اجتاح مقاتلون من قوات شبه عسكرية يستقلون مركبات وجمال وعلى الأقدام آخر معقل للجيش السوداني في دارفور اليوم الثلاثاء، مما أسفر عن مقتل واعتقال مئات الأشخاص في أحدث فظائع الحرب المستمرة في السودان منذ أكثر من 31 شهرا.
واجتاحت قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، فيما وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بـ"تصعيد فظيع" في الصراع.
وذكرت مجموعات طبية أن مقاتلي قوات الدعم السريع قتلوا عشرات المدنيين واعتقلوا مئات آخرين منذ سيطرتهم على قاعدة الجيش في المدينة أول أمس الأحد.
وقال الجيش إنه انسحب من مدينة الفاشر، على أمل إنقاذ المدنيين من مزيد من العنف بعد أكثر من عام من هجمات قوات الدعم السريع على المدينة. وأعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان أمس الاثنين، أن القيادة الموجودة في مدينة الفاشر، بمافيها لجنة الأمن، كان تقديرها بأنه يجب أن يغادروا المدينة "نسبة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين وأنهم رأوا أن يغادروا".
وكانت الفاشر آخر مركز إداري رئيسي في منطقة دارفور السودانية لا يزال تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية، وقد خضعت لحصار مكثف من قبل قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر، مما أدى إلى سقوط الكثير من الضحايا وتفاقم الأزمة الإنسانية.
وقالت الحكومة السودانية، في بيان مفاجئ، مساء اليوم الثلاثاء، إنها أمرت بطرد مدير برنامج الغذاء العالمي في السودان ومدير العمليات بالبرنامج، واعتبرتهما "شخصين غير مرغوب فيهما" دون إبداء الأسباب.
وأوضحت الحكومة أن أمام المسؤولين 72 ساعة لمغادرة البلاد. وأضافت أن "هذا القرار لا يؤثر على التعاون المستمر مع برنامج الغذاء العالمي في السودان".
من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر اليوم الثلاثاء أن خمسة من متطوعيه قتلوا في مدينة بارا بولاية كردفان أثناء توزيعهم الغذاء، مشيرا إلى أن ثلاثة متطوعين آخرين مفقودين. وقال الاتحاد إن الفريق كان يرتدي زيا موحدا يحمل شعار الهلال الأحمر.
وقال الاتحاد في بيان "أي هجوم على فرق المساعدات الإنسانية غير مقبول. نكرر بشدة دعوتنا إلى الاحترام التام لشعاري الصليب الأحمر والهلال الأحمر والخدمات الإنسانية الحيوية التي يمثلانها".
وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى إجراء محادثات فورية لإنهاء القتال في السودان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر.
وحث جوتيريش كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على التواصل مع مبعوثه الخاص إلى السودان رمطان لعمامرة دون تأخير، و"اتخاذ خطوات سريعة وملموسة نحو تسوية تفاوضية"، وفق ما جاء في بيان للمتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
وقال دوجاريك إن الأمين العام يشعر بـ"قلق بالغ" من التصعيد الأخير في القتال، ويدين انتهاكات القانون الإنساني الدولي المبلغ عنها، مضيفا أن جوتيريش "يشعر بقلق عميق" إزاء استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، وهو ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلا.
وشدد دوجاريك على أن المساعدات الإنسانية يجب أن تصل إلى المدنيين بسرعة ودون عوائق، مشيرا إلى أن الفاشر والمناطق المحيطة بها كانت "بؤرة معاناة" لأكثر من 18 شهرا، حيث تحصد المجاعة والأمراض والعنف أرواح المدنيين يوميا.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 صراعا دمويا على السلطة بين الحاكم الفعلي للبلاد عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الصراع إلى انقسام دائم للبلاد، فيما تعتبر الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان هو الأسوأ في العالم حاليا.