ـ تعليق محمود عباس على صدره "مفتاح عودة اللاجئين" خلال كلمته أمام الجمعية العامة الأممية أثار هجوما إسرائيليا بلغ حد اتهامه بالدعوة إلى محو إسرائيل
ـ أستاذ الإعلام في جامعة القدس أحمد رفيق عوض: إسرائيل تريد افتعال ضجة من خلال هذا المفتاح لنزع الشرعية عن عباس وإسقاط السلطة الفلسطينية
ـ رئيس دائرة شئون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي: مفتاح العودة واحد من شواهد التهجير القسري والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل
ـ الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي: الإسرائيليون يريدون نفي وجودنا ونحن نؤكد حقنا في الوجود والمفتاح رمز ذلك
أثار "دبوس على شكل مفتاح" علقه الرئيس الفلسطيني محمود عباس على صدره، ويرمز إلى حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، هجوما إسرائيليا وانتقادات حادة، بلغت حد اتهامه بالدعوة إلى محو إسرائيل.
وعلى الجانب الأيسر من أعلى بدلته، يحرص عباس منذ مدة طويلة على وضع هذا الدبوس، وهو على شكل مفتاح، ويرمز إلى إصرار اللاجئين على العودة إلى منازلهم التي أُجبروا على مغادرتها.
وظهر المفتاح، خلال كلمة الرئيس الفلسطيني عبر الفيديو، الخميس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، وقبلها في المؤتمر الدولي لدعم حل الدولتين الذي عقد الاثنين.
والاثنين، شهد "مؤتمر حل الدولتين" بنيويورك اعتراف فرنسا ومالطا ولوكسمبورج وبلجيكا وأندورا وموناكو بدولة فلسطين، ليرتفع الإجمالي إلى 159 من أصل 193 عضوا بالأمم المتحدة، وهو ما تراقبه إسرائيل باستياء وتطلق عليه اسم "تسونامي سياسي".
إسرائيل لوحت بعقاب الفلسطينيين الذين رحبوا بهذه الخطوة، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توعد بأن "دولة فلسطين لن تقوم"، بينما ذهب وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش إلى القول إن "الرد الوحيد على الاعترافات بدولة فلسطين هو الضم الفوري" للضفة الغربية المحتلة.
- غضب إسرائيلي
وهذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها الرئيس الفلسطيني شارة المفتاح، حيث ظهرت على صدره في اجتماعات سابقة بالأمم المتحدة، وكذلك اجتماعات عقدت في مدينة رام الله وسط الضفة.
وادعت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان، أن الدبوس يمثل "ازدواجية رسالة محمود عباس الخطيرة".
وقالت إن "عباس ارتدى دبوسا على شكل مفتاح، وهو رمز لا لبس فيه لهدفه المتمثل في محو إسرائيل"، وفق تعبيرها.
وتعتبر تل أبيب أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة هو "محو لإسرائيل".
ومنذ عقود تحتل إسرائيل، فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
- ضجة مفتعلة
ورأى أستاذ الإعلام في جامعة القدس أحمد رفيق عوض، أن "إسرائيل تريد افتعال ضجة من خلال هذا المفتاح، لنزع الشرعية عن محمود عباس ومحاصرته وإسقاط السلطة الفلسطينية، باعتبارها دليلًا على حل الدولتين".
وقال عوض في حديث للأناضول، إن "إسرائيل تريد أن تلصق بعباس محاولة تدمير إسرائيل، عبر تذكيره بحق العودة للاجئين".
وأضاف أن "إسرائيل تعلم يقينا أن عباس يريد أن يكون حق العودة عبر طاولة التفاوض، ضمن الرؤية الدولية، لكنها تسعى لنزع شرعيته وتتذرع بأي شيء في سبيل ذلك".
- شاهد على التهجير
بدوره، أكد رئيس دائرة شئون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبو هولي، أن "كثيرًا من القيادات الفلسطينية والأحرار حول العالم، يعلقون المفتاح على صدورهم، لتأكيد حق الفلسطينيين الذي لا يسقط بالتقادم".
وأشار هولي في حديث للأناضول، إلى أن مفتاح العودة واحد من "شواهد التهجير القسري والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل".
وأردف: "أهلنا المهجّرون إثر النكبة عام 1948 أغلقوا بيوتهم على أمل العودة، واحتفظوا بالمفتاح وأوراق بيوتهم على أن يعودوا قريبا، وطال الانتظار لأكثر من 7 عقود، وبقي مفتاح العودة يسلم من جيل إلى جيل، ليظل الدليل على جريمة التهجير".
و"النكبة" مصطلح يطلقه الفلسطينيون على اليوم الذي أُعلن فيه قيام إسرائيل على معظم أراضيهم بتاريخ 15 مايو 1948.
ومنذ 1948، تعرض الفلسطينيون لمحطات مختلفة من التهجير والنزوح القسري جراء خطط الاستيطان الإسرائيلية وتوسعها وعمليات التوغل البري لمناطق بالضفة وغزة فضلا عن المعارك والحروب التي اندلعت في القطاع.
- أمل العودة
من جهته، وافق الكاتب والروائي الفلسطيني وليد الهودلي، أبو هولي، على أن "مفتاح العودة صار بمرور الزمن، رمزا للتمسك بالعودة، وأملًا لكل لاجئ كي يعود ليفتح بيته من جديد، مهما طال الزمن، وأن القضية لا تسقط بالتقادم".
وفي حديثه للأناضول، اعتبر الهودلي أن "المرتكز الأساسي للشعب الفلسطيني وقضيته هو إخراج الناس من ديارهم، وتدمير حوالي 500 قرية ومدينة بشكل كامل في نكبة 1948".
وأضاف: "هجّرت العصابات الصهيونية في حينه الفلسطينيين من بيوتهم، وحمل كثير منهم المفتاح، ومعه أمل العودة لفتح بيوتهم به عند العودة".
ورأى أن "المفتاح تأكيد على التمسك الفلسطيني بحق العودة، وأنه لا يمكن أن يتنازل الفلسطيني عن ذلك".
وختم الهودلي بالقول: "هم (الإسرائيليون) يريدون نفي وجودنا ونحن نؤكد حقنا في الوجود، والمفتاح رمز لكل ذلك".
وتشير سجلات وكالة الأونروا حتى أغسطس 2023 إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها يبلغ نحو 5.9 ملايين، يُقيم منهم قرابة 2.5 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يمثل حوالي 42 بالمئة من الإجمالي اللاجئين المسجلين (15 بالمئة بالضفة الغربية، و27 بالمئة بغزة)، وفق جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني.
أما في الدول العربية، فتُظهر البيانات أن نحو 40 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا يقيمون في الأردن، مقابل 10 بالمئة في سوريا، و8 بالمئة في لبنان، وفق المصدر نفسه.
وقال الجهاز إن هذه الأرقام تعد تقديرات حد أدنى، إذ لا تشمل اللاجئين الفلسطينيين غير المسجلين لدى الوكالة، بمن فيهم من تم تهجيرهم بعد عام 1949 حتى عشية حرب يونيو/ حزيران 1967 وفق تعريف الأونروا، وكذلك من تم ترحيلهم خلال الحرب المذكورة ولم يكونوا أصلاً من فئة اللاجئين.