حديث المشير السيسى الأخير الذى أجراه مع الكاتب الكويتى أحمد الجار الله حسم بصورة نهائية الجدل الدائر حول احتمال تردده بشأن الترشح من عدمه، ويبقى أن يحسم الآخرون بدورهم إذا ما كنا نتحدث عن منافسة حقيقية فلنصنعها بأيادينا وإلا فلا نلومن من يفوز بالتزكية لإحجام الخصوم.
وباعتبار السيسى هو المرشح الأوفر حظا حتى هذه اللحظة، فيجدر أن يتوجه الحديث بالتحليل إلى شخصه وبرنامجه قبل غيره من المنافسين المحتملين.. وهنا تحديدا أتوقف عند الهالة الناصرية التى يضفيها البعض إما عامدا أو غير قاصد كلما تناول السيسى بالذكر.
فرغم ما تشير إليه كثير من التكهنات حول الموقع المتميز للكاتب الصحفى الناصرى التسعينى محمد حسنين هيكل كمهندس لبرنامج السيسى أو على أقل تقدير تشير إليه كمحدد للخطوط العريضة لشكل علاقات مصر الدولية والإقليمية، ورغم حالة النشوة التى يعيشها كثير من أبناء الاتجاه الناصرى / الاشتراكى عقب الثلاثين من يونيو وحتى اللحظة الراهنة وعبر عنها كتاب رأى كمصطفى بكرى وعبدالحليم قنديل حازوا على نسبة الظهور الإعلامى الأكبر خلال الستة أشهر الماضية أو أحزاب كالمصرى الديمقراطى نالت نصيبا غير مسبوق فى التشكيل الحكومى، لكن يبدو أن هذه الصبغة الناصرية الطاغية على مشهد ترشح السيسى للرئاسة ليست حقيقية عند تدقيق البحث والدراسة.
السيسى ترك الجماهير ترفع صورته فى كل فعالية مقترنة بصورة ناصر، وترك أقلام الناصريين تتغزل فى قدراته وتبالغ فى تشبيهه بناصر فى كل تفصيلة وعند كل قرار، حتى فيما يختص بالعلاقات مع روسيا ردا على سياسات إدارة أوباما.. كل هذا وأكثر استفاد منه السيسى بذكاء رجل المخابرات دون أن يؤيده أو ينفيه على الأقل بصورة علنية.
ورغم تحفظى على فكرة الأحاديث المسربة سواء كانت لمكالمات هاتفية أو لاجتماعات خاصة لأسباب دينية وخلقية لكننى مضطر إلى الاعتماد على تسريبات لقاء السيسى بالصحفى ياسر رزق ومن قبلها تسريب مقاطع من لقاء جمعه ببعض قادة الجيش ديسمبر الماضى... هذه التسريبات رسمت بعض ملامح شخصية السياسى السياسية بعيدا عن هالة الغموض والضبابية المحيطة به، وكلها لا تصب فى خانة مشروع ناصرى جديد قدر ما تشير إلى توجه أقرب لما بدأه السادات من قبل سواء على المستوى الاقتصادى أو على طبيعة علاقات مصر الدولية... وهذا ما يحتاج إلى تفصيل أكبر.