحكومة الإثيوبية عقدًا مع مجموعة جيتشوبا الصينية بقيمة 40.1 مليون دولار للمشاركة في أنشطة ما قبل توليد الطاقة. وقال مسئول إثيوبي إن الاتفاق من شأنه تسريع بناء السد.

كما وقعت اتفاقا آخر مع شركة Voith Hydro Shanghai الصينية لتركيب وتشغيل 6 توربينات لتوليد الكهرباء. وتتولى شركة ساليني الإيطالية الأعمال الإنشائية بالمشروع.

البحث عن صفقة

ويرى الدكتور عدلي سعداوي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن تصريحات ترامب تهدف إلى استمالة الإدارة المصرية نحو بعض المواقف الأمريكية في المنطقة مقابل التدخل لحل أزمة سد النهضة، التي تؤرق المصريين.

وأضاف سعداوي، لـ "الشروق"، أن هذه المواقف ربما ترتبط بطلبه مرور السفن الأمريكية مجانا عبر قناة السويس، وربما الموقف من الحرب على غزة، أو الضربات الإسرائيلية على طهران.

وأشار إلى أن ترامب عمد في أكثر من مناسبة إلى انتقاد إدارة الرؤساء الديمقراطيين، وبخاصة بايدن وأوباما.

إحياء الاتفاق

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق إن الإدارة الأمريكية عليها أن "تبادر مجددًا لإحياء العمل لتنفيذ هذا الاتفاق والتوقيع عليه بين الأطراف الثلاث في البيت الأبيض بحضور الرئيس ترامب".

وأشار السفير محمد حجازي، في تصريحات لـ"الشروق" إلى أن هذا المسار هو المدخل الطبيعي لعلاقات مستقرة في إقليم شرق القارة وحوض النيل.

الافتتاح قريبا

وفي مارس الماضي، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، افتتاح سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة.

وزعم أحمد أن إثيوبيا لا تزال منفتحة على مزيد من الحوار لمعالجة أي مخاوف بشأن بناء السد وتشغيله.

وفي أبريل الماضي، أعلنت إثيوبيا اكتمال 98.6% من سد النهضة، مع تشغيل 6 وحدات لتوليد الكهرباء.

آثار سلبية خطيرة

وأحاطت وزارة الخارجية مجلس الأمن الدولي، في عدة مناسبات، بمستجدات أزمة سد النهضة.

وفي سبتمبر 2024، قال وزير الخارجية، بدر عبد العاطي، في أحدث خطاب، إن السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان.

وأضاف أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لسد النهضة في السنوات الماضية.

وأكد أن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ التدابير والخطوات كافة المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه.

ومطلع العام الماضي، أكد وزير الري الدكتور هاني سويلم تأثير سد النهضة على مصر، لكنّه أكد أن "الدولة المصرية قدرت تتعامل معاه بتكلفة ما".

وأكد سويلم أهمية تحمّل إثيوبيا للتكاليف التي تكبدتها مصر جراء السد، قائلًا إن "اتفاقية إعلان المبادئ بتقول لو تسبب السد في أضرار لدول المصب، فيه ثمن لازم يندفع"، مضيفًا "ولازم مصر هتطالب به في يوم من الأيام".

وتنفي تصريحات سويلم مزاعم المسئولين الإثيوبيين بشأن عدم تضرر دولتي المصب: مصر والسودان من سد النهضة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك