- القاهرة تخطط للمزيد من صفقات الغاز ما يشعل المنافسة العالمية
- تخطيط لشراء غاز بخلاف الكميات الضخمة التي كانت اتفقت عليها حتى عام 2028
كشفت وكالة بلومبرج عن تقديرات تشير إلى أن فاتورة واردات مصر من الغاز الطبيعي المسال قد ترتفع إلى نحو 20 مليار دولار هذا العام، بزيادة تقارب 60% مقارنة بـ12.5 مليار دولار خلال العام الماضي، في ظل تزايد الطلب المحلي وتراجع الإنتاج.
- خطط مصرية لزيادة واردات الغاز تشعل المنافسة العالمية
وأضاف تقرير الوكالة الصادر اليوم، أن مصر تخطط للمزيد من صفقات الغاز ما يشعل المنافسة العالمية، حيث تعتزم شراء كميات من الغاز الطبيعي المسال تتجاوز بالفعل الصفقات المتفق عليها حتى 2028، كما تخطط لزيادة واردات الغاز المسال حتى نهاية 2030 لتلبية الطلب المتنامي في ظل انخفاض الإنتاج المحلي".
وتتجه مصر لتعزيز وارداتها من الغاز الطبيعي المسال حتى نهاية العقد، في خطوة تنذر بزيادة الضغط على السوق العالمية واحتمال ارتفاع فاتورة الاستيراد الباهظة بالفعل.
- شراء كميات ضخمة لتلبية الطلب المتزايد
تخطط البلاد لشراء غاز مسال بخلاف الكميات الضخمة التي كانت اتفقت عليها حتى عام 2028، بهدف تلبية الطلب المتزايد وتعويض التراجع في الإنتاج المحلي بحسب أشخاص مطلعين على المسألة. وقد وقّعت بالفعل عقوداً تمتد لعشر سنوات لتأمين البنية التحتية للاستيراد، وتجري مفاوضات مع قطر بشأن اتفاقات طويلة الأجل لتوريد الغاز.
تشير هذه الخطط إلى أن مصر ستفوت على الأرجح هدفها باستئناف تصدير الغاز في عام 2027، ما يسلّط الضوء على التحوّل العميق الذي شهدته البلاد في مجال الطاقة، بعدما أصبحت مستورداً صافياً للغاز في الآونة الأخيرة فقط. ولا يلوح في الأفق تحسّن على المدى الطويل، بينما تكافح الارتفاع الحاد في الطلب على الكهرباء الذي فاقمه تغيّر المناخ والنمو السكاني الأسرع في شمال أفريقيا.
- اشتعال السوق العالمية
وقد ساهمت اتفاقات الاستيراد الأخيرة لمصر بالفعل في تشديد السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال، في وقت تبحث فيه أوروبا عن شحنات إضافية لملء مخزونها وتعويض الغاز الروسي. وإذا استمرت مصر في جذب الشحنات لسنوات، فمن المحتمل أن تمتص جزءًا من الإمدادات الإضافية القادمة من مشروعات جديدة، مما يساعد في دعم الأسعار.
- البنية التحتية المصرية للغاز المسال
وتمتلك مصر، حاليًا 3 سفن تغييز، هي "هوج جاليون" التي تعمل فعليًا في ميناء سوميد بالعين السخنة، و"Energos Eskimo" و"Energos Power" في مينائي سوميد وسونكر.
وفي منتصف الشهر الجاري، أصدرت وزارة البترول بيان أوضح الطاقة الحالية لوحدات التغييز الموجودة بمينائي سوميد وسونكر تصل إلى 2.250 مليار قدم مكعب، ويجري تنسيق توقيتات شحنات الغاز واستخدامها والضخ منها على الشبكة القومية حسب الاحتياج التشغيلي المطلوب.
- الغاز أحد أكبر الأعباء الاقتصادية
وقال ريكاردو فابياني، المدير المؤقت لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: "نقص الغاز الطبيعي سيكون أحد أكبر الأعباء على الحساب الجاري لمصر والسيولة الدولارية في المستقبل المنظور".
عادت مصر كمُصدر صافٍ للغاز الطبيعي المسال في عام 2019 بفضل بدء الإنتاج من حقل "ظهر" العملاق التابع لشركة إيني الإيطالية، منهية عدة سنوات من توقف منشآت التسييل في دمياط وإدكو بسبب نقص إمدادات الغاز المحلية.
- عائدات تصدير الغاز الأعوام الماضية
وكان استئناف التصدير بمثابة دفعة اقتصادية كبيرة. وبلغت شحنات الغاز الطبيعي المسال ذروتها عند نحو 9 مليارات متر مكعب في عام 2022، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية بعد الحرب الروسية الأوكرانية. وبلغت عائدات تصدير الغاز المصري 8.4 مليار دولار في 2022، مقارنة بـ3.5 مليار دولار في 2021، حسب بيانات حكومية.
لكن هذه الطفرة لم تدم طويلًا. ففي عام 2023، بدأ إنتاج الغاز المحلي في التراجع بنسبة مزدوجة الرقم سنويًا، وخاصة من حقل "ظهر" الذي انخفض إنتاجه عن ذروته.
ورفضت شركة إيني التعليق على الإمدادات الحالية، لكنها أكدت أن الإنتاج يسير حسب المخطط، وأنه خرج من مرحلة الذروة، وأن الاتجاهات الإنتاجية في "ظهر" تتماشى مع الحقول المشابهة حول العالم.
وكانت الشركة الإيطالية تخطط لحفر بئرين إضافيتين في "ظهر"، بعد أن بدأت الحكومة المصرية في تسوية المتأخرات المالية، حسب ما قاله المدير المالي للشركة فرانشيسكو غاتي في مكالمة أرباح في فبراير.
- ارتفاع الطلب المحلي وانخفاض الإنتاج
في الوقت ذاته، ارتفع الطلب على الغاز لتوليد الكهرباء نتيجة زيادة عدد السكان وارتفاع درجات الحرارة التي أدت إلى زيادة استخدام أجهزة التكييف. واضطرت القاهرة للاختيار بين إبقاء الأنوار مضاءة والتخلي عن تصدير الغاز الطبيعي المسال.
وبحلول عام 2024، عادت مصر لتصبح مستوردًا صافياً للغاز الطبيعي المسال. وقد انخفض إنتاجها الإجمالي من الغاز مؤخرًا إلى أقل من 4 مليارات قدم مكعب يوميًا، وذلك لأول مرة منذ يوليو 2016.
وكانت الحكومة المصرية قد كثفت من وارداتها من الغاز في العام الماضي ضمن خطة لإنهاء انقطاعات الكهرباء، وهي خطة نجحت إلى حد كبير. كما تواصل الحكومة سداد مستحقات الشركات الأجنبية شهريًا لتحفيزها على زيادة الاستثمارات.
وقال مارتين ميرفي، المحلل الرئيسي في "وود ماكنزي" لشؤون التنقيب في شمال أفريقيا وشرق المتوسط: "لكي تعود مصر إلى الاكتفاء الذاتي، فإن ذلك يتطلب نجاحًا كبيرًا في عمليات الاستكشاف وعدة سنوات لإدخال الاكتشافات الجديدة إلى السوق".
ـ الاعتماد على الاستيراد
ومع أن الخطط لتحفيز الإنتاج المحلي لم تدخل حيز التنفيذ بعد، فإن السلطات تركز على تأمين واردات طويلة الأجل وتحقيق الحماية من تقلبات الأسعار المرتبطة بالعوامل الجيوسياسية.
وبالإضافة إلى الغاز الطبيعي المسال، تشتري مصر الغاز من إسرائيل عبر خط أنابيب. وفي الشهر الماضي، أدى النزاع بين إسرائيل وإيران إلى الإغلاق الاحترازي لحقل "ليفياثان" في شرق المتوسط. وتوقفت الصادرات لأكثر من أسبوع، واضطرت القاهرة إلى قطع إمدادات الغاز مؤقتًا عن بعض الصناعات.
وفي إطار التكيف مع الواقع الجديد، توصلت مصر إلى اتفاقيات مع شركات عملاقة مثل أرامكو السعودية وترافيجورا وفيتول لاستيراد نحو 290 شحنة غاز طبيعي مسال من يوليو وحتى عام 2028. كما تجري محادثات مع قطر بشأن عقود طويلة الأجل.