فى عوالم الذهب.. استكشاف تاريخ إفريقيا الغنى - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:33 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى عوالم الذهب.. استكشاف تاريخ إفريقيا الغنى

نشر فى : الأحد 6 يناير 2019 - 12:00 ص | آخر تحديث : الأحد 6 يناير 2019 - 12:00 ص

نشرت مجلة Spectator الإنجليزية مقالا للكاتب «أليكس كولفيل» عن أهمية تاريخ إفريقيا فى العصور الوسطى وذلك من خلال عرض كتاب «The Golden Rhinoceros: Histories of the African Middle Ages» للمؤرخ الفرنسى «فرانسوا كزافييه فوفيل» والذى نشر فى أكتوبر 2018. يمزج «فوفيل» بعناية بين الأدلة المكتوبة والأثرية لعرض قصة لا تُنسى بشكل دقيق.
يعتبر حصن يسوع نقطة جذب رئيسية فى ميناء مومباسا الكينى، وهو عبارة عن حصن ضخم ملون يطل على المحيط الهندى. وكانت منطقة تسودها النخيل والمآذن. فى عام 1505، قام الأسطول البرتغالى «أرمادا» بنهب الثروات وإشعال النيران فى المدينة، وذلك بعد فترة وجيزة من «اكتشافها» على يد المكتشف البرتغالى فاسكو دا جاما.
فى بعض الأحيان يؤرخ البعض بداية التاريخ الإفريقى بمجىء البرتغاليين ــ وهى قصة لا تدور حول إفريقيا بحد ذاتها، بل تدور حول اكتشافات الأوروبيين المحيرة الذين اكتشفوا قارة مظلمة. وإذا نظرنا إلى إفريقيا قبل عام 1505، فإننا نجد عالما فارغا كواحد من خرائط دا جاما. وقد أدى هذا إلى اعتقاد الكثيرين، مثل هيغل فى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، أن إفريقيا «ليست جزءا تاريخيا من العالم».
فى كتاب The Golden Rhinoceros للمؤرخ الفرنسى «فرانسوا كزافييه فوفيل»، يضع الكاتب وصول البرتغاليين فى نهاية القصة للتأكيد على عدم اعتباره عصرا ذهبيا للحضارة الأفريقية. لكن حتى لو بقى حصن يسوع والآثار الإمبراطورية الأخرى قائمة، لا يزال هناك القليل اليوم لإظهار ما جعل البرتغاليين يطمحون فى مومباسا إلى هذا الحد. اختفت منذ فترة طويلة القصور والمساجد التى بنيت بالكامل من الشعاب المرجانية، والتى اجتذبت التجار من المحيط الهندى، حيث كانوا يبادلون التوابل الفارسية والزجاج الفينيسى والخزف الصينى من أجل الذهب والعبيد الذين وصلوا من داخل القارة فى ظروف غامضة.
كانت مومباسا نفسها نقطة فى شبكة من المدن الساحلية المزدهرة التى أنشأتها السواحلية، وهم شعب كانت ثقافته مزيجا فريدا من اللغة العربية والإفريقية التى تطورت على مدى قرون. تم الكشف عن أنقاض أكثر من 170 مستوطنة حتى الآن، تمتد من الصومال إلى موزمبيق. كما أن الهياكل المهملة لبعض هذه المدن القوية والمزدهرة، التى غمرتها الآن غابات كثيفة، تندفع من حين لآخر عبر الأشجار فى البحر.
يفجر كتاب Golden Rhinoceros عوالم جديدة من ماضى إفريقيا فى العصور الوسطى ــ وهو الوقت الذى بدأ فيه التجار يقيمون روابط مع الممالك القديمة، الممتدة من المغرب إلى جنوب إفريقيا فى العصر الحديث، إلى أن أقيمت شبكات أوسع من السلطة والثروة والدين والسلع والأفكار. لقد قدم «فوفيل» صورة مجمعة للقارة من 34 مصدرا مختلفا، كل منها متعلق بالتجارة، وناقش ذلك ببلاغة فى فصول مختصرة. إنها نقاط الضوء التى عند جمعها، تضىء مساحات شاسعة من القارة المظلمة، بدءا من مجىء الإسلام فى الصحراء الغربية فى القرن السابع، إلى مناجم الذهب التى يبلغ عددها 4 آلاف تزرع فى زيمبابوى فى القرن الرابع عشر.
يغطى عمل «فوفيل» الذى تم ترجمته حديثا جانبا من جوانب التاريخ الذى يحتاج إلى الكثير من الفحص والدعاية. فمن الجدير بالذكر أن خزانة الكتب الضخمة عن التاريخ الإفريقى فى متجر «ووترستون» الرئيسى فى بيكاديللى لم تضم سوى عملين فقط خلال هذه الفترة (فترة العصور الوسطى) التى تمتد على مدى 900 عام، فمعظم الكتب عن السياسة المعاصرة والإمبراطورية ومانديلا.

حتما، يتمثل التحدى الكبير فى التاريخ الإفريقى المبكر فى الافتقار إلى مصادر. تعتمد العديد من الثقافات على التقاليد الشفهية، التى تكون موثوقيتها موضع تساؤل دائما. فعلى سبيل المثال هناك حديث عن أنه تم بناء القصور والمقابر الموجودة فى مملكة بوغندا من العشب، وهى مادة هشة مثل أوراق الخريف. لقد جعلت المسافات الشاسعة وعدم الاستقرار السياسى والمناخ القاسى الرحلات الاستكشافية خطرة، إن لم تكن مستحيلة. قضى عالم آثار فرنسى يوما ما عشرة أيام فى رحلة عبر الصحراء، على أمل العثور على الشحنة المهجورة لقطار الجمال الذى يعود إلى القرن الثالث عشر، بحيث لا يبقى سوى ما يكفى من الماء لمدة ست ساعات من العمل قبل العودة إلى الرحلة. لم يعثر على الموقع مرة أخرى.
وبالتالى، فإن مصادر «فوفيل» هى عبارة عن مجموعة من فتات أحجار متقنة فى وضع متعرج والذى مازال خاليا من المعرفة التى لا حدود لها. لا يزال الكثير غير معروف عن القارة. لكن الأطلال الغامضة للممالك الغنية والقوية ذات مرة، والتى تمتد على مدى قرون، لا تزال فى بعض الأحيان تنظر لفترة وجيزة من قبل المسافرين العابرين. تنتظر أعظم عواصم إمبراطوريات غرب إفريقيا، مالى وغانا، أن يكون قد عثر عليها فى مكان ما تحت رمال الصحراء المتحركة. يعطينا «فوفيل» إشارات محيرة لما تبقى من قارة غير مكتشفة، تحكمها روح أوزيماندياس.
إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى:

التعليقات