هزيمة قاسية فى الأمم المتحدة.. هكذا انحدرت إسرائيل إلى حضيض دبلوماسى جديد - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 26 سبتمبر 2025 1:49 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

هزيمة قاسية فى الأمم المتحدة.. هكذا انحدرت إسرائيل إلى حضيض دبلوماسى جديد

نشر فى : الخميس 25 سبتمبر 2025 - 9:00 م | آخر تحديث : الخميس 25 سبتمبر 2025 - 9:00 م

فى ختام المؤتمر الفرنسى - السعودى، الذى عُقد يوم الإثنين الماضى فى الأمم المتحدة، يبدو كأن إسرائيل تلقّت هزيمة دبلوماسية قاسية. فبعد أن صُورت كضحية، عقب الهجوم الذى شنّته «حماس» فى 7 أكتوبر، الآن، تجد إسرائيل أنها تنقاد، قسرًا، إلى مسارات إشكالية، لقد اعترفت 153 دولة باستقلال الشعب الفلسطينى، وبحقه فى دولة خاصة به. وبذلك تبددت عقود طويلة نجحت خلالها إسرائيل فى منع اعتراف من هذا النوع، ونشأ واقع سياسى جديد. وفى الأمس، كان واضحًا فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة أن إسرائيل فى حضيض دبلوماسىَّ جديد.
إذا كان الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى الماضى اقتصر على دول عدم الانحياز والدول العربية، فإن الوضع الآن تغيّر: لقد قالت دول «العالم الحر»، والديمقراطيات المستنيرة والمهمة، كلمتها: فرنسا، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا، وإسبانيا، فضلًا عن دول فى الاتحاد الأوروبى ذات وزن سياسى وأخلاقى كبير، ومعروفة باللغة الدبلوماسية بأنها «الدول المتقاربة فى الفكر». هذه المرة، لم تكتفِ تلك الدول بالاعتراف، بل هى التى قادت الخطوة فى الأمم المتحدة. يقدّرون فى إسرائيل أن الديمقراطيات القليلة التى لم تعترف بالدولة الفلسطينية بعد - مثل فنلندا واليابان وكوريا الجنوبية- ستفعل ذلك، عاجلًا أم آجلًا.
بعد موجة الاعترافات، لا يريد العالم أن يرى «إجراءات انتقامية» من إسرائيل، مثل ضم أجزاء من الضفة الغربية والأغوار، إذ ستُفسَّر أىّ خطوة فى هذا الاتجاه بأنها استفزاز، ومن المرجح أن تؤدى إلى موجة من الإدانات، وربما قطع علاقات، أو إلى اتخاذ قرارات فى مجلس الأمن.
قد يرى البعض أن تصريحات قادة العالم، التى تعترف بحق الفلسطينيين بإقامة دولة، «إنجازات». لكن على سبيل المثال، يمكن اعتبار المطالبة بالإفراج عن المخطوفين لدى «حماس» فى قطاع غزة، وبنزع سلاح الحركة، إنجازًا أيضًا. وبات من الواضح للجميع أن كرة الثلج التى تدحرجت قبل أيام فى نيويورك ستزداد قوة.
فى هذه الأثناء، لا تزال إدارة ترامب تدعم إسرائيل وتعارض هذا الاعتراف، لكن يجب التحذير من أن إسرائيل لا تستطيع وضع «كل بيضها فى سلة واحدة»، إذ لا يمكن توقُّع ردات فعل الرئيس الأمريكى الذى قد يغيّر موقفه بسرعة بدافع مصالح أخرى.
إن التحدى الأكبر الآن هو التوصل إلى نهاية سريعة وناجحة للحرب فى غزة، بدعم أمريكى، الأمر الذى سيسهل على إسرائيل، على الأرجح، تقليص الجوانب العملية لعزلتها، التى قد تشمل تفاقُم المقاطعة الاقتصادية، وتظاهرات فى مختلف أنحاء العالم، وملاحقة الإسرائيليين فى الخارج، ومظاهر معاداة السامية ضد يهود الشتات، والإقصاء من الفعاليات الرياضية والثقافية، وغير ذلك.

هل هناك إنجازات؟
فيما يتعلق بالإنجازات الممكنة، فإن ألمانيا لم تنجرّ بعد وراء التسونامى السياسى ضد إسرائيل، لكن لا يمكن اعتبار ذلك إنجازًا إسرائيليًا خالصًا؛ فى الأساس، ينبع هذا من التاريخ بين الألمان واليهود، وفى ظل فظائع الهولوكوست، التى تجعلهم أكثر حذرًا عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. ومن المرجح أن الأمر ينطبق أيضًا على إيطاليا. أمّا الدولتان الإضافيتان اللتان لم تنضما إلى الموجة - هنغاريا وتشيكيا - من المرجح أنهما فعلتا ذلك، لأنهما تنتهجان خطًا معارضًا للاتحاد الأوروبى فى كل قضية تقريبًا، وكذلك، الأرجنتين، برئاسة الرئيس المؤيد لإسرائيل خافيير مايلى، التى عارضت الخطوة الحالية - على الرغم من أنها، على غرار هنجاريا وتشيكيا، اعترفت فى الماضى بحق الفلسطينيين فى إقامة دولة.
مع ذلك، من المهم الإشارة إلى أنه على الرغم من أن بلجيكا أعلنت اعترافها بحق الفلسطينيين فى دولة، فإنها اشترطت ذلك فقط بإطلاق سراح جميع الرهائن من الأسر وتجريد «حماس» من سلاحها.
إن الإنجاز المهم لإسرائيل كان فى إقناع اليابان بعدم الاعتراف بدولة فلسطين فى هذه المرحلة، بعد أن أعلن وزير الخارجية اليابانى تاكيشى إيوايا أن اليابان تؤيد حلّ الدولتين، لكنها ستمتنع فى الوقت الراهن من الاعتراف بدولة فلسطين. ومع ذلك، شدد المسئول اليابانى على أن الدولة الفلسطينية «ليست مسألة إذا بل مسألة متى».

اتجاهات نتنياهو
فيما يتعلق بردّ نتنياهو على موجة الاعترافات، وعلى الافتراض أن ترامب لن يسمح له بالمساس باتفاقات أبراهام، وسيمنع خطوة الضم الكامل، أمام رئيس الوزراء اتجاهات عدة: الاتجاه الأول هو معاقبة فرنسا، صاحبة المبادرة، بخطوات دبلوماسية، واتخاذ خطوات أيضًا ضد السلطة الفلسطينية ورئيسها أبو مازن، والتى دفعت بالمبادرة من وراء الكواليس، وزجّت إسرائيل فى المحاكم الدولية فى لاهاى.
يعتقد الأميركيون أن ماكرون قام بخطوة علاقات عامة فقط، ولا يعيرون إنجازَه الدبلوماسى اهتمامًا كبيرًا. لذلك، قد يمنح ترامب نتنياهو الضوء الأخضر للتحرك سياسيًا ضد فرنسا. هذا الأمر قد يورط إسرائيل ويُدخلها فى تبادُل ضربات دبلوماسية، وماكرون ينتظر ذلك، فقط ليُظهر قوته.
الاتجاه الثانى الذى يمكن أن تسلكه إسرائيل هو حلّ السلطة الفلسطينية، وعمليًا، إلغاء اتفاقيات أوسلو. ستجرّ هذه الخطوة انتقادات حادة من العالم، وقد تضرّ بإسرائيل، وبالتعاون الأمنى مع الفلسطينيين. أمّا الخيار الثالث - الجلوس من دون فعل أى شىء - فهو غير موجود فى قاموس هذه الحكومة، ومن شبه المؤكد أنها سترغب فى ردّ قوى، على الأقل لردع - من وجهة نظرها - دول أُخرى تفكر فى الانضمام إلى الاعتراف لاحقا.
أحد الاتجاهات التى اختارتها إسرائيل بشكل فعلى هو تشجيع المعارضة فى الدول التى اعترفت بدولة فلسطين على إدانة الخطوة. لقد تحدّث وزير الخارجية جدعون ساعر مع قادة المعارضة فى أستراليا وكندا وبريطانيا، وفعلًا، صدرت إدانات قوية من هؤلاء ضد خطوات حكوماتهم.

إيتمار أيخنر
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

من الصحافة الإسرائيلية أبرز المقالات من الصحف الإسرائيلية
التعليقات