عاموس يادلين
• عملية القتل الوحشى الجديدة للصحفى الأمريكى بالأمس على يد داعش أثارت رعبا عاما وصل إلى إسرائيل من هذا التنظيم الإرهابى، لكن هذا يجب أن يتوقف. فعلى الرغم من الفظائع التى يرتكبها هذا التنظيم، فهو يتحرك على بعد مئات الكيلومترات من حدودنا، وحتى لو كان أقرب فثمة شك فى أنه قادر على مهاجمة إسرائيل وسكانها.
• فى نهاية الأمر هذا التنظيم عبارة عن بضعة آلاف من إرهابيين لا رادع لهم يتنقلون على متن شاحنات صغيرة ويطلقون النار من كلاشينكوفاتهم ومن رشاشاتهم. ويقدّر عدد أفراد التنظيم مع الميليشيات التى انضمت إليه بنحو 10 آلاف مقاتل، أى ما يعادل نصف قوة «حماس» العسكرية. وهو على عكس «حماس» الموجودة بالقرب من السياج الحدودى، لا يملك أنفاقا ولا سلاح مدفعية، وليست لديه القدرة الاستراتيجية على مهاجمة دولة إسرائيل، وليس لديه حلفاء يمكن أن يقدموا له سلاحا صاروخيا متطورا. ولا يختلف الخطر الذى يمثله داعش كتنظيم جهادى عالمى على إسرائيل، بصورة جوهرية، عن خطر القاعدة الذى تتعايش إسرائيل معه منذ أكثر لا من عشرة أعوام.
• إذا حوّل داعش اهتمامه من العراق نحو إسرائيل، فإنه سيصبح فريسة سهلة للاستخبارات الإسرائيلية ولطائرات سلاح الجو والسلاح الدقيق الذى يملكه الجيش الإسرائيلى. وفى اللحظة التى سيواجه فيها داعش جيشا عصريا سيضطر إلى النزول من شاحناته مما سيقلص قدرته على التحرك فى اتجاه إسرائيل. وفى هذه الأثناء، يواجه داعش عددا كبيرا من الأعداء الآخرين، بعضهم يقف حاجزا بيننا وبينه، مثل جيوش العراق والأردن ولبنان، وحتى عدوّنا الشيعى اللدود حزب الله.
• لقد ألّب داعش ضده تحالفا واسعا يسعى إلى القضاء عليه، وهو يتكون من: روسيا، تركيا، إيران، الميليشيات الكردية (البشمركة)، دول الخليج، السعودية، الأردن، الجيش السورى، الجيش اللبنانى، حزب الله وإسرائيل. ويمكن أن نسجل لهذا التنظيم إنجازا آخر، فقد نجح فى إعادة الجيش الأمريكى فى ظل إدارة أوباما، إلى العراق من جديد. وإلى جانب الضربات الجوية الأمريكية التى تجرى فى هذه الأيام، يعمل وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى على تشكيل ائتلاف دولى واسع للقضاء عليه.
• بناء على كل ذلك، فإن داعش لا يشكل خطرا على إسرائيل فى المدى القريب. وبمعنى من المعانى، فإن صعود هذا التنظيم يقدم لإسرائيل فرصا استراتيجية للتعاون مع الدول المعنية بالقضاء عليه. فبالنسبة للولايات المتحدة لا شك فى أن التعاون الاستخباراتى واللوجستى والدبلوماسى معها سيساعدنا فى تحسين علاقات الثقة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأمريكى. أما فيها ما يتعلق بأوروبا، فإن تقديم هذه المساعدة سيذّكر الأوروبيين بأننا فى نهاية الأمر نحارب التطرف الإسلامى معا. أما فى ما يتعلق بدول المنطقة، وفى طليعتها الدول السنية المعتدلة، فمن الممكن إقامة علاقات عمل وثيقة بين الأجهزة الأمنية.
• يتمثل الخطر المباشر الذى يمثله داعش على إسرائيل فى تحويل الانتباه داخل إسرائيل وفى العالم عن المشروع النووى الإيرانى الذى هو الخطر الاستراتيجى الحقيقى على أمن العالم وعلى أمن إسرائيل. لذا يتعين علينا على الرغم من مشاهد الفظاعات المرتكبة فى العراق وسوريا المحافظة على جدول أعمال ذكى والتركيز على الأساسى. فالهدف الاستراتيجى الأكثر أهمية بالنسبة للأمن القومى الإسرائيلى لم يتغير، وهو لا يزال منع حصول إيران على السلاح النووى.