لم تكن «البصيرة» مجرّد وصفٍ لحالة صحية، بل كانت عنوانًا لحكاية تفوق استثنائية بطلتها الطالبة نور محمد سامي عبدالعزيز، من ذوي البصيرة، التي سطّرت اسمها بحروف من نور في سجلات المجد، بعدما حصدت المركز الثاني على مستوى الجمهورية – القسم الأدبي – في امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية للعام الدراسي 2025، محققة 522 درجة من 550 بنسبة 94.91%.
نور، الطالبة في معهد فتيات أنطونيادس الثانوي الأزهري التابع لإدارة كفر الدوار التعليمية الأزهرية بمحافظة البحيرة، أثبتت أن الإعاقة ليست نهاية، بل بداية لمسار ملهم من التحدي والاجتهاد. سنوات طويلة من الكفاح، تسلّحت خلالها بالحفظ والصبر وضياء القلب، فلم ترَ الكتب بعينها، لكنها قرأتها بعين الإرادة، فصعدت بها إلى القمة بين آلاف الطلاب والطالبات.
وتُعد نور كبرى أشقائها، ولديها أخت تصغرها وتدرس بالصف الأول الإعدادي الأزهري في نفس المعهد، وهي أيضًا من ذوي البصيرة، ما يجعل الأسرة نموذجًا ملهمًا في الصبر والإصرار.
يعمل والدها موظفًا في إحدى الشركات، بينما كرّست والدتها حياتها لتربية ورعاية ابنتيها، تقول عنها إنها كانت متميزة منذ طفولتها، وشاركت في العديد من المسابقات، وحصلت على جوائز وتكريمات، وختمت القرآن الكريم وهي لا تزال في الصف السادس الابتدائي الأزهري.
وسط فرحة غامرة، عبّرت والدة نور عن سعادتها قائلة: "الحمد لله على فضله وكرمه.. بنتي أسعدتنا ورفعت راسنا، وشكرًا لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الذي نعتز به، وشكرًا لكل من دعمها ورعاها في رحلتها.. إدارة المعهد، ومعلمي ومعلمات الأزهر الشريف المخلصين".
وفي حديثها لـ"الشروق"، قالت نور: "فخورة بانتمائي للأزهر الشريف، ومقتنعة أن الإعاقة ليست في البصر، بل في القلوب إن غاب عنها الأمل. حلمي أن ألتحق بكلية علوم القرآن الكريم، وأصبح يومًا من أعضاء هيئة التدريس، لأردّ الجميل، وأكون نورًا لأمثالي من ذوي البصيرة".