لى مبدأ أحاول مهما قست الظروف وتبدلت الأحوال التمسك به.. ويؤسفنى أن الغالبية العظمى ــ فى مجتمعنا على الأقل ــ تتمسك بنقيض هذا المبدأ، لا يختلف فى ذلك مثقفهم عن جاهلهم ولا متدينهم عن عاصيهم.. ليس هذا فحسب، بل إنها لتستهجن أدنى محاولة لإقناعها بمجرد التفكير فى إنسانية وعقلانية وبديهية هذا المبدأ حتى وإن لم تعتنقه.. المبدأ ببساطة يقوم على توطين النفس ــ بمعنى برمجة العقل ــ على قبول الرأى السديد المتوافق مع الحكمة بغض النظر عن شخص وأخلاق وثقافة ومواقف صاحبه.. وبغض النظر عن التزامه الشخصى بهذا الرأى من عدمه.. وبغض النظر عن السياق المحيط حتى ولو تناقض بفجاجة مع الطرح توقيتا أو ملاءمة أو أى شىء آخر!
هذا عن المبدأ.. المثال التطبيقى ربما يُفصّل الأمر بصورة أكثر تبسيطا.. ولا أفضل من حادثة (كلب الهرم) التى صارت الأشهر بين المصريين اليوم للتدليل والشرح.. فوفقا للمبدأ الذى أتمسك به لا أجد أى غضاضة من تناول كل هذه البرامج ولا كل هذه الصحف لوحشية منفذى جريمة قتل (الكلب).. لا أجد أى غضاضة وأنا أسمع الإعلامى الذى يبرر قتل الآدميين بمنتهى طلاقة اللسان وهو يستشهد اليوم بأحاديث نبوية عن الرحمة والرفق.. بالحيوان!
ليس عندى مشكلة فى أمر النائب العام بالقبض على (المتوحشين) قتلة (الكلب) ولا فى إتمام العملية أمنيا بمنتهى السرعة والدقة والحسم!
متعاطف أنا مع كل من استنكر الجريمة وعقد لها وقفات احتجاجية ــ دون استصدار تصريح من الأمن بالمناسبة ــ واستشعر حقيقة صدق مشاعرهم.. ولم أفكر ولا للحظة واحدة وأنا أتأمل يافطات رفعوا عليها أحاديث النبى (صلى الله عليه وسلم) عن الرحمة، لا أفكر كما يفكر الآخرون بالسخرية من تناقض صارخ فى تفاعل نفس الفئات مع حالات قتل البشر وتعذيبهم وامتهان كرامتهم.. وبهذا أكون وفيا للمبدأ.. فى نظر نفسى على الأقل!
صديقى الإعلامى أنا صدقت مشاعرك وتفاعلت معها وقبلت منك طرحك بمنتهى التقدير، وكلى شوق أن أستشعر نفس غضبك وحميتك وأنت تتحدث الليلة عن حادث تعذيب وقتل محامى المطرية.. مشغول الليلة؟ لنجعلها غدا؟ الأسبوع المقبل؟ تغريدة حتى؟ تنويه بسيط.. أى شىء؟!