توقع أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد التونسي بين 2.3 و2.4% خلال العام الجاري 2025، مشيرًا إلى أن تحقيق نسب أعلى يبقى رهين تواصل انتعاش أربعة قطاعات أساسية.
وقال الخبير الاقتصادي بمقابلة مع الأناضول، إن القطاعات التي دفعت النمو في الفترة الأخيرة هي الفوسفات (9.5%)، والزراعة (9.8%)، والبناء والأشغال العامة (9.6%)، إلى جانب القطاع السياحي الذي سجل نسبة لا تقل عن 7% خلال الربع الثاني من العام 2024.
وأوضح أن الحكومة التونسية تتوقع نموا بنحو 3.2% في العام المقبل 2026، لكنه وصف ذلك بأنه تقدير "صعب التحقق".
وأرجع الشكندالي صعوبة تحقيق توقعات الحكومة إلى أن هذه النسبة تتطلب تسجيل معدل نمو يفوق 4% في النصف الثاني من العام الجاري، وهو ما لم يرجّحه.
تفاؤل دولي حذر
وأشار الخبير إلى أن البنك الدولي راجع توقعاته للنمو في تونس من 1.9 إلى 2.6 بالمئة خلال 2025، مدفوعًا بتحسن الإنتاج الزراعي خاصة زيت الزيتون والحبوب.
في المقابل، توقّع صندوق النقد الدولي في تقريره "آفاق الاقتصاد العالمي" أن يبلغ نمو الاقتصاد التونسي 2.5% في 2025 و2.1% في 2026.
أما الحكومة التونسية فتتوقع - وفق مشروع قانون المالية - نمو الناتج الداخلي الخام بين 2.4 و3.2% مع خفض تدريجي للتضخم إلى أقل من 5%.
جدير بالذكر أن الاقتصاد التونسي سجل خلال العام الماضي 2024 نموًا لم يتجاوز 1.4%.
تونس ملتزمة بسداد ديونها
وتعليقًا على ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية بشأن تسديد تونس 125 بالمئة من التزاماتها الخارجية حتى نهاية سبتمبر 2025، قال الشكندالي إن "تونس لم تتخلف يومًا عن سداد ديونها الداخلية أو الخارجية".
وأوضح أن "الحديث عن نسبة 125 بالمئة يحتاج إلى تدقيق، إذ يشمل إجمالي خدمة الدين الخارجي لجميع الفاعلين الاقتصاديين، بما في ذلك الدولة والبنك المركزي والبنوك الخاصة".
وبيّن أن المبلغ الإجمالي المسدد بلغ 10.5 مليارات دينار (3.5 مليارات دولار)، في حين أن أصل الدين الحكومي وحده 8.5 مليارات دينار (2.8 مليارات دولار).
وبناء عليه، أكد الشكندالي أن الحكومة سددت جميع التزاماتها حتى 30 سبتمبر، ولم يتبقَّ سوى قسطين صغيرين يُسدّدان قبل نهاية العام.
صعوبة توفير تمويل خارجي
ولفت الخبير إلى أن تونس تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على تمويلات خارجية، موضحًا أن "الدولة رصدت في ميزانية 2023 قروضًا خارجية بقيمة 14.5 مليار دينار (5 مليارات دولار) لكنها لم تحصل سوى على 5.8 مليارات دينار (نحو ملياري دولار)".
وفي 2024، ضاعفت الحكومة المبلغ المجدول إلى 16.5 مليار دينار (5.5 مليارات دولار) لكنها لم تحصل سوى على 3.5 مليارات دينار (1.1 مليار دولار)، وفق الشكندالي.
وقال إن "تراجع الترقيم السيادي لتونس وتعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي جعلا الممولين والدول الصديقة مترددين في الإقراض، بما في ذلك مؤسسات إقليمية كالبنك الإفريقي للاستيراد والتصدير".
الاقتراض الداخلي حلّ مقلق
وأضاف الشكندالي أن "صعوبة تعبئة الموارد الخارجية دفعت الحكومة إلى الاقتراض الداخلي وخاصة من البنك المركزي"، معتبرًا أن هذا التوجه يتعارض مع القانون الأساسي للبنك الذي لا يسمح بتمويل الدولة إلا في حالات استثنائية.
وأوضح أن تونس اقترضت من البنك المركزي نحو 7 مليارات دينار (2.3 مليار دولار) في عامي 2024 و2025، وهو ما وصفه بأنه "تحول من الاستثناء إلى القاعدة".
وقال إن توسيع الاقتراض الداخلي سيؤثر سلبًا على تمويل القطاع الخاص، مضيفًا أن "الشركات والأفراد سيجدون صعوبة في الحصول على القروض، بينما يؤدي ضخ سيولة إضافية في السوق إلى زيادة التضخم بدل الحدّ منه".
وفي نهاية حديثه، شدّد الشكندالي على أن تحقيق نمو مستدام يمرّ عبر استمرار انتعاش القطاعات الإنتاجية الأربعة، وتنويع مصادر التمويل، واستعادة الثقة مع المؤسسات الدولية.
وأكد في الوقت نفسه على أن تونس - ورغم الصعوبات - مستمرة بالوفاء بالتزاماتها المالية ومواصلة سداد ديونها في مواعيدها.