اللعب المفيد: طريق مزدوج للتعلم والمتعة
يحرص الكثير من الآباء والأمهات على البحث الدائم عن أنشطة تعزز نمو أطفالهم العقلي والنفسي، وغالبًا ما يربط البعض تنمية المهارات بالدراسة أو التمارين الجادة التي تخلو من المتعة، مما يخلق شعورًا بأنهم مجبرون على الاختيار بين التعلم واللعب. ما لا يدركه كثيرون هو أن اللعب يمكن أن يكون بوابة فعالة لاكتساب الطفل مهارات جديدة، إذ يمكنه أن يتعلم ويستمتع في الوقت نفسه دون ضغوط.
بداية السؤال: كيف نختار النشاط المناسب؟
تشير دعاء هنداوي، أخصائية التربية الخاصة والنفسي الإكلينيكي، إلى أن الخطأ الشائع لدى الأهل هو مقارنة أطفالهم بغيرهم عند اختيار الأنشطة، رغم اختلاف الميول والقدرات بين الأطفال. لكل طفل بصمة نفسية وأنماط تعلم خاصة به، مما يستلزم مراعاة ذلك من خلال ثلاث خطوات أساسية:
1- الملاحظة دون تدخل: من خلال مراقبة ما يلفت انتباه الطفل ويمتعه في أوقات الفراغ، كالرسم، أو الفك والتركيب، أو التساؤل المتكرر، تُكتشف ميوله.
2- التجربة المتنوعة: يمكن عرض أنشطة مختلفة عليه كالرسم، الرياضة، الموسيقى أو التمثيل، لاختبار ما يشعره بالراحة والرغبة في الاستمرار.
3- الابتعاد عن الضغط والمقارنة: فلا يجب إلزام الطفل بما يفضله إخوته أو أقرانه، فالتشجيع لا الإجبار هو مفتاح الاكتشاف.
وتضيف دعاء أن الهدف ليس الاحتراف أو التقييم المستمر، بل السماح للطفل بالتعبير عن ذاته، مما يدعم ثقته بنفسه ويغذي فضوله بشكل صحي.
اللعب الذكي: أداة متكاملة لتنمية المهارات
ترى دعاء أن اللعب، خصوصًا بين سن 3 و5 سنوات، يعد أسلوب التعلم الأساسي، وأن اختيار أنشطة ذكية له تأثير واسع على قدرات الطفل العقلية والحسية والاجتماعية. ومن أهمها:
البازل وألعاب الفك والتركيب: لتحفيز التفكير المنطقي والانتباه.
الصلصال: لتقوية عضلات اليد الدقيقة وتنمية الخيال.
القص واللزق والرسم: لتحسين التآزر البصري والحركي، وتعزيز الإبداع.
ألعاب التخيل والتمثيل: لتطوير اللغة والتعبير العاطفي.
الحكايات التفاعلية: لتشجيع النقاش والتفكير الإبداعي.
الألعاب الحركية البسيطة: مثل القفز والمشي على الخط، لتنشيط الذكاء الجسدي.
وتؤكد أن الأهم من نوع النشاط هو مشاركة الأهل فيه، إذ يعزز ذلك العلاقة العاطفية ويساعد على ترسيخ المهارات بشكل أعمق.
اللعب العلاجي: طريق للتغلب على التشتت وضعف التركيز
تنصح دعاء بالاستفادة من الإجازة لتطوير مهارات الطفل بطريقة ممتعة وهادفة، خصوصًا إذا كان يعاني من تشتت الانتباه أو ضعف التركيز. وتوصي بالتركيز على أنشطة حركية متكررة يختارها الطفل بنفسه، دون ضغط أو مقارنة، لتجنب زيادة التشتيت. ومن الأنشطة المفيدة:
ألعاب الذاكرة والانتباه: كـ"قولنا إيه؟" أو الفرق بين الصورتين، أو ألعاب البازل.
أنشطة التخطيط الحركي: كالمشي على خط مستقيم أو القفز حسب الترتيب.
تمارين اليقظة الذهنية: مثل التركيز على صوت التنفس أو الأصوات المحيطة لثلاث دقائق يوميًا.
تقليل وقت الشاشة تدريجيًا: مع استبدالها بأنشطة تفاعلية.
القراءة وصناعة القصص: سواء بالحكي أو الرسم والتأليف المشترك.
تنظيم روتين يومي: يشمل نومًا منتظمًا، غذاءً صحيًا، ونشاطًا ذهنيًا محددًا.
وفي حال استمرار الأعراض، تؤكد دعاء أهمية تقييم الحالة لاحتمالية وجود اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، والذي لا يعني ضعف الذكاء بل حاجة إلى دعم متخصص وخطة علاجية تناسب نمطه السلوكي والتعليمي.
خاتمة عملية: افهم طفلك ولا تشتت بوصلته
تختم دعاء بنصيحة واضحة: لا يحتاج الطفل لألعاب باهظة، بل إلى من يفهم مشاعره ويصغي له. بالتجربة والفضول، وبعيدًا عن العنف والمقارنات، تتحقق خطوات مؤثرة نحو النمو السليم، وإذا احتاج الأهل للمساعدة، فاستشارة مختص تبقى دائمًا خيارًا ذكيًا لفهم الطريق المناسب للطفل.