إلى كرة القدم التى لا نعرفها - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 أكتوبر 2025 10:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

إلى كرة القدم التى لا نعرفها

نشر فى : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 7:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 7:35 م


** تذكروا تاريخ 6 أكتوبر 2025، فقد قررت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبى لكرة القدم الموافقة بشكل استثنائى على إقامة مباراة فى الدورى الإسبانى بين برشلونة وفياريال فى شهر ديسمبر فى ميامى بالولايات المتحدة وأن يلعب ميلان وكومو مباراة فى الدورى الإيطالى فى بيرث، بأستراليا، على بُعد 20 ساعة طيران فقط من إيطاليا، فى فبراير 2026.
* إن إقامة مباريات فى أهم مسابقات الدولة وهو الدورى، يُمثل نقطة تحول حزينة، وهو أمر يدفع بكرة القدم إلى لعبة تختلف عن تلك التى عرفها جمهورها منذ عشرات السنين. فمن جهة كيف تلعب مباراة خارج حدود دولة لفريق ما دون منح هذا الحق للفرق الأخرى التى تلعب فى المسابقة نفسها، إن هذا يمثل بداية انهيار مبدأ تكافؤ الفرص. ويمثل أيضا تخليا من جانب الاتحادات الأهلية والقارية عن سلطتها وعن هيبتها وعن نظمها.. وهذا يمثل أيضا سطوة المال وسيطرته على كرة القدم. * ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبى لكرة القدم قال : «مع أنه من المؤسف السماح بإقامة هاتين المباراتين، إلا أن هذا القرار استثنائى ولا ينبغى اعتباره سابقة».
** أعتقد أنه أصبح سابقة، وسوف تنفتح الأبواب على مصراعيها مستقبلا أمام فرق أخرى تطلب اللعب فى خارج الدولة مبارياتها الرسمية بحثا عن المال، وهو الأمر الذى روجت له شركة شركة ريليفنت الأمريكية، وهو الأمر الذى أشرت إليه فى مقال هنا يوم 17 سبتمبر الماضى، حيث ظلت هذه الشركة تروج لهذه الفكرة منذ سنوات، باعتبار أن منتج كرة القدم الأوروبية يستحق المشاهدة فى الولايات المتحدة وخارج نطاق الدوريات المحلية الأوروبية. وقد عرقل الفيفا والاتحاد الإسبانى لكرة القدم محاولات نقل مباراة جيرونا ضد برشلونة فى عام 2018، وأتلتيكو مدريد ضد فياريال فى عام 2019. ولكن بعد تسوية قانونية مع ريليفنت سبورتس عادت المحاولة للحياة وربما السر فى العقد الذى وقعته شركة ريليفنت مع الاتحاد الأوروبى لمدة ست سنوات للحصول على حقوق البث التجارى العالمى!
** إنه المال والأرباح التى حركت هذا الاتجاه. لكنه خطر حقيقى يهدد مسابقات الدورى المحلية. ويهدد الكرة الاحترافية إذ يمكن الآن نظريًا لعب أى مباراة فى أى مكان، أينما كان هناك مزاد أعلى، وتدريجيا سوف يصبح أى دورى مجرد حدث يُلعب على أرض الوطن أحيانا.. فهل هذا مقبول أو معقول؟
** لقد أمضى رئيس رابطة الدورى الإسباني، خافيير تيباس، أكثر من سبع سنوات فى العمل على إقامة مباراة دورى لبرشلونة فى ميامى، فى محاولة لمواكبة الدورى الإنجليزى الممتاز ذلك الكيان الضخم الذى يدر الأموال والأرباح والذى تأسس من خلال النموذج الأمريكى للتمويل الرياضي. وقد فعل الإنجليزوآخرون ذلك لأن عالم كرة القدم بأكمله ينظر إلى الولايات المتحدة كأنها بنك تمويل أو كجهاز صراف آلى بلا رقم سرى، يجذب المسابقات واحدة تلو الأخرى. واللافت للنظر هنا عدد ملاك الأندية الإنجليزية من رجال أعمال أمريكيين وهم العدد الأكبر ضمن الملاك الأجانب للأندية الإنجليزية. وهكذا ستكون الأندية الآن حرة فى السعى وراء الإيرادات أينما وجدتها.
** سيخوض فياريال 18 مباراة على أرضه هذا الموسم، مقابل 19 مباراة لجميع فرق الدورى الإسبانى الأخرى، مما يقلل عدد مباريات جماهيرهم فى مدينتهم بمباراة واحدة، على الرغم من أنهم سيتلقون تعويضات بعروض رحلات مجانية إلى ميامي. ويذكر أن ريال مدريد قاتل من أجل تأسيس مسابقة دورى السوبر الأوروبى فى إطار سباق التسلح المالى الذى بات مثل سابقات تسليح الدول لحماية اراضيها.
**أصدر ريال مدريد بيانا قال فيه تعليقا على قرار اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبى: «تتطلب نزاهة المسابقة إقامة جميع المباريات فى ظل نفس الظروف لجميع الفرق وتعديل هذا النظام من جانب واحد يخل بالمساواة بين المتنافسين، ويضعف شرعية النتائج، ويرسخ سابقة غير مقبولة تفتح الباب أمام استثناءات قائمة على مصالح غير رياضية وستكون العواقب خطيرة على كرة القدم».
** كذلك عارضته رابطة لاعبى كرة القدم المحترفين الإسبان، وكذلك رابطة مشجعى كرة القدم فى أوروبا لأنه : «يجب أن تُلعب كرة القدم فى أوروبا، ويجب أن يتمكن المشجعون من مشاهدتها فى منازلهم. لا يمكنهم السفر إلى أستراليا أو الولايات المتحدة لمشاهدة فرقهم».
** نحن فى الطريق إلى كرة قدم لا نعرفها!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.