تسود حالة من القلق والترقّب بين مثقفي ورواد قصر ثقافة طنطا، عقب الأنباء المتداولة حول إغلاق المبنى الحالي للقصر وتسليمه لمحافظة الغربية، وسط غياب رؤية واضحة لمستقبل هذا الصرح الذي يعد الواجهة الثقافية لعاصمة المحافظة. وتتعالى الأصوات المحذّرة من خطورة إغلاق القصر على الوعي المجتمعي، ودور الثقافة في مواجهة التطرف والانحدار القيمي.
ورغم تأكيد الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة أن قصور وبيوت الثقافة تمثل مراكز إشعاع ثقافي أساسية في المحافظات، موضحا أن الوزارة تعمل على وضع استراتيجية شاملة لتطويرها ورفع كفاءتها لتواكب التغيرات المجتمعية وتصبح أكثر جذباً للشباب، إلا أن ما يجري في قصر ثقافة طنطا يوحي بعكس ذلك، وفق ما يراه رواد القصر والمثقفون المحليون.
ويقول مصطفى منصور، رئيس نادي الأدب السابق، إن قصر ثقافة طنطا يُعد من أعرق القصور الثقافية في إقليم وسط الدلتا، حيث يحتضن أنشطة يومية في المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والفنون الشعبية وورش الرسم والندوات الفكرية، ويستقبل مئات الرواد يومياً من مختلف الأعمار. لكن خلال الفترة الأخيرة، تزايدت المؤشرات حول اتجاه لتسليم مقره الحالي للمحافظة تمهيداً لهدمه أو استثماره في أغراض أخرى، دون الإعلان عن بديل يليق بدوره التاريخي، خصوصاً بعد صدور قرارات بنقل عدد من العاملين إلى مواقع أخرى.
وعبر عدد من المثقفين عن استيائهم من تبرير تقليص النشاط بوجود المركز الثقافي بطنطا، مؤكدين أن وجود مركز ثقافي لا يغني عن القصر، مشيرين إلى أن مدينة المحلة الكبرى تضم قصرين للثقافة ومسرح 23 يوليو، ولم يُطرح إلغاء أي منها.
ويقول الأديب عمر فتحي رئيس نادي الأدب سابقاً: "قصر ثقافة طنطا ليس مجرد مبنى، بل ذاكرة ثقافية لعشرات الأجيال، ولا يجوز أن نتعامل معه كمساحة استثمارية على حساب النشاط الثقافي."
أضاف، "القصر هو المكان الوحيد الذي يتيح عرض الأعمال الأدبية وتنظيم ورش مجانية للشباب، وإغلاقه سيحرم المدينة من أهم متنفس فني وثقافي."
أما الناقد مختار عيسى فقال: "إغلاق قصر الثقافة ليس مجرد قرار إداري، بل إغلاق لعقل ووعي المجتمع. قصور الثقافة بؤر تنويرية تحمي العقول قبل أن تقع فريسة للتطرف."
وأشار عيسى إلى توصيات مؤتمر "اليوم الواحد" الأدبي الذي عُقد مؤخراً في المركز الثقافي بطنطا، والتي شددت على ضرورة تخصيص مقر يليق بقصر ثقافة العاصمة، لكن دون خطوات تنفيذية حتى الآن.
وطالب أعضاء الفرق المسرحية والموسيقية، ومعهم رواد القصر، وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة بالتدخل العاجل لإنقاذ القصر وتخصيص مقر يليق بدوره التاريخي، حفاظاً على مستقبل الحركة الثقافية والفنية في المدينة، ورسالة التنوير التي حملها لعقود طويلة.
وكشفت مصادر مطلعة، أن نقل العاملين يعد خطوة تمهيدية لإغلاق القصر نهائياً، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية، إذ يرون أن القصر يمثل متنفساً رئيسياً لمئات الموهوبين والهواة، وغلق أبوابه يعني حرمان المدينة من أهم حاضنة للأنشطة الثقافية والفنية.