حذرت صحيفة "هآرتس" العبرية، خلال تحليل أعدته الصحفية البارزة رافيت هيخت، اليوم الجمعة، من أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتجه نحو تغيير جذري في سياساته التقليدية تجاه تل أبيب، وهو ما وصفته الصحيفة بـ"الانفكاك التدريجي والمقلق" عن التحالف التاريخي بين واشنطن وتل أبيب.
وسلط التحليل الضوء على صفقة إطلاق سراح الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، التي تمت بشكل منفرد وخاص، خارج أي إطار جماعي أو تحالف أمني، معتبرة أن هذه الصفقة تعد أولى الإشارات العملية على تغيّر في نهج ترامب تجاه إسرائيل، بحسب وكالة معا الفلسطينية.
وأشار التحليل إلى أن ترامب لم يصدر حتى الآن نداءً علنيًا لوقف الحرب على غزة، ولم يلوح بفرض عقوبات عسكرية أو تجميد المساعدات، ولم يستخدم الفيتو الأمريكي لحماية إسرائيل في مجلس الأمن، كما كان يفعل في السابق، ومع ذلك، "فإن سلوكه المتريث والصامت يشير إلى تخلي هادئ ومدروس عن إسرائيل"، وفق تعبيرها.
واعتبر التحليل أن ملامح الاستراتيجية الجديدة لترامب باتت واضحة، إذ يتجه بخطى متسارعة نحو تعزيز الشراكة مع السعودية، التي باتت من وجهة نظره شريكًا إقليميًا أكثر أهمية سواء في ملف الطاقة أو الاستقرار الإقليمي.
وأضاف التحليل أن "ترامب تخلى سريعًا عن ملف الحوثيين وترك إسرائيل وحدها تواجه وابل الصواريخ وتعطل حركة الملاحة الجوية الدولية"، معتبرا أن "واشنطن لم تعد ترى في تل أبيب الحليف الأساسي في الشرق الأوسط كما في السابق".
كما أشار إلى "اقتراب ترامب من عقد اتفاق محتمل مع إيران، لا يتوقع أن يراعي المصالح الإسرائيلية أو يأخذها في الحسبان، وهو ما يمثل تحولًا استراتيجيًا خطيرًا".
وتحدث التحليل عن مؤشر آخر تمثل في تراجع اهتمام ترامب بملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، بعدما كان يحتل أولوية قصوى في إدارته خلال ولايته الرئاسية.
وذكر التحليل أن ترامب لا يعتزم ممارسة أي ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية لاستعادة الأسرى، ويترك القضية بيد نتنياهو من دون تدخل يذكر.
وفي الختام، تحدث التحليل عن "تحول وجودي" في الموقف الأمريكي من إسرائيل، معتبرا أن شخصية ترامب التي اشتهرت بـ"وضع الكلام حيث يضع الأموال"، لم تعد ترى نفسها مسئولة عن مصير إسرائيل أو ملزمة بتأديب نتنياهو أو حكومته.
وقال التحليل إن "إسرائيل تسير في طريق الانتحار الصامت، لا بسبب عداء خارجي مباشر، بل نتيجة عزلة دولية متنامية وصمت حلفائها التقليديين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة بقيادة ترامب".