• نجاد البرعي: تناول الرئيس لقضية الحبس الاحتياطي يعكس اهتمامًا متزايدًا بمسألة الحريات العامة
• المحامي طاهر الخولي: إعادة مناقشة المواد المعترض عليها قد تعلق أبواب الجدل والطعن بعدم
• هريدي: نقابة المحامين طالبت بتوضيح بعض النصوص لكونها تحمل أكثر من تفسير
• محامي حقوقي يطالب بالأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي لم يتوافق عليها من الحوار الوطني
• محامي بالنقض: بدائل الحبس الاحتياطي يجب أن تواكب التطور التكنولوجي وتضمن حماية الحقوق الدستورية
اتفق محامون وحقوقيون على ضرورة افساح الوقت لمناقشات أكثر عمقًا لقانون الإجراءات الجنائية الجديد، لحسم الإشكاليات التي يتم لم يُصدق بسببها الرئيس عبد الفتاح السيسي على مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب في نهاية إبريل الماضي.
ورد الرئيس السيسي مشروع القانون الجديد إلى مجلس النواب لإعادة النظر في بعض مواده المُعترض والتي تتعلق باعتبارات الحوكمة والوضوح والواقعية، بما يوجب إعادة دراستها لتحقيق مزيد من الضمانات المقررة لحرمة المسكن ولحقوق المتهم أمام جهات التحقيق والمحاكمة، وزيادة بدائل الحبس الاحتياطي للحد من اللجوء إليه، وإزالة أي غموض في الصياغة يؤدي إلى تعدد التفسيرات أو وقوع مشاكل عند التطبيق على أرض الواقع.
وقال المحامي الحقوقي نجاد البرعي، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، إن تناول الرئيس عبد الفتاح السيسي لقضية الحبس الاحتياطي يعكس اهتمامًا متزايدًا بمسألة الحريات العامة، مشيرًا إلى أن القرار جاء في ضوء توصيات الحوار الوطني التي طالبت بالعديد من التعديلات ولم يتم الأخذ بها في القانون الذي أقره البرلمان، وهي تعديلات طالبت بها أحزاب سياسية ونقابتي الصحفيين والمحامين.
وأوضح البرعي في تصريح لـ"الشروق"، أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية يعد من أهم التشريعات التي تمس حياة المواطنين اليومية، مؤكدًا أن الاستعجال في مناقشته داخل البرلمان أدى إلى إقرار نصوص غير مكتملة أو ملتبسة، قائلا: "هذا القانون هو بمثابة الدستور الثاني، وبالتالي السرعة في إقراره أمر صعب جدًا وقد ينتج عنها تخبط في التطبيق"، مشددًا على ضرورة منح الوقت الكافي للحوار والنقاش.
وأضاف أن هناك العديد من الصياغات في المشروع تعاني من الغموض وتفتح المجال أمام التفسيرات المتعددة، الأمر الذي يتعارض مع طبيعة القوانين الجنائية التي تقوم على الدقة والوضوح.
ودعا البرعي إلى عدم تدخل البرلمان الحالي -الذي تنتهي مدته في بداية يناير المقبل- وإفساح الوقت للبرلمان القادم لمواصلة العمل على القانون بشكل أعمق وأكثر وضوحًا، بمشاركة القوى السياسية والنقابات المهنية.
فيما قال المستشار طاهر الخولي، المحامي بالنقض، إن قرار الرئيس السيسي برد قانون الإجراءات الجنائية سيغلق أبواب الجدل والطعن على دستورية أحد أهم القوانين التي تمس حياة وحريات المواطنين والعدالة، بما يستوجب أن يخرج محصنًا من أي عوار دستوري قد يربك منظومة العدالة في مصر.
وأوضح الخولي في تصريح لـ"الشروق" أن القانون الجديد يجب أن يُنظر إليه باعتباره "دستور المحاكمات الجنائية" لما يتضمنه من مواد تمس بشكل مباشر حماية الحريات الأساسية، مثل التفتيش والقبض والإجراءات الخاصة بالأشخاص والمساكن.
وأشار إلى أن مشروع القانون يطرح بدائل جديدة للحبس الاحتياطي، مثل المنع من مغادرة المسكن، حظر السفر، وتقييد استخدام الهاتف أو التواصل مع الآخرين باستثناء ذويه، فضلًا عن إجراءات تحفظية كمنع الزيارات أو الإقامة الجبرية، مشيرًا إلى أن هناك بدائل أخرى يمكن التوسع في مناقشتها لتكون قابلة للتطبيق وتستفيد منها منظومة العدالة.
وفيما يتعلق بالمحاكمات عن بُعد، رأى الخولي أن الآليات المطروحة بحاجة إلى مناقشة أكثر عمقًا، مرشحًا أن يُترك الأمر للبرلمان القادم لضمان صياغة أكثر دقة ووضوحًا.
وأكد الخولي أن قانون الإجراءات الجنائية الحالي الذي يعود إلى عام 1950 بات في حاجة ملحة إلى تحديث شامل، على أن تتم صياغة نصوصه بشكل قانوني محكم يقطع الطريق أمام أي غموض أو تلاعب في التطبيق.
من جانبه، قال المحامي بالنقض عمر هريدي، وكيل النقابة العامة للمحامين، إن قرار الرئيس برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من المواد، يعكس انحياز الرئيس لحقوق المواطن المصري.
وذكر هريدي في تصريح خاص لـ"الشروق"، أن الرئيس أكد خلال الحوار الوطني أهمية ضمانات المحاكمة العادلة وضرورة تعويض المظلوم الذي يثبت براءته بعد فترة الحبس الاحتياطي.
وأضاف هريدي أن نقابة المحامين شاركت بفاعلية في جلسات الاستماع داخل البرلمان، وأبدت ملاحظاتها على 21 مادة من القانون وجرى مناقشتها واستجابة مجلس النواب إلى بعضها، مؤكدا أن بعض العبارات الواردة في المشروع النهائي الذي أقره البرلمان تحتمل أكثر من تفسير، ما يستدعي تحديد مدلول الألفاظ بشكل دقيق لتفادي الغموض وضمان وضوح تلك النصوص القانونية عند التطبيق.
فيما طالب المحامي الحقوقي أحمد راغب، المقرر المساعد للجنة حقوق الإنسان والحريات العامة بالحوار الوطني، البرلمان، بالأخذ بعين الاعتبار التوصيات التي لم لم تتوافق عليها في البرلمان، مثل ضمان عدم استطالة مدد الحبس الاحتياطي، وضروة إلزام جهات التحقيق باتخاذ ما يلزم قانوناً نحو المحبوسين احتياطيا لمدد استطالت والإسراع إما بإحالة هؤلاء إلى المحاكم المختصة، أو إخلاء سبيلهم، وهو ما ينطبق أيضاً على التدابيرالأخرى.
وأكد المحامي بالنقض عبد الحميد فودة، أن تعديل قانون الإجراءات الجنائية يجب أن يواكب التطورات التكنولوجية الحديثة، مشيرًا إلى أن وضع المتهم تحت الرقابة الأمنية من خلال شريحة إلكترونية لتتبعه، أو إلزامه بأداء خدمة عامة تفيد المجتمع خلال فترة التحقيقات، يمثل بدائل أكثر فاعلية للحبس الاحتياطي.
وأوضح فودة في تصريح لـ"الشروق"، أن القانون يتيح للسلطة المختصة إصدار تدابير بديلة عن الحبس، منها إلزام المتهم بعدم مغادرة مسكنه، أو تقديم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، أو حظر ارتياد أماكن معينة، مع النص على جواز حبسه احتياطيًا حال مخالفة تلك الالتزامات.
وشدد المحامي بالنقض، على ضرورة صياغة النصوص القانونية بشكل واضح ودقيق، بما يمنع أي التباس في التطبيق، ويضمن التوازن بين حقوق المتهم وحماية المجتمع، واعتبر أن هذه التوجهات تعكس حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على صون الحقوق والحريات الدستورية، والحد من التوسع في الحبس الاحتياطي عبر إقرار حلول وبدائل عملية.